واشنطن ولندن تشددان العقوبات ضد طهران.. وإيران ترد: ستضر بنا ولكن سنتمكن من تجاوزها

بريطانيا توقف التعاملات مع المصارف الإيرانية.. وهيغ يعلن أن «الدول الشريكة» ستعلن إجراءات مماثلة

وزير الصناعة والتجارة الإيراني مهدي غضنفري، في مؤتمر صحافي بطهران، يرد على العقوبات الغربية (رويترز)
TT

شددت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا العقوبات الاقتصادية ضد إيران أمس، وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية «إجراءات جديدة» تهدف إلى «زيادة الضغط» على إيران.

وكان من المتوقع أن يكشف وزير الخزانة تيموثي غايتنر ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، في مؤتمر صحافي مشترك يعقد في واشنطن، هذه الإجراءات.

وقالت مصادر في البيت الأبيض إن تلك العقوبات تتضمن تسمية البنك المركزي الإيراني والمصارف الإيرانية بوصفها منطقة «قلق رئيسي» لتورطها في عمليات غسل أموال، بوصفها خطوة تتيح للإدارة الأميركية فرض مزيد من العزلة على القطاع المالي، دون فرض عقوبات مباشرة على البنك المركزي الإيراني.

وأوضحت المصادر أن العقوبات المحتملة تستهدف قطاع البتروكيماويات الإيراني الذي ينتج منتجات البلاستيك والستايروفوم التي تدخل في تكرير النفط بما يحد من قدرة قطاع الطاقة الإيراني. وأشارت المصادر إلى أن هذا الإجراء يحمل تحذيرا للشركات في أوروبا وآسيا وأميركا اللاتينية لتقليص علاقاتها مع البنك المركزي الإيراني ووارداتها من النفط الخام الإيراني بطريقة لا تعطل أسواق الطاقة. وأوضحت المصادر أن العقوبات الجديدة تستهدف أيضا معاقبة عدد كبير من الشركات الإيرانية والمنظمات التي يشتبه في تورطها في دعم البرنامج النووي الإيراني، والشركات التي قامت ببناء مفاعلات الطرد المركزي ومفاعلات إنتاج البلوتونيوم في مدينة آراك، إضافة إلى عقوبات ضد الشركات العاملة في مجال تصدير النفط وصناعة البتروكيماويات.

وتشير المصادر إلى أن إدارة الرئيس أوباما تواجه ضغوطا من إسرائيل والكونغرس للقيام بإجراءات حاسمة لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية، وفرض مزيد من العقوبات بحيث تتضمن البنك المركزي الإيراني، وسد الثغرات التي تسمح لإيران بالتغلب والتحايل على العقوبات القائمة على قطاع الطاقة والقطاعات المالية.

ويخشى المسؤولون في إدارة أوباما أن يؤدي فرض عقوبات على البنك المركزي الإيراني إلى ارتفاع في أسعار النفط بما يؤدي إلى هزة في الاقتصاد الأميركية، وفي أسواق النفط العالمية. كما تقف دول كبرى مثل الصين والهند وروسيا واليابان ضد فرض عقوبات على البنك المركزي بما يؤثر على واردات تلك الدول من النفط الخام الإيراني.

وأوضح مسؤول كبير بالبيت الأبيض، بشرط عدم الإفصاح عن هويته، أن إدارة الرئيس أوباما تنسق مع بريطانيا وكندا والأمم المتحدة والشركاء في المجتمع الدولي لإرسال رسالة واضحة بأن العالم كله مجتمع على إدانة إيران وبرنامجها النووي، وزيادة عزلة البنك المركزي الإيراني دون وقوع صدمات مفاجئة لأسعار النفط في الأسواق العالمية؛ حيث تعد اليابان وكوريا الجنوبية والهند من أكبر المشترين الرئيسيين للنفط الخام الإيراني، ويستفيد البنك المركزي مع عوائد تصدير النفط لتلك البلدان. وفي لندن أعلنت الحكومة في وقت سابق الاثنين أن بريطانيا قررت وقف كل التعاملات بين القطاع المالي البريطاني والمصارف الإيرانية، بما في ذلك البنك المركزي.

وقال وزير المالية البريطاني جورج أوزبورن إن بريطانيا ستقطع جميع صلاتها بالبنوك الإيرانية بسبب «دليل» على أن إيران تقوم بتطوير برنامج أسلحة نووية. وقال أوزبورن إن «الحكومة البريطانية أعلنت للتو عن عقوبات مالية جديدة ضد إيران تقضي بأن نوقف جميع الاتصالات بين النظام المالي البريطاني والنظام المصرفي الإيراني». وأورد بيان صدر بعد أربعة أيام من تبني الوكالة الدولية للطاقة الذرية قرارا بحق إيران، أنها المرة الأولى التي تفرض فيها بريطانيا إجراء مماثلا مع «القطاع المصرفي في بلد برمته».

من جانبه أكد وزير الخارجية ويليام هيغ كما نقل عنه البيان أن هذا القرار «تم بالتنسيق مع أهم شركائنا على الصعيد الدولي». وأضاف: «إنه مؤشر قوي إلى العزم على تكثيف الضغط» على إيران. وقال البيان إن هذه «الدول الشريكة» ستعلن إجراءات في شكل منفصل، من دون أن يحددها.

وفي واشنطن أعلنت وزارة الخزانة الأميركية أن الولايات المتحدة ستعلن الاثنين «إجراءات جديدة» تهدف إلى «زيادة الضغط» على إيران. وتحظر الولايات المتحدة عمليا على مواطنيها وشركاتها القيام بأي مبادلات تجارية مع إيران. وأعلنت السلطات الأميركية مؤخرا أنها تنوي اتخاذ تدابير جديدة تستهدف البنك المركزي الإيراني. وكان البيت الأبيض رحب الجمعة بقرار تبناه في اليوم نفسه مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية بحق إيران، معربا عن «قلق كبير ومتعاظم» حيال البرنامج النووي الإيراني، ولكن من دون أن يحدد مهلة لتوضح إيران المسائل العالقة التي وردت في آخر تقرير أصدرته الوكالة الذرية عن البرنامج النووي لطهران.

وردت إيران على تشديد العقوبات، وقال وزير الصناعة والتجارة الإيراني مهدي غضنفري إن العقوبات الجديدة التي فرضتها الدول الغربية «ستضر» بإيران لكنها ستتمكن من تجاوزها، معتبرا أن تدابير مماثلة قد ترتد على الغرب. وقال الوزير الإيراني في مؤتمر صحافي إن «العقوبات تضر دائما بالدول التي تتعرض لها، فكلفة التبادل التجاري تزداد وعملية نقل الأموال تصبح أكثر صعوبة». وأضاف: «سنعاني جراء العقوبات، ولكن في الوقت نفسه فإن تكتيكاتنا (للالتفاف على العقوبات) تصبح أكثر ذكاء. الوضع سيكون صعبا لكنه أبعد من أن يكون مستحيلا». وشدد على أن «إدارة البلاد لن تكون مستحيلة».

وأكد غضنفري أن الدول التي ستتبنى العقوبات ستعاني بدورها، وقال: «لن يكون لها ما يكفي من مواد الطاقة. إذا لم تستثمر هنا عليها أن تفكر في حلول بديلة».

وقال أيضا: «إذا لم تستثمر (تلك الدول) في مشاريعنا النفطية ستخسر سوقا جيدة لبيع التجهيزات وشركاتها ستغلق». وأضاف: «يمكننا اللجوء إلى الشركات المنافسة (...) هناك عشرات الوسائل لإبقاء التواصل مع العالم الخارجي لم نتوسلها بعد».

وأكد الوزير الإيراني: «إننا لن نلين موقفنا، و(الدول الغربية) تواصل نهجها (للضغط على إيران). لا أعتقد أنه ليس هناك حل. عليها أن تجد حلا يحفظ حق الجميع، وهو متوفر في رأيي».

وتبنى مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية الجمعة قرارا أعرب فيه عن «قلق كبير ومتعاظم» حيال البرنامج النووي لطهران، ولكن من دون أن يحدد مهلة لتوضيح النقاط العالقة التي تضمنها آخر تقرير للوكالة الذي تحدث عن «بُعد عسكري محتمل» للبرنامج النووي الإيراني.