مشروع لحرق القمامة وتحويلها إلى كهرباء يهدد عمال النفايات في الهند

أسرة تجلب منها 5 دولارات يوميا كمصدر رزق لتبقى على قيد الحياة

مشروع لحرق القمامة
TT

على مدى 5 ساعات يوميا، يقوم رانجيت كومار وابنه البالغ من العمر 10 أعوام بالتنقيب في كومة هائلة من القمامة العفنة بأيديهم العارية، وملء أجولة بقطع من المعدن والبلاستيك والزجاج ثم حملها عبر عربة يجرها حمار إلى سوق إعادة تصنيع المواد التي تقع في منطقة مجاورة.

لكن وجود محرقة قيد الإنشاء قد يعني أنه لن يتمكن وغيره من عمال النفايات من الوصول إلى القمامة التي تجلب لأسرته ما يزيد قليلا عن الخمسة دولارات يوميا.

وتعد المحرقة أحد مشروعين يجري تنفيذهما في نيودلهي بهدف تحويل قمامة المدينة إلى كهرباء والفوز بائتمان الكربون وفق اتفاقية كيوتو، المعاهدة المناخية الدولية التي وضعت لخفض انبعاثات غازات الدفيئة. وقد رحب السياسيون المحليون بتلك المشاريع وذلك لإسهامها في حل المشاكل المزمنة التي تعاني منها المدينة والتي تتعلق بوجود كميات كبيرة من النفايات غير المعالجة ونقص الكهرباء.

غير أنها تعني أيضا فقدان 300000 عامل، موجودين في المدينة يعملون في جمع وتصنيف وإعادة تدوير النفايات، كمصدر رزق لهم.

وقال كومار، بينما كانت تنبعث رائحة كريهة من القمامة والمياه البنية التي تتقاطر بجواره: «إذا ما ذهبت جميع النفايات إلى المصانع حتى تتم معالجتها، فكيف نحيا؟ قد يبدو عملي قذرا، لكنه ما يبقي أسرتي على قيد الحياة».

وقد احتشدت مجموعات من عمال النفايات في البرازيل وكولومبيا وجنوب أفريقيا والهند لتنظيم حملة للدفاع عن مقالب القمامة ومصدر الرزق الذي توفره لهم، وضد فكرة حرق النفايات، في الوقت الذي تقوم الأمم المتحدة بتشجيع مشروعات حرق النفايات لإنتاج الطاقة، وذلك لأن القمامة المتعفنة تنتج غاز الميثان القوي أحد غازات الدفيئة.

وبموجب اتفاقية كيوتو، تستطيع الدول أن تحصل على ائتمان الكربون لمثل تلك المشاريع؛ ويمكن استخدام تلك الأرصدة لتوازن انبعاثات مصانع توليد الطاقة عن طريق حرق الفحم.

وقد تجمع مئات من عمال القمامة هذا الشهر خارج مكتب الأمم المتحدة في نيودلهي للاعتراض على 21 مشروع نفايات محلية قامت الهند بتنفيذها من أجل ائتمان الكربون. وتستخدم تلك المشاريع، التي لم تكتمل جميعها، نفايات خاملة قابلة للاشتعال وقابلة للتحلل عضويا. وتتضمن تلك المشاريع القمامة التي تم تحويلها إلى سماد عضوي والمحارق والوقود المشتق من الفضلات. وقد خاطبت جماعات عمال النفايات المفاوضين بشأن المناخ عندما اجتمعوا في المكسيك وألمانيا والصين العام الماضي، وهم يستعدون للتظاهر في مؤتمر المناخ الذي سيعقد في دوربان بجنوب أفريقيا، والمقرر أن يبدأ الأسبوع القادم.

ويرغب عمال النفايات في الوصول إلى صندوق المناخ الأخضر الذي يبلغ رأسماله 30 مليار دولار، والذي يأتي بمثابة محاولة من جانب الدول المتقدمة لمساعدة العالم النامي على الاستعداد لتغيرات المناخ، والمشاركة في التخفيف من آثار التغير المناخي من خلال استعادة المواد التي يمكن إعادة تدويرها من النفايات.

غير أن المؤيدين لمشاريع تحويل النفايات إلى طاقة ذكروا أن سكان الهند الذين تتزايد أعدادهم باستمرار، قاموا بتغيير أنماط استهلاكهم وتسبب الازدهار الحضاري في ظهور مشكلة نفايات يجب أن تتم مواجهتها بطريقة علمية.

