سوريون ردا على سؤال النظام حول ماذا تعني «الشبيحة»: مبتزون يسعون وراء المال

الشبيح يتقاضى 40 دولارا يوم الجمعة

TT

أثار السؤال الذي وجهه النظام السوري إلى الجامعة العربية في إطار الرد على البروتوكول المقترح من هذه الأخيرة لحل الأزمة ومفاده: «ما المقصود بالشبيحة؟ ومن الذي أعطى هذا الاسم للجامعة العربية؟» ردود فعل ساخرة وغاضبة من قبل المعارضين السوريين.

ويقول الناشط السوري والباحث في علم الاجتماع أحمد موسى إن «وجود الشبيحة، الذين ينكرهم النظام اليوم، سابق على الثورة، لكنه تطور معها، وباتت له أبعاد جديدة. كان الشبيحة يعدون بالمئات، وربما بضعة آلاف في أحسن الأحوال، لكن فتح باب التطوع على مصراعيه للموالين للنظام، وتسليح الحزبيين البعثيين بعد الثورة، رفع عددهم بشكل كبير، بحيث بات يصعب إعطاء رقم دقيق ولو تقريبي عن حجمهم».

وبحسب ما يقول المعارضون، فإن «التشبيح صار نظاما متكاملا داخل النظام؛ لا بل إن بقاء الحكم الحالي أصبح مرهونا بنشاط الشبيحة وقدرتهم على قمع الناس، إذ إن أعداد جنود الجيش الموثوق بهم، وأفراد رجال الأمن، لا تكفي لضبط التمرد في المحافظات كلها».

ويشرح أحمد موسى: «الشبيحة عرفوا قبل الثورة بأنهم رجال مدنيون متنفذون، مرتبطون بشكل أساسي بعائلة الأسد لا سيما ماهر شقيق الرئيس السوري، وابني عمه فواز ومنذر، وآخرون. وهم عبارة عن عصابات مدنية مسلحة تعمل في شتى أنواع التهريب، خاصة في المناطق الحدودية. وليس لهؤلاء أي وظائف رسمية، لكنهم أصحاب نفوذ كبير، يحسب حسابه أي مسؤول في الدولة». ويكمل موسى: «أما بعد الثورة، فقد انضم إلى هؤلاء آلاف الأشخاص، ممن ارتضوا حمل السلاح الحربي، أو الأسلحة البيضاء لمواجهة المتظاهرين، مقابل معاشات تصل في بعض الأحيان إلى 1000 دولار في الشهر».

ويشرح المواطن الحلبي محمد إبراهيم (وهو اسم مستعار) أن «المتظاهرين في حلب يواجهون بشكل أساسي من قبل الشبيحة وليس الأمن أو الجيش. وهم الآن الذين يمسكون بزمام المدينة». وبحسب موسى: «الشبيحة في المناطق الساحلية من حمص إلى تلكلح وحتى في بانياس ودمشق وجسر الشغور وإدلب، ينتمي غالبيتهم إلى الطائفة العلوية. أما في المناطق الداخلية الأخرى فهم من السنة أو حتى المسيحيين». وهو ما يؤكده محمد إبراهيم الذي يقول: «الشبيحة في حلب هم سنة من أهل المنطقة، وبينهم كثير من المهربين والمنحرفين، والعاملين في بيع المخدرات والاتجار بالسلاح، وثمة مجرمون ومحكومون أفرج عنهم النظام، في إطار الإعفاءات التي تمت، وتحولوا إلى شبيحة».

ويؤكد محمد إبراهيم الذي شارك في مظاهرات حلب أن «الشبيح الصغير يتقاضى 40 دولارا يوم الجمعة، فيما ينخفض المبلغ إلى 10 دولارات خلال أيام الأسبوع. وبات يترك لهم في المدينة أمر أسر المتظاهرين وضربهم والتعامل معهم. وصار لهم من الطمع بحيث إنهم يقبضون على المتظاهر، وبدل تسليمه للأمن يحتفظ الشبيح بأسيره ويفاوض عليه أهله مهددا بأنه قد يسلمه للأجهزة المختصة إن لم يدفعوا المبلغ الذي يطلبه». ويضيف محمد: «حدث أن أسرني شبيح أثناء مشاركتي في إحدى المظاهرات وطلب من عائلتي أن تدفع أربعة آلاف دولار مقابل إطلاق سراحي وهو ما فعلوه، وأخلي سبيلي». ويشرح محمد أن «المبلغ يتراوح في الوقت الحالي بين ألفين وأربعة آلاف كما أنني شاهدت شبيحين يقتتلان على أسر رجل واحد، كل منهما يريد أن يفوز به ليستفيد من فديته». وحين نسأل لماذا يترك لهؤلاء أمر ابتزاز الناس يجيب: «حين يتم أسر المتظاهر، فإن الأمن يسجل اسمه، ويطلب إلى الشبيح تسليمه لأحد المراكز الأمنية مباشرة، لكن تفرع أجهزة الأمن، وكثرتها يجعل الشبيخ قادرا على المراوغة، بحيث لم يعد يعرف لمن تم تسليم هذا الشخص أو ذاك. هذا حين يكون شخصا عاديا. أما حين يتعلق الأمر بشخص ظهر في الإعلام أو عرف بدور تنظيمي كبير، فإن أحدا لا يستطيع تخليصه من العقاب». ويشرح المعارضون أن «المبالغ الكبيرة التي يطلبها الشبيحة ليست بالضرورة متوافرة في أيدي الناس، عندها يتم التبرع من قبل تجار ومعارضين ميسورين لتخليص رقاب المعتقلين».

وحين نسأل: ألا يمكن أن يشكل نظام التشبيح خطرا على النظام الرسمي، في حال انقلب الشبيح بعد أن أعطي السلاح وتحول إلى معارض، يجيب معارضون بأن «التراجع غير مسموح، والشبيحة قد يتخلصون ممن خانهم وتراجع عن أداء مهمته». أحمد موسى يقول: «الشبيحة في سوريا تماما مثل البلطجية في مصر أو كتائب القذافي في ليبيا؛ إذا سقط النظام سيسقطون معه، وسيغيرون وجهة أسلحتهم إلى مكان آخر».