مسيرات في محافظات مصر تضامنا مع ميدان التحرير

ائتلافات الثورة والقوى السياسية المدنية أقصت غالبية الإسلاميين عن المشاركة فيها

متظاهرون في ميدان التحرير يرفعون علم مصر في مليونية الإنقاذ الوطني، أمس (رويترز)
TT

نظمت الأحزاب والقوى السياسية وائتلافات الحركات الشبابية، أمس، وقفات احتجاجية ومسيرات في العديد من المحافظات المصرية تضامنا مع الثوار بميدان التحرير، وسط إقصاء غير مسبوق لتيارات الإسلام السياسي، بعد أن تم إقصاء أنصار هذا التيار الذي تمثله جماعة الإخوان المسلمين وبعض قيادات التيارات الدينية، من ميدان التحرير. كما شارك في المظاهرات طلاب الجامعات والمدارس وبعض النقابات من تيارات ليبرالية ويسارية ومدنية مختلفة، في مؤشر على خسارة كبيرة لتيار الإسلاميين في الشارع السياسي المصري. وتضامنا مع حشود المتظاهرين في ميدان التحرير بالقاهرة، احتشد آلاف المتظاهرين أمام مسجد القائد إبراهيم بمنطقة محطة الرمل وسط مدينة الإسكندرية عصر أمس، وتوجهوا في مسيرات حاشدة إلى مقر قيادة المنطقة الشمالية العسكرية بضاحية سيدي جابر شرقا، وذلك للمشاركة في مليونية الإنقاذ الوطني التي كانت قد دعت إليها القوى الوطنية وائتلاف شباب الثورة احتجاجا على استخدام العنف مع المتظاهرين في أحداث ميدان التحرير وغيره من الميادين المصرية التي تعرض فيها النشطاء المصريون للتنكيل على أيدي قوات الأمن. ويصر تيار الإسلام السياسي على إجراء الانتخابات في موعدها يوم الثامن والعشرين من الشهر الحالي، إلا أن ألوف المتظاهرين في الإسكندرية، التي تعد معقلا مهما لـ«الإخوان» والسلفيين والجماعة الإسلامية، رفضت فكرة إجراء الانتخابات البرلمانية في الوقت الحالي، رافعين شعار لا لإجراء أي انتخابات الآن قبل استكمال الثورة. وردد المتظاهرون هتافات ضد الأحزاب التي أعلنت تصميمها على خوض الانتخابات والاستمرار في حملاتها الانتخابية، وفي مقدمتها حزبا الحرية والعدالة (الإخواني) والنور (السلفي). ومن المعروف أن تيار الإسلام السياسي لم يلحق بركب الثورة المصرية التي بدأت يوم الخامس والعشرين من يناير (كانون الثاني) الماضي إلا بعد يومين على الأقل من اشتعالها، بسبب استناد غالبية تلك التيارات على مرجعية ترفض الخروج على ولي الأمر. إلا أن هذه التيارات تمكنت خلال الشهور الأخيرة من الحصول على مكاسب لم تكن متوقعة من خلال حصولها على رخص بالعمل كأحزاب رسمية، بعد أن كانت محظورة في عهد الرئيس المصري السابق حسني مبارك، باعتبار أنها تيارات دينية متشددة. وقال مصطفى العطار، منسق حركة 6 أبريل في الإسكندرية، إن اجتماعا ضم العديد من القوى السياسية بالإسكندرية، ما عدا الإخوان والسلفيين، قد توصل إلى مطالب مشتركة يأتي على رأسها تسليم المجلس العسكري في مصر للسلطة لمدنيين لإدارة المرحلة الانتقالية، وكذا تشكيل حكومة إنقاذ وطني يتم التوافق عليها من كافة التيارات السياسية الفاعلة على الساحة.

ومن جانبه، أوضح الناشط السياسي إسلام الحضري أن أحد أهم المطالب الرئيسية لمليونية أمس، هو إعادة هيكلة وزارة الداخلية بحيث يعاد تأسيس هذا الجهاز من جديد بصورة تضمن انخراط الضباط في الحياة الاجتماعية مع باقي الشعب وبحيث لا ينظر فرد الشرطة للمواطن أو المتظاهر السياسي على أنه عدو له.. وعلى الرغم من نبذ شباب الثورة للحركات الدينية في الإسكندرية، خرج نحو ألفي سلفي في مظاهرات مستعينين فيها بشاحنات ضخمة حملوا عليها أجهزة صوتيات ضخمة، إلا أنهم رفضوا ترديد أي هتافات ضد المجلس العسكري، قائلين: «يا رب يا رب احفظ مصر».

وفي محافظات الدلتا بشمال القاهرة، شهدت مدينة بنها مظاهرة حاشدة طافت شارع «فريد ندا» الرئيسي من أمام مجمع الكليات وصولا إلى مبنى ديوان عام المحافظة تضامنا مع الاحتجاجات في التحرير. وردد المحتجون شعارات وهتافات ضد أجهزة الأمن، وقامت الشرطة والجيش بعمل كردون أمني حول مبنى المحافظة ومباني المديريات والمصالح الحكومية تحسبا لوقوع أعمال عنف من قبل المحتجين.

وفي محافظة الإسماعيلية، سادت حالة من الهدوء أنحاء المحافظة عقب اندلاع اشتباكات ساخنة بين المتظاهرين وقوات الأمن بميدان الممر. وانتظمت حركة العمل بمختلف المصالح الحكومية وهيئة قناة السويس، التي استقبلت السفن لعبور مجراها الملاحي الممتد بطول 196 كيلومترا بإقليم القناة بمحافظات بورسعيد والإسماعيلية والسويس، وفقا لجداولها الزمنية المقررة من قبل.

وقالت مصادر في الإسماعيلية أيضا إن عناصر مجهولة من مثيري الشغب قامت للمرة الثانية بمحاولات لاقتحام قسمي أول وثان الواقعين بمحيط الميدان ورشق الشرطة العسكرية بالحجارة، في الوقت الذي فشلت فيه محاولات الأهالي ومتظاهري الميدان في منع مثيري الشغب من إثارة الفوضى حتى امتد الأمر لاشتباك بين المتظاهرين ومثيري الشغب بلغت إلى حد إشهارهم الأسلحة البيضاء في وجه المتظاهرين.

وقال شهود عيان إن مثيري الشغب بالإسماعيلية اندسوا أسفل النفق وحول سور نادي الشجرة والسكة الحديد، بينما أطلقت قوات الأمن الأعيرة النارية والرصاص المطاطي والخرطوش في الهواء والقنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين. وظهرت عناصر مجهولة تتراوح أعمارهم ما بين 18 و22 عاما، الذين حاولوا للمرة الثانية اقتحام قسمي أول وثان الواقعين بمحيط الميدان ورشق