القوات الأمنية تطلق النار على أطفال مدرسة في ريف حمص.. وتقتل 4 وتجرح العشرات

ناشط لـ «الشرق الأوسط»: القصف العشوائي يدمر البيوت في حي البياضة بحمص

متظاهرون في مواجهة الدبابات في تفتناز بإدلب
TT

يستمر النظام السوري في تصعيد عملياته العسكرية مع تزايد الضغوط العربية والدولية والداخلية، وأمس قتل 13 شخصا على الأقل، بينهم 4 أطفال، عندما أطلقت قوات الجيش والأمن السوري النار على تجمع أطفال مدرسة طيور الجنة في منطقة الحولة في ريف حمص، فأصيب العشرات، بينهم حالات خطيرة. وقتل على الفور أربعة أطفال هم عمار عميد إسماعيل (13 عاما) وشحادة أيمن القاسم (15 عاما) وعبد القادر ماهر رسلان (10 أعوام) وموسى الفرملي (11 عاما).

وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن «4 فتيان (10 و11 و13 و15 عاما) قتلوا برصاص طائش أطلقه رجال الأمن بشكل عشوائي من حاجز أمني وعسكري مشترك يقع بين كفر لاها وتلدو في قرى الحولة في ريف حمص». من جهتها، أوردت لجان التنسيق المحلية المشرفة على الحركة الاحتجاجية في سوريا لائحة بأسماء الفتيان الأربعة الذين «استشهدوا في الحولة».

كما أعلن المرصد «استشهاد مواطن في بلدة تلبيسة إثر إطلاق رصاص عشوائي من حواجز عسكرية أمنية مشتركة في محيط البلدة ومقتل عسكري منشق برصاص قوات الأمن السورية في مدينة القصير».

وفي مدينة حمص، قتل شخصان أحدهما «مختل عقليا إثر إطلاق رصاص عشوائي من قبل قوات الأمن السورية في حي الخالدية، حيث يسمع إطلاق كثيف للنار و(قتل الثاني) في حي كرم الزيتون». وأضاف «استشهد مواطن من حي دير بعلبة إثر إطلاق الرصاص عليه من سيارة للأمن على حاجز في شارع الزير، كما أصيب خمسة أشخاص بجراح إثر إطلاق رصاص عشوائي من قوات الأمن في حي القصور».

وفي إدلب (شمال غرب)، أعلن المرصد «مقتل ثلاثة أشقاء إثر إطلاق قوات الأمن الرصاص على سيارتهم». وفي ريف حماة (وسط) قتل مواطن برصاص الأمن الذين كانوا يطلقون النار خلال عملية مداهمات في بلدة صوران.

وقالت مصادر محلية في حمص، إن حاجزا جديدا نصبته قوات الجيش السوري بين بلدتي كفر لاها وتلدو في منطقة الحولة، وقطع الطريق بين البلدتين وراح يطلق النار بشكل عشوائي أدى إلى إصابة تجمع من الأطفال كانوا في مدرستهم (طيور الجنة) القريبة من الحاجز. ولفتت المصادر إلى ملاحظة وجود رجال ملتحين ويرتدون ملابس غريبة بين القوات السورية التي قامت بإطلاق النار، كما لفتوا إلى أنه تم نشر قناصة على أسطح المنازل القريبة من الحاجز المذكور. وجاء ذلك بعد اقتحام البلدة أمس بالدبابات والمدرعات وسط إطلاق نار كثيف وعشوائي.

من جهته، أكد ناشط سوري في مدينة طرابلس في شمال لبنان لـ«الشرق الأوسط»، أن حي البياضة في حمص محاصر منذ يومين من قبل قوات الأمن السورية، مشيرا إلى أن «الحي اقتحم صباح أمس بدبابات وآليات مدججة بالسلاح والعساكر، حيث قامت قوات الأمن باعتقال أشخاص ظهروا في فيديوهات على (يوتيوب) والإعلام العربي والغربي»، مؤكدا أن «قوات النظام أطلقت النار على الناس في الشوارع وعلى من حاول الفرار منهم أو من غيرهم، وقامت بقصف بيوت السكان قبل دخول الحي مما أدى إلى وقوع ثمانية قتلى من بينهم رجل مسن والسعودي حسين العنيزي الذي كان عند أقاربه وعشرين جريحا».

وقال الناشط، إن «منافذ الحي محاصرة كاملة، ولا تزال الاتصالات والكهرباء مقطوعة منذ أكثر من عشرين يوما عن جزء من المنطقة»، مضيفا «إن قوات الأمن حفرت خندقا عند مدخل شارع الزير لمنع هروب الناس»، موضحا أن «الناس شيعت شهداءها فور خروج الأمن من الحي بعد استعادة قدرتهم على التحرك، لكن الأمن عاد ومنع الأهالي من البكاء على قتلاهم». وأشار الناشط إلى أن «حارات حمص ومن بينها حي البياضة عاشت ليل أمس على أصوات الرصاص الحي، الذي عبر جدران البيوت الخارجية، وعلى أصوات القنابل الصوتية، ليكمل النظام كذبه وافتراءه على الثورة والثوار، فلا يزال يريد أن يكمل خطته لحرف الثورة عن مسارها بإيهام الناس بأنه يحارب عصابات يطلق النار عليها، ولكنه يصيب الأشخاص الآمنين ويقتل الأطفال والنساء وأشخاصا معوقين جسديا أو عقليا». وأضاف الناشط، أن «حي البياضة محاصر بحواجز أمنية تقطع أوصال الأحياء الداخلية، حيث يوجد حاجزان في شارع القاهرة، الفاصل بين حي البياضة وحي الخالدية، وحاجزان آخران في شارع الستين الفاصل بين حي البياضة وحي دير بعلبة، يضاف إلى الحواجز الطيارة، والتي تعد وسيلة للكمائن، ويوجد بجانب كل حاجز مدرعات أو مصفحات، وتقوم الحواجز بعد غروب الشمس بإطلاق النار عشوائيا لإرهاب المواطنين لمنعهم من الخروج والتظاهر ضد طاغية الشام».

