جنود سوريون يستهدفون حجاجا أتراكا.. وأنقرة تطالب بالاعتذار وتهدد بوقف جميع المواصلات

مسؤول تركي لـ«الشرق الأوسط»: تصعيد سوري.. والحكومة تفقد سيطرتها على زمام الأمور

صورة بثتها وكالة أنباء تركية أمس لإحدى الحافلات التي تعرضت لإطلاق نار لدى مرورها في الأراضي السورية
TT

لوحت تركيا بـ«وقف جميع المواصلات» بينها وبين سوريا «إذا لم تتخذ الحكومة السورية إجراءات كافية لحماية مواطنيها»، بعد هجوم استهدف قافلة حجاج تركية عائدة إلى بلادها من المملكة العربية السعودية، فيما كرر رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان انتقاداته للرئيس السوري بشار الأسد متنبئا برحيله لأن «أيامه في الحكم أصبحت معدودة، وأنه لا يستطيع أن يبقى في السلطة إلى ما لا نهاية من خلال القوة العسكرية».

ورغم أن أنقرة لم تعتبر الأمر «رسالة سياسية» من سوريا التي تتعرض لضغوطات كبيرة وانتقادات من أنقرة على خلفية الأحداث الجارية فيها، فإن مستشار الرئيس التركي إرشاد هورموزلو رأى أن هذه الهجمات «دليل على عدم سيطرة الحكومة المركزية على أمورها».

وأفادت مصادر تركية «الشرق الأوسط» أن الحجاج الذين كانوا في القافلة أبلغوا سلطات بلادهم أنهم استهدفوا عن عمد لأنهم أتراك. وأشار هؤلاء إلى أن القافلة التي ضلت طريقها سألت عند إحدى نقاط التفتيش عن إرشادات، فسألهم أفراد الحاجز عن جنسيتهم وأوضحوا أنهم أتراك، فكان أن تعرضوا لإطلاق رصاص بعيد اجتيازهم نقطة التفتيش التالية. وقالت المصادر إن سائق إحدى الحافلات وحاجا آخر أصيبا بجروح وإن زجاج الحافة أصيب بعدد من الطلقات النارية. وأفاد هؤلاء أنهم تعرضوا لشتائم قاسية من عناصر الحاجز قبل إطلاق النار عليهم.

وعرضت وكالة «دوجان» التركية لقطات لحافلة ركاب وقد هشمت إحدى نوافذها بسبب عيار ناري فيما يبدو بعد أن عادت إلى بلدة جزر الحدودية. ونقلت عن ركاب وصلوا إلى البلدة أن ثمانية جنود سوريين يرتدون الزي الرسمي طلبوا منهم النزول من الحافلة عند نقطة تفتيش. ونقلت عن راكب تأكيده أن المهاجمين كانوا جنودا. وقال: «كانوا مختبئين.. كانوا جنودا هؤلاء لم يكونوا مدنيين. أعلامهم كانت موجودة». وأوضح أن أحد الجنود قال له «تعال.. تعال» وأضاف: «كان يريدني أن أدخل لكنني لم أدخل». وأضاف: «لم يكن معي شيء في يدي وكان هناك سبعة أو ثمانية منهم. وجه بندقيته لي وقال: ارفع يديك إلى أعلى. صرخت في الجميع ليركضوا وركضنا فبدأوا يطلقون النيران على ظهورنا». وقالت «شبكة سي إن إن التركية» إن الحافلة «ضلت طريقها على ما يبدو وسلكت طريقا خطأ قرب مدينة حمص حيث أوقفها جنود سوريون بعدما أطلقوا عليها النار» مشيرة إلى أن الجريحين أدخلا المستشفى في مدينة أنطاكيا التركية الحدودية مع سوريا.

