«الأصالة والمعاصرة» ينافس «العدالة والتنمية» لاحتلال المرتبة الأولى في طنجة

حزب الاستقلال رشح «ماكينة انتخابية».. و«الاتحاد الاشتراكي» يسعى لترميم أوضاعه

اثنان من أنصار إدريس لشكر الوزير الوحيد الذي ترشح في الرباط يوزعان منشوراته الانتخابية (تصوير: منير امحيمدات)
TT

يطبع الفتور الحملة الانتخابية في طنجة، كبرى مدن شمال المغرب، ولا تزال الحملة باهتة قبل 4 أيام من يوم الاقتراع، وتسود تخوفات كبيرة من ضعف المشاركة بسبب تأثير مظاهرات حركة 20 فبراير، الداعية للمقاطعة واستياء الناخبين من نخبهم التقليدية. بلغ عدد الأحزاب التي دخلت المنافسة على المقاعد الخمسة المخصصة لمنطقة طنجة في مجلس النواب 22 حزبا، غير أن عددا من هذه الأحزاب لن تستطيع الحصول على عتبة 6% من الأصوات التي ستؤهله للمشاركة في اقتسام المقاعد. وبقدر ما تتقلص نسبة المشاركة تتقلص فرص الأحزاب الصغيرة، وبالتالي تنحصر المنافسة على الأحزاب الكبيرة والعريقة التي تتوافر على قلاع انتخابية في مدينة البوغاز؛ حيث يقدر عدد الناخبين المسجلين بنحو 30% من عدد السكان.

في آخر انتخابات برلمانية جرت عام 2007، لم تتجاوز نسبة المشاركة في التصويت 21%. وحصل حزب العدالة والتنمية، آنذاك، على المرتبة الأولى بنحو 14 ألف صوت، وتمكن من الفوز بمقعدين من بين 4 مقاعد، بينما فاز عبد الرحمن الأربعين، من «التجمع الوطني للأحرار»، بمقعد واحد، ومحمد الزموري من حزب الاتحاد الدستوري بالمقعد الرابع، بينما مُني حزب الاتحاد الاشتراكي بخسارة مزدوجة: خسارة المقعد البرلماني الذي كان يتوافر عليه خلال الولاية، إضافة إلى الخسارة المعنوية ن مرشحه في تلك الانتخابات لم يكن سوى عمر اليازغي، نجل الأمين العام للحزب آنذاك، الذي لم يحصل سوى على 2500 صوت، ليحتل المرتبة السادسة. أما حزب الاستقلال فلم تكن نتيجته أفضل؛ إذ حصلت لائحته في طنجة على نحو ألف صوت فقط، في مفارقة صارخة مع النتيجة التي حصل عليها على المستوى الوطني؛ حيث احتل في تلك الانتخابات المرتبة الأولى.

السؤال الكبير في طنجة خلال الانتخابات الحالية هو: هل سيحافظ حزب العدالة والتنمية على مكانته؟ ذلك أن الحزب أعاد ترشيح مرشحيه السابقين، نجيب بوليف وعبد الله برحو، اللذين يتمتعان بشعبية في طنجة، وتم اختيارهما من طرف قواعد الحزب في المدينة ليكونا على رأس لائحة مرشحيه. ويعتبر نجيب بوليف، أستاذ الاقتصاد الذي يترأس لائحة الحزب في طنجة، المنظر الاقتصادي لحزب العدالة والتنمية وواضع برنامجه الاقتصادي، ويتولى في البرلمان مهمة نائب رئيس لجنة الاقتصاد والمالية. وكذلك عبد الله برحو، الذي يأتي في المرتبة الثانية في اللائحة، والذي يشغل منصب نائب المدير الإقليمي للخزينة العامة في طنجة.

غير أن حزب العدالة والتنمية يعتبر أكبر متضرر من دعوة حركة 20 فبراير لمقاطعة الانتخابات؛ نظرا لكون جماعة العدل والإحسان المحظورة تشكل أكبر فصيل داخل هذه الحركة. في السابق كان حزب العدالة والتنمية يستفيد من أصوات جماعة العدل والإحسان، التي كانت قيادتها السياسية لا تتخذ أي موقف رسمي من الانتخابات وتترك حرية الاختيار لأفرادها، أما في الانتخابات الحالية فقد اتخذت الجماعة موقفا رسميا بمقاطعة الانتخابات.

كما يواجه حزب العدالة والتنمية غضب أتباع التيار السلفي الذين يتهمونه بـ«الخيانة» في تعامله مع ملف معتقلي الإرهاب. ولأتباع التيار السلفي وزن كبير في طنجة، خاصة في مقاطعة بني مكادة الشعبية والأكثر كثافة سكانية، التي تعتبر من أهم المناطق التي يتحدر منها «انتحاريون» انتقلوا إلى العراق خلال فترات متقطعة.

العامل الثالث الذي يقلص من حظوظ محافظة العدالة والتنمية على مقعديه هو ظهور لاعب جديد في الساحة، يتمثل في حزب الأصالة والمعاصرة الذي لم يكن قد تأسس في عام 2007، والمستفيد الأكبر خلال انتخابات 2009 البلدية، التي حصل فيها على المرتبة الأولى على صعيد الجهة بنحو 540 عضو مجلس بلدي، إضافة إلى فوزه بمنصب عمدة المدينة. ووضع «الأصالة والمعاصرة» على رأس لائحته رجل الأعمال الشاب فؤاد العماري، 37 سنة، شقيق إلياس العماري، أحد مؤسسي الحزب. وكان فؤاد العماري، قبل التحاقه بحزب الأصالة والمعاصرة، عضوا في المجلس الوطني لحزب اليسار الاشتراكي الموحد. وبعد التحاقه بـ«الأصالة والمعاصرة» ترشح في الانتخابات البلدية لعام 2009، ثم انتخب عمدة لمدينة طنجة في أكتوبر (تشرين الأول) 2010، إثر استقالة سمير عبد المولى، الذي كان ينتمي للحزب نفسه من عمدية المدينة بسبب خلافات مع قيادة الحزب. ويحظى العماري بدعم قوي من الفاعلين الاقتصاديين في المنطقة، خاصة في القطاع العقاري. واختار حزب الأصالة والمعاصرة في المرتبة الثانية على لائحته في طنجة رجل الأعمال الشاب عادل الدفوف (27 سنة) وهو رئيس اتحاد طنجة لكرة القدم ورئيس اتحاد طنجة الرياضي.

حزب التجمع الوطني للأحرار اختار ترشيح وجه جديد، هو سعيدة شاكر، أخت رجل الأعمال الطاهر شاكر، صهر محمد بوهريز، رئيس الفرع المحلي لحزب التجمع الوطني للأحرار أحد مهندسي الانتخابات في المنطقة، والتي التحقت بالحزب قبل سنتين، وشاركت في انتخابات 2009 البلدية وفازت بمقعد نائب عمدة المدينة. وتعمل سعيدة شاكر قابلة، كما تترأس الجمعية الطبية للأعمال الاجتماعية. وتركز في حملتها الانتخابية على العمل الاجتماعي في الأحياء الشعبية ودعاية القرى الموجهة للنساء من خلال تشكيل خلية للدعاية الانتخابية من مجموعة من الكفاءات النسائية الناشطة في مجال عمل منظمات المجتمع المدني.

أما حزب الاتحاد الدستوري، فجدد ثقته في المقاول محمد الزموري، أحد كبار المنعشين العقاريين في المنطقة، خاصة في مجال السكن الاجتماعي، الذي يعتبر من الوجوه السياسية القديمة في المنطقة؛ كونه يوجد في البرلمان مند نهاية الثمانينات من القرن الماضي.

أما حزب الاستقلال، على الرغم من نتائجه الهزيلة في الانتخابات الماضية، التي كانت تعكس ضعف وجوده في المنطقة، فقد لجأ إلى استقطاب «ماكينة انتخابية» في طنجة، فيتوافر على قاعدة انتخابية مهمة في المنطقة، وهو محمد الحمامي، رئيس بلدية بني مكادة، التي تعتبر أكبر خزان انتخابي في المنطقة بسبب كثافتها السكانية. كان الحمامي قد انتقل من الحركة الشعبية، بعد أن فاز بمقعد برلماني باسمها، إلى حزب الأصالة والمعاصرة قبل أن يغادر هذا الأخير إلى حزب الاستقلال مع الانتخابات الحالية. ولا يستبعد المراقبون في المدينة أن يحقق حزب الاستقلال مفاجأة في هذه الانتخابات بانتزاع مقعد من المقاعد الخمسة، خاصة أن منسق الحزب على صعيد الجهة هو نزار بركة، وزير الشؤون الاقتصادية والعامة للحكومة، إضافة إلى حظوظ الحمامي.

أما الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية فاختار نقيب المحامين في مدينة طنجة أحمد أشهبار. والسؤال الكبير الذي ستجيب عنه هذه الانتخابات هو: إلى أي مدى تمكن الحزب من امتصاص غضب أتباعه والمتعاطفين معه بسبب فرض أمينه العام السابق لابنه على رأس لائحة الحزب في عام 2007؟ فمنذ ذلك الحين يبدو أن قاعدة الحزب في طنجة أحجمت عن المشاركة، الشيء الذي أدى ليس فقط إلى خسارة الحزب لمقعد برلماني في انتخابات 2007، لكن أيضا إلى خسارة فادحة خلال انتخابات 2009 البلدية التي لم يحقق فيها أي نتيجة تذكر بعد أن كان يتولى منصب عمدة المدينة.