وأكد الشاب الذي ينشط في طرابلس لدعم الثورة في حمص، أن «حي البياضة تعرض لحصار خانق وقصف عشوائي على المباني وتطويق كافة مداخله ومخارجه، فلم يتمكن الناس من الخروج من بيوتهم لجلب قوت أطفالهم، رغم قلته بالإضافة لقطع الكهرباء والاتصالات السلكية واللاسلكية فيه». وأوضح الناشط أن قناصي الحواجز أغلقوا كل الشوارع الفرعية وفرضت حالة منع تجول منذ ظهر أمس ودخلت سيارات أمنية ومدرعات ناقلات جند ودبابات وتم اعتقال عشرات الشباب والنساء من منازلهم وأطلق النار على كل شخص خرق الحصار، حيث أصيب عدد من الشباب بجروح عدة». وأكد أن الحي دخلته 6 مدرعات و7 دبابات مصفحة، وعناصر محمولة على متن 12 سيارة (زيل)».

كما سجل أمس دخول المدرعات إلى الأحياء الصغيرة في بلدة تلبيسة القريبة من الحولة، وإطلاقها النار بشكل عشوائي على المنازل في الأحياء الداخلية، ما أسفر عن إصابة مسجد عثمان بن عفان بطلقة من مدرعات الـ«بي إم بي»، خلفت أضرارا بالغة بالمسجد، كما تضرر محل تجاري في ساحة الحرية وسط البلدة، ومنزلان آخران في الحي الجنوبي. كما قتل الشاب عيسى شحود الخليل (27 عاما) بعد إصابته برصاصة في رقبته وفارق الحياة لعدم التمكن من إسعافه وسط استمرار إطلاق النار في أغلب الأحياء.

وفي مدينة حمص، عاش أهالي أحياء الخالدية والبياضة وكرم الزيتون ظهر أمس، أجواء حرب جراء إطلاق قوات الأمن والجيش للنار عشوائيا وبشكل مستمر وإطلاق النار العشوائي تزامنا مع انطلاق تشييع جنائز لشهداء سقطوا في الحيين أول من أمس. وقال ناشطون إن الشاب ناصر قاسم استشهد بإطلاق نار من قوات الأمن في حي كرم الزيتون. من جانبها، أعلنت السلطات السورية أنها ألقت القبض على 14 مطلوبا في دير بعلبة والأوراس في محافظة حمص، وأن بينهم «رئيس مجموعة إرهابية مسلحة» قامت «بعمليات خطف وقتل واغتصاب»، بحسب وكالة «سانا» التي ذكرت أيضا أن الجهات المختصة بريف حمص ألقت «القبض على خمسة مسلحين في منطقة الرستن وتلبيسة وتسعة آخرين في تلكلخ».

وفي مدينة القصير التي أعلن فيها إضراب عام، حدادا على أرواح نحو أربعة قتلى سقطوا من أبنائها خلال اليومين الماضيين، قالت مصادر محلية، إن سيارتين (زيل) كانتا تقلان جنودا في الجيش السوري من القصير إلى حاجز قرية البرهانية غرب المدنية وقريبا من الحدود مع لبنان، راحتا تطلقان النار عشوائيا خلال عبورها الطريق الممتدة في البساتين والأراضي الزراعية، لإثارة الذعر بين الأهالي، كما أكدت المصادر أن سيارة «بيك آب» تابعة للأمن العسكري قامت برمي جثة مجند منشق وقد أصيب بطلق ناري في الرأس أمام الجامع الكبير في ساحة السيدة عائشة وسط البلدة، ولم تحدد المصادر هوية الجندي.

وفي ريف حماه قال ناشطون إن حالة من القلق والرعب تسيطر على الأهالي في أغلب بلدات وقرى ريف حماه بعد تحول قراهم إلى ثكنات عسكرية، ناهيك عن الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعانون منها في الأصل جراء انعدام الخدمات الأساسية وانقطاع إمدادات الوقود عنهم منذ عدة أيام ففي بلدة حيالين هناك انتشار كثيف للآليات العسكرية ولأعداد كبيرة قوات الأمن في محيط البلدة وسط استمرار حملات المداهمة والاعتقال. وفي مدينة السقيلبية تمركزت قوات الأمن والجيش وبأعداد مكثفة، حيث توجد عشرات الآليات العسكرية ونحو 300 جندي، كما لوحظ تمركز عدد كبير من القوات في مدينة محردة عند الدوار.