فلسطينيو 48 يطالبون الأمم المتحدة بإلزام حكومة إسرائيل بوقف سياسة التمييز ضدهم

أجور العرب 65% من أجور اليهود.. وقرار محكمة العدل العليا لا يطبق على العرب

TT

توجهت قيادة المواطنين العرب في إسرائيل (فلسطينيو 48)، مرة أخرى إلى الأمم المتحدة بشكوى، بسبب معاناتهم من السياسة الرسمية الإسرائيلية التي تميز ضدهم، وتدوس حقوقهم، وتخرق بذلك القوانين الدولية ومواثيق حقوق الإنسان.

قدم الشكوى باسمهم، مركز «عدالة»، ضمن مجموعة ملفات ووثائق تسند ادعاءاتها ضد الحكومة الإسرائيلية، بينها تقارير كثيرة أخرى من منظمات حقوقية يهودية وعربية في إسرائيل.

وجاءت هذه الشكوى خلال اجتماعات لجنة الأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في نهاية الأسبوع في جنيف. وتخصص اللجنة عدة جلسات هذه الأيام، لمراجعة مدى التزام الدول في المعاهدة الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التي صادقت عليها إسرائيل عام 1991. وستنظر اللجنة خلال جلستها، في التقرير الذي قدمته إسرائيل في شهر يوليو (تموز) 2010 بهذا الشأن، بالإضافة إلى التقارير التي قدمت إليها «عدالة» ومنظمات غير الحكومية محلية ودولية.

ومثلت المحامية سوسن زهر مركز «عدالة» في هذه الجلسات، فطرحت أهم الادعاءات الواردة في تقرير المركز، والذي يقدم صورة شاملة حول وضع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمواطنين العرب الفلسطينيين في إسرائيل، ويفصل الانتهاكات التي تقوم بها إسرائيل للمعاهدة الدولية بهذا الشأن (ICESCR). كما يتطرق التقرير بشكل مباشر، إلى سلسلة من الأسئلة التي كانت قد وجهتها اللجنة لإسرائيل بعد استعراضها الأولي أمام اللجنة في السنة الماضية، ومن بين القضايا كان مصادقة الحكومة على ما يسمى «مخطط برافر»، الذي سيؤدي تطبيقه إلى تهجير 40 ألف عائلة عربية بدوية من قراهم في النقب.

وأشار التقرير إلى استمرار انعدام التمثيل الملائم للعرب في الوظائف في القطاع العام وخصوصا النساء العربيات، فأشار إلى أن العرب يشكلون نسبة 20% من سكان إسرائيل لكن نسبتهم في سلك خدمات الدولة لا تتعدى 7.5%، بما في ذلك العاملون في جهاز التعليم والجهاز الصحي. وأكدت أن هذا الوضع ناجم عن سياسة التمييز العنصري السائدة ليس فقط في مؤسسات الدولة، بل في المجتمع بشكل عام. وضربت مثلا على ذلك في بلدية نتسيرت عيليت، المدينة اليهودية التي أقيمت على أراضي الناصرة العربية، سنة 1958، وأصبحت اليوم مدينة مختلطة. فقالت إن نسبة السكان العرب الرسمية هي 15% من تعداد سكان المدينة، ولكن نسبة موظفي البلدية العرب لا تتعدى 5%.

وقدمت نماذج من التمييز ضد العرب في أجور العمل، حيث إن العامل أو الموظف العربي يقبض أجرا لا يزيد على 65% بالمعدل من أجر اليهودي الذي يقوم بعمل نفسه (1180 دولارا مقابل 1734 دولارا). وأشارت إلى أن هذه النسبة تزداد حدة عندما يجري الحديث عن أجور النساء، حيث إن النساء في إسرائيل عموما، يعانين من انخفاض الأجور، فيكون التمييز الواقع على المرأة العاملة العربية مضاعفا. وقالت إن 59% من العاملين العرب لا يعملون براتب شهري منتظم ووظيفة كاملة (السبب في ذلك هو أن تسجيل العامل بوظيفة جزئية هو أسلوب للتهرب من الحقوق الاجتماعية والنقابية للعامل)، بينما نسبة العمال اليهود في مثل هذا الوضع تعادل 24%.

وتطرق تقرير «عدالة» إلى ارتفاع معدل الفقر في المجتمع العربي، حيث إن نصف العائلات العربية يعيش تحت خط الفقر ونصف الأطفال والأولاد الفقراء في إسرائيل هم من العرب. كما أشار التقرير إلى ارتفاع نسبة تسرب الأطفال العرب من المدارس، خاصة لدى البدو، ونسبة الأمية المرتفعة وخصوصا لدى النساء في النقب، وعدم الاستثمار الكافي لإيجاد حل لهذه المشكلات من قبل الدولة.

وأشارت إلى أن السياسة الحكومية الاقتصادية الاجتماعية في إسرائيل، تسببت في أضرار كبيرة لشرائح واسعة من المجتمع الإسرائيلي، مما أدى إلى خروج مئات ألوف المواطنين إلى الشوارع للاحتجاج. فقررت الحكومة التجاوب جزئيا مع مطالبهم وأقامت لجنة من الخبراء للبحث في مطالبهم. وقد اختارت للجنة 14 عضوا من الخبراء اليهود ولم تختر عضوا عربيا واحدا فيها.

وفي مجال الحقوق الدينية والحق باللغة، تطرق تقرير «عدالة» إلى الاستخدام الضئيل للغة العربية في المؤسسات العامة في إسرائيل، وإلى مشروع قانون جديد من شأنه أن يلغي مكانة اللغة العربية بوصفها اللغة الرسمية الثانية، وإلى القانون الأساس الجديد المطروح على جدول أبحاث الكنيست، الذي يعتبر إسرائيل «دولة الشعب اليهودي»، وبذلك يزعزع مكانة المواطنين العرب، وإلى سلسلة القوانين العنصرية والمعادية للديمقراطية. وتطرق التقرير إلى انعدام الحماية للأماكن الإسلامية المقدسة، واستخدام موقع المسجد الكبير في بئر السبع لإقامة مهرجان النبيذ والجعة، من خلال تجاهل صارخ للشريعة الإسلامية.

وكانت المحامية زهر، قد استهلت تقريرها بالسؤال المطروح منذ ستين عاما، ويتعلق بأهالي قريتي إقرث وكفر برعم. فقالت إن محكمة العدل العليا في إسرائيل، كانت قد اتخذت قرارا يأمر الجيش الإسرائيلي بإعادة سكان القريتين العرب إلى قريتيهم، وحتى الآن لم ينفذ القرار، بل إن الحكومة دمرت بيوتهم ونهبت أرضهم في إطار فرض الأمر الواقع الذي يمنع عودتهم.

وطالبت «عدالة» مؤسسة الأمم المتحدة بقول كلمتها ضد هذه السياسة، كون إسرائيل عضوا فيها وملتزمة على الورق بقوانينها وعليها ألا تخرق هذا الالتزام.