الحكومة الإسرائيلية تغلق إذاعة «صوت السلام» العربية اليهودية

بضغط من قوى اليمين المتطرف

المذيع إيال راز خلال البث في استوديو إذاعة «صوت السلام» في القدس الشرقية (أ.ب)
TT

بعد ضغوط شديدة من قوى اليمين المتطرف، أصدرت وزارة الاتصالات الإسرائيلية أمرا بإغلاق إذاعة «صوت السلام»، التي تبث باللغتين العربية والعبرية من مدينة القدس الشرقية المحتلة. وقد ادعت الوزارة أن سبب الإغلاق فني محض، حيث إنها لا تحمل ترخيصا إسرائيليا بالعمل، فقد أكد المدير اليهودي للإذاعة، موسى راز، أن هذا قرار سياسي أهوج، يؤكد أن حكومة بنيامين نتنياهو لا تخاف من السلام فحسب، بل تخاف من إذاعة متواضعة تحمل اسم «صوت السلام».

وكانت الشرطة الإسرائيلية قد استدعت راز إلى التحقيق في محطتها في القدس، علما بأنه كان ذات مرة عضوا في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) عن حزب ميرتس، وكان قبلها قائدا لحركة السلام الآن، وأبلغته بأنه معتقل بتهمة خرق قانون البث، حيث إن الإذاعة تعمل بترخيص فلسطيني ولا تعمل بترخيص إسرائيلي. وأمروه بأن يتصل في الحال مع العاملين في الإذاعة ويأمرهم بإغلاق البث، وإلا فإنه سيظل معتقلا، فرضخ لهم وتوقف البث.

وقد أصدرت كتلة السلام، وهي حركة سلام إسرائيلية يقودها الصحافي أوري أفنيري، بيانا أدانت فيه هذا القرار، وقالت إنه يندرج في إطار هجمة شاملة تشنها حكومة اليمين الإسرائيلي، بقيادة بنيامين نتنياهو، على الديمقراطية وحرية التعبير، تستهدف أنصار السلام ودعاة حقوق الإنسان، وتستهدف المواطنين العرب، وتستهدف مجموعة من كبار الصحافيين اليهود الناقدين والصحافة الإسرائيلية بشكل عام، وتستهدف محكمة العدل العليا والجهاز القضائي كله. وأضافت أن الحكومة تحاول أن تخرس أي صوت ناقد.

المعروف أن إذاعة «صوت السلام» بدأت البث عام 2004، في زمن حكومة أرئيل شارون. وهو أيضا رفض منحها ترخيصا، مع العلم بأنها أقامت استوديوهاتها في حي الشيخ جراح، وهو أحد الأحياء المحتلة في القدس الشرقية. فاضطرت إلى وضع أجهزة البث في رام الله، حيث حصلت هناك على التراخيص الفلسطينية الرسمية لذلك. وقد بثت هذه الإذاعة برامج تتركز في عملية السلام وتشيد بأهميته، وفي نشاطات التعاون الإسرائيلية الفلسطينية والجمعيات الإسرائيلية والفلسطينية التي تديرها. وعمل فيها مديران، يهودي وعربي، ومذيعون وفنيون يهود وعرب، وبثت باللغتين، واستضافت متحدثين من الشعبين وكذلك من الضيوف الأجانب، وحرصت طول الوقت، على بث رسالة السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين. ولكن وبطبيعة الحال، من خلال تحيزها لعملية السلام، كانت منبرا لتوجيه الانتقادات للحكومة الإسرائيلية على سياستها المعادية للسلام، ولنشاط المستوطنين الإرهابي، ولكنها لم تدع للعنف، بل العكس.

وتعرضت «صوت السلام» في الآونة الأخيرة، إلى حملة تحريض واسعة من طرف أقطاب اليمين الإسرائيلي، وعلى رأسهم عضو الكنيست اليميني من حزب الليكود، داني دانون، الذي ادعى أن «الإذاعة تقوم بالتحريض على أعمال العنف ضد المستوطنين وقوات الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، قبيل تقديم الطلب الفلسطيني لعضوية الدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة».

وقد لقي قرار إغلاق الإذاعة انتقادات شديدة. فنددت نقابة الصحافيين الفلسطينيين به، وأكدت في بيان لها صدر أمس أن «هذا القرار يأتي في إطار سياسة التضييق التي تتبعها إسرائيل ضد حرية الصحافة والتي تنتهك حقوق الصحافيين»، مؤكدة أنها «ستعمل على متابعة هذه الأمر غير القانوني مع كافة الجهات ذات العلاقة». فيما قالت كتلة السلام الإسرائيلية إنه «لو كانت لدينا حكومة عاقلة، لكانت منحت ترخيصا لهذه الإذاعة، من دون الحاجة لتقديم طلب، ولقدمت لها جائزة على بثها. فهي إذاعة تعمل من أجل السلام في وقت غاب فيه السلام».