صراع أميركي صيني على بسط الهيمنة في آسيا ـ المحيط الهادئ

خبراء: جولة أوباما قد تدفع بكين لمراجعة خططها للتكامل مع دول المنطقة

تايلانديون يتطوعون لتنظيف طريق عام في العاصمة بانكوك أمس، بعد يوم على إعلان الحكومة أن وسط العاصمة صار بمنأى عن الفيضانات التي خلفت نحو 600 قتيل، وتعهد الولايات المتحدة بتقديم ما أمكنها من المساعدة (أ.ف.ب)
TT

عاد الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى بلاده مختتما جولة طويلة إلى منطقة آسيا - المحيط الهادي، كرست النزاع الأميركي الصيني على بسط الهيمنة في المنطقة. واعتبر خبراء أن الزيارة ونتائجها قد تدفعان بكين إلى مراجعة خططها للتكامل مع دول المنطقة.

وأعلن أوباما أثناء رحلته التي استغرقت تسعة أيام أنه «لا شك أن الولايات المتحدة تتمتع في منطقة آسيا - المحيط الهادي بكل مكانتها». وفي جزيرة هاواي مسقط رأسه حيث بدأ رحلته الأسبوع الماضي، ترأس أوباما قمة الدول الـ21 في المنتدى الاقتصادي لآسيا - المحيط الهادي حيث نجح في إطلاق مشروع «الشراكة عبر المحيط الهادي» التي ستصبح أكبر منطقة للتبادل الحر في العالم. ثم انتقل الرئيس الأميركي إلى أستراليا حيث أعلن تعزيز الوجود العسكري الأميركي مع نشر 2500 من عناصر المارينز تدريجيا في شمال البلاد.

واختتمت الجولة بزيارة إندونيسيا للمشاركة في قمة آسيا الشرقية مكرسا بذلك انضمام الولايات المتحدة إلى هذه الكتلة التي تضم 18 بلدا بينها الصين. وأعلن الرئيس آنذاك أنه سيرسل وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون إلى ميانمار الدولة التي تخضع للنفوذ الصيني منذ إبعادها عن الأمم المتحدة لانتهاكاتها المتكررة في مجال حقوق الإنسان. وأتاحت الجولة «إعادة التوجيه الحاسم والاستراتيجي للسياسة الأميركية، وإعادة التوازن»، حسبما رأى توم ديلتون مستشار الأمن القومي لدى أوباما. لكن هذا التعزيز الكبير للوجود الأميركي في منطقة آسيا - المحيط الهادي التي تعتبر أحيانا المربع الخاص ببكين، أثار غضب الصين.

وهكذا، طغت الخصومة الصينية - الأميركية على قمة آسيا الشرقية. وخلال الاجتماع، التقى أوباما طيلة ساعة رئيس الوزراء الصيني وين جيباو. والقوتان الاقتصاديتان الكبريان في العالم مترابطتان، وقد وجدتا أرضية مشتركة حيال بعض الملفات مثل كوريا الشمالية وإيران.

لكن علاقاتهما تبقى متوترة ولا سيما بشأن سعر صرف اليوان الذي تعتبره واشنطن دون قيمته الفعلية، وحول الخلافات الحدودية في بحر الصين الجنوبي. وتأمل الولايات المتحدة أن يكون هذا الموضوع محل محادثات متعددة الأطراف وهو ما ترفضه بكين رفضا قاطعا. وأكد أوباما أن الولايات المتحدة «لا تخشى» الصين ولا تسعى إلى وقف توسعها. وترد بكين التي تنفي أي ميل للتسلط، محذرة واشنطن من «التدخل» في شؤونها.

ومما لا شك فيه أن الصين ستنظر إلى الاستراتيجية الأميركية وكأنها محاولة ظاهرة لمقاومة التطلعات الصينية، بحسب خبراء. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن شي ينهونغ أستاذ العلاقات الدولية في جامعة رنمين في بكين قوله إن «الحكومة الصينية رحبت بدخول الولايات المتحدة إلى قمة آسيا الشرقية، لكن المؤسف أن هذه الإرادة الجيدة لم يقابلها رد إيجابي». أما ديفيد شتاينبرغ (جورج تاون يونيفرستي) فتطرق من جهته إلى «الحذر» الذي تبديه بكين مما تثيره كل حركة أميركية. ورأى أنهم «ينظرون إلى كل ما نقوم به في ميانمار بحذر. ينظرون إلى كل ما نقوم به في بحر الصين الجنوبي بحذر، وربما أيضا في أستراليا».

وتسعى واشنطن إلى وضع «هيكلة» اقتصادية وأمنية في آسيا قد تتمكن من حل الخلافات وتشجيع العلاقات الاقتصادية القائمة على قواعد تقبلها الولايات المتحدة، كما قال. وتأمل أميركا أن يتمكن هذا النموذج في نهاية المطاف من دفع الصين إلى إعادة تحديد مصالحها القومية الخاصة مثل سياستها النقدية على سبيل المثال. وهكذا تنطلق الشراكة عبر المحيط الهادي. فالمشروع قد «يلزم الصين على التخلي عن محاولات إيجاد نموذجها الخاص للتكامل في آسيا»، كما رأى ارنست باور من «مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية».