أحزاب مغربية تشكو من تدفق «المال الحرام» لشراء أصوات الناخبين

«الكتلة الديمقراطية» و«العدالة والتنمية» قدمتا شكوى حول «واقعة مكناس»

TT

منذ بدء الحملة الانتخابية الخاصة بالانتخابات التشريعية في المغرب قبل أكثر من أسبوع أصدرت بعض الأحزاب السياسية عدة بيانات تندد بما أطلقت عليه استعمال «المال الحرام» من قبل بعض المرشحين لشراء أصوات الناخبين، الأمر الذي يهدد من وجهة نظرها نزاهة هذه الانتخابات. وقال بعض المصادر الحزبية إن وتيرة تدفق «المال الحرام» في تصاعد. وقبل ثلاثة أيام فقط من يوم الاقتراع يشتكي عدد من المرشحين ممن يطلقون عليهم «سماسرة الانتخابات»، وقالوا إنهم كثفوا تحركاتهم في الأيام الأخيرة من الحملة الانتخابية.

وكانت السلطات المغربية قد أحالت أحد المرشحين في منطقة غرب المغرب على العدالة الأسبوع الماضي بعد أن اتهم بتقديم رشوة انتخابية، وكانت تلك أول حالة رشوة تسجل خلال هذه الانتخابات، وقالت مصادر قانونية إن الشخص المعني بالأمر ضبط في حالة تلبس أثناء تقديمه مبلغا ماليا لأحد الأشخاص من أجل التصويت لصالحه، حيث اعتقل المرشح وأحيل على المحكمة في حالة اعتقال برفقة شخص آخر كان يساعده بمدينة القنيطرة. وقالت السلطات إنها تتابع الأخبار التي تنشرها الصحف المحلية حول الخروقات الانتخابية، وتبادر إلى التحقق من صحتها. وتتعدد طرق استمالة الناخبين خلال الانتخابات في المغرب؛ ومن أكثرها رواجا تنظيم الولائم الكبيرة التي يحضرها العشرات من الأشخاص، حيث تقدم أطيب المأكولات للمدعوين، وتقدم مبالغ مالية لهم مقابل التصويت.

وفي هذا السياق، قال جامع المعتصم، المدير المركزي للحملة الانتخابية لحزب «العدالة والتنمية» إن حزبه بعث بتقرير مفصل حول «الفساد الانتخابي» إلى الطيب الشرقاوي وزير الداخلية، مشيرا إلى أن استعمال «المال الحرام» والعزوف عن التصويت يعتبران من أكبر السلبيات التي يمكن أن تنعكس على نزاهة الانتخابات الحالية، وتأسف على «عودة رموز الفساد الانتخابي مرة أخرى وممارستهم الأساليب الفاسدة نفسها». وأضاف أن «التنافس في الحملات الانتخابية ليس بين البرامج والأفكار، بل بين سعر الأصوات بين الفاسدين». وأوضح المعتصم أن العزوف وضعف المشاركة أيضا يهددان هذه الانتخابات، وأن على الدولة تحمل مسؤولياتها.

وفي السياق نفسه، انتقدت اللجنة الوطنية للانتخابات للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية «لجوء بعض المرشحين المتنافسين في مجموعة من الدوائر لوسائل غير مشروعة يجرمها القانون، وأشارت إلى مناطق متفرقة في المغرب مثل الرحامنة ووجدة والمحمدية وتاوريرت وتزنيت وطنجة وسطات وجرسيف». ودعت اللجنة السلطات المختصة «لاتخاذ ما يقتضيه القانون من إجراءات وتحريات لوقف هذه التجاوزات وزجرها». وذكرت أن شبابا تصدوا في عدد من الدوائر لمحاولات استعمال المال لشراء الأصوات وإفساد العملية الانتخابية. كما تقدمت «أحزاب الكتلة» وهي «الاستقلال» و«الاتحاد الاشتراكي» و«التقدم والاشتراكية» بالإضافة إلى «العدالة والتنمية» بشكوى للنائب العام تدعو السلطات للتدخل لزجر المفسدين الذين يوزعون الأموال في الانتخابات بإحدى الدوائر الانتخابية بمدينة مكناس.

وقال جعفر بنموسى، أستاذ العلوم السياسية في كلية الحقوق بطنجة لـ«الشرق الأوسط» إن الفساد السياسي لا يتحمل مسؤوليته الناخب فقط، بل الأحزاب السياسية بالدرجة الأولى، لأنها، من وجهة نظره، لا تتوانى عن استعمال المال المشبوه والوسائل غير المشروعة سواء بعد أو قبل الحملة الانتخابية. وأوضح بنموسى أن معظم الأحزاب السياسية تعتمد على الأعيان والشبكات العائلية، وعلى نخبة سياسية وصفها بأنها «متهرئة» و«بالية»، التي تتوفر على رصيد من المال والعلاقات الواسعة التي تمكنها من الفوز بأي منصب سياسي من أي نوع، لأنها لا تراهن على التغيير السياسي والبعد الديمقراطي للعملية الانتخابية، مع وجود استثناءات قليلة، على حد قوله.

وانتقد بنموسى الأحزاب، لأنها لا تمارس دورها في تأطير المواطنين، وتدريبهم على التشبث بالديمقراطية وانتخاب الشخص الملائم لتمثيلهم في البرلمان. وأشار بنموسى إلى أن الدولة تتحمل بدورها جزءا من المسؤولية في انتشار ظاهرة الفساد السياسي، وذلك لغياب إجراءات حازمة تجرم جميع مراحل استعمال المال في الانتخابات، وأوضح في هذا الصدد أن النيابة العامة والسلطة القضائية لا تتحركان للتصدي لأي خروقات سياسية إلا بعد توصلها بشكوى من جهة ما، في الوقت الذي من المفروض فيه، من وجهة نظره، أن تتحرك للتصدي لأي فساد بشكل تلقائي، لأن الأمر يتعلق بمصير مجتمع برمته وليس بفترة سياسية أو انتخابية فقط.