ونقلت وسائل إعلام تركية أن الأتراك في الحافلات «تعرضوا لإساءات لفظية أثناء قيام أفراد الأمن السوري بتفقد هوياتهم الشخصية في إحدى نقاط التفتيش السورية، بينما تعرضوا إلى إطلاقات نارية عقب اجتياز الحافلات نقطة تفتيش ثانية». وجاء في بيان صادر عن الخارجية التركية «أن ثلاث حافلات تركية تقل الحجاج تعرضت لاعتداء داخل الحدود السورية، مما تسبب في إصابة اثنين من المواطنين أحدهما سائق لإحدى الحافلات بجروح طفيفة».

لكن وكالة أنباء الأناضول الرسمية نقلت عن جميل كارلي وهو أحد المصابين أن «سيارة حمراء بداخلها 4 أشخاص مجهولو الهوية اقتربت من قافلتنا المؤلفة من 9 حافلات ثم أطلق من بداخلها نيرانا عشوائية، ولكن قافلتنا لم تتوقف بل مضت في السير، ثم أعقبتها سيارة ثانية بداخلها 4 أشخاص أيضا أطلقوا نيرانا أكثر كثافة وتسببت في تحطيم نوافذ 3 من حافلاتنا. ثم ابتعدت السيارتان عن القافلة واختفتا عن الأنظار».

ونقلت الوكالة عن ركاب آخرين أن إطلاق النار تم في منطقة يستحيل على أحد أن يدخلها أو يقترب منها غير عناصر الأمن والجيش والمسافرين على متن حافلاتهم أو سياراتهم، مما دفع البعض للجزم بأن الهجوم نفذته قوات النظام السوري. ونقلت وكالة الأسوشييتدبرس عن سائق إحدى الحافلات ايرهان صورمالي أن الحافلة توقفت عند نقطة تفتيش، وأن جنودا سوريين كالوا الشتائم لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان «عندما علموا بأننا أتراك، وفجأة فتحوا النار على الحافلة». وقال رجل تركي وهو يبكي «عدنا من الموت. عدنا من الموت».

وذكرت وزارة الخارجية التركية بتحذيرها السابق لرعاياها بعدم السفر إلى تركيا إلا في الحالات الضرورية. ونقلت وكالة رويترز عن مسؤول في الخارجية التركية أن الوزارة ما زالت تجمع التفاصيل بشأن الحادث.

وأكد هورموزلو لـ«الشرق الأوسط» أن الحافلات استهدفت عن قصد، لكنه استبعد أن يكون الأمر «رسالة سورية». وقال: «إنهم (السوريين) يصعدون الموقف، وهذه تصرفات غير مسؤولة، وتدل على عدم سيطرة الحكومة السورية على أمورها من الداخل». وأضاف: «إذا لم تتخذ الاحتياطات اللازمة لضمان أمن مواطنينا ولم يتم الاعتذار رسميا ستوقف الحكومة التركية جميع المواصلات بين البلدين».

إلى ذلك، وفي كلمة له في إسطنبول أمس حذر رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الرئيس السوري من أن أيامه في الحكم «أصبحت معدودة، وأنه لا يستطيع أن يبقى في السلطة إلى ما لا نهاية من خلال القوة العسكرية». وقال أردوغان مخاطبا الأسد «تستطيع أن تبقى في السلطة بالدبابات والمدافع فقط لفترة معينة ليس إلا. وسيأتي اليوم الذي سترحل فيه أنت أيضا». وأضاف «يظهر أحدهم (الأسد) ويقول (سأقاتل حتى الموت). ضد من ستقاتل؟ هل ستقاتل ضد الشعب السوري وإخوتك المسلمين الذين تحكمهم في بلادك؟»، وتساءل «لماذا تفتح الطريق أمام تدخل خارجي.. لماذا لا تحلون مشكلاتكم بينكم دون فتح الطريق لأي تدخل خارجي؟». وأدان أردوغان استخدام نظام الأسد القوة العسكرية «ضد من يطالبون بحياة كريمة في سوريا». وقال «نحن لا نعتبر مطلقا» أن قتل الشعب السوري بالدبابات والمدافع «عمل إنساني».