وقال ماهيش بابو، الرئيس التنفيذي لشركة «آي إل أند إف إس إيكوسمارت»، التي تترأس الكثير من مشاريع تحويل النفايات إلى طاقة، بما في ذلك مشروع المحرقة في المنطقة المجاورة لكومار: «إن الوضع ليس بمثابة إما نحن أو هم. يجب أن يجري النقاش بصورة مختلفة. هل نريد أن يستمر عمال النفايات في عملهم في ظل ظروف قاسية غير صحية وأشبه بجحيم على الأرض في مواقع النفايات غير المعالجة؟ وهل ينبغي أن يقوم أبناؤهم وبناتهم بنفس العمل أيضا؟ إن الحل يكمن في دمج بعض عمال النفايات في أنشطة المعالجة في تلك المصانع».

ورغم ذلك فإن هناك 1.7 مليون عامل نفايات في الهند، وأي جهد لمحاولة استخدامهم غالبا ما سيكون مجرد قطرة في بحر، حيث قدم مشروع بابو في المدينة المركزية وظائف لـ70 شخصا في جمع القمامة، من إجمالي 1700 عامل يعمل في هذه المهنة في المدينة.

وقال بريما غيرا، مدير مساعد في برنامج التنمية التابع للأمم المتحدة، في رسالة له عبر البريد الإلكتروني: «يقع عمال النفايات في أدنى درجات السلم الوظيفي وغالبا ما يكونون هم الأكثر تهميشا، لذلك لا يكون لديهم خيارات معيشة بديلة يمكنهم التوجه إليها».

وقال بهوجاهاري بارامني، 41 عاما، الذي عمل في جمع النفايات لمدة 25 عاما، في منزله الذي يقع في أحد الأحياء التي يقطنها عدد هائل من عمال النفايات: «لا يمكن أن تأخذوا مني العمل الذي أقوم به وتتوقعوا أن أكون كهربائيا أو سباكا أو بناء ناجحا بين عشية وضحاها». جدير بالذكر أنه ما من حماية تنظيمية لعمال النفايات في الهند. وذكر عمال النفايات أن 80% من القمامة عبارة عن نفايات عضوية رطبة وأن 30% منها يحتوي على مواد قابلة للتدوير.

وقال شاشي بهوشان بانديت، سكرتير اتحاد جميع عمال النفايات في الهند: «إنهم سيقومون بحرق كل شيء لتشغيل المحرقة، بما في ذلك المواد القابلة للتدوير مثل البلاستيك. لكن هل هذا أمر جيد للبيئة؟» وقد اعترض سكان نيودلهي، هذا العام، على محرقة أخرى جديدة لأنهم يخشون من انبعاثات الديوكسين وغيرها من الغازات السامة. وسيقوم اثنان من عمال النفايات في الهند بتمثيل بلادهم في مظاهرة الأسبوع القادم في دوربان، التي ستطالب بوضع الفقراء في الاعتبار عند وضع سياسات خاصة بالمناخ. ورغم أن اتفاقية كيوتو، التي لم توقع عليها الولايات المتحدة، ستواجه مستقبلا غير واضح المعالم عندما يحين موعد تجديدها عام 2012، ذكر محللون أن أهم عنصر بها وهو الاتجار بالكربون للحد من الانبعاثات، قد يستمر بصورة معينة.

وتقوم دول مثل الصين واليابان ونيوزلندا بتطوير أسواق الكربون بها. كذلك أعلنت كاليفورنيا مؤخرا عن إطلاق أول برنامج تديره الدولة لوضع حد أقصى لأسعار الاتجار بالكربون. وقد أطلقت الهند، هذا العام، برنامج مبادلة لشهادات الطاقة المتجددة.

وقال بابو: «إننا نأمل أن يستمر سوق الاتجار بالكربون بنفس الشكل، داخل الهند وبالتعاون مع الدول الأخرى، حتى إذا لم يتم تجديد الاتفاقيات متعددة الجوانب التي تندرج تحت اتفاقية كيوتو».

وذكر أن أسعار ائتمان الكربون تراجعت بنسبة تفوق 50% عن أسعار العام الماضي نتيجة للأزمة الاقتصادية في منطقة اليورو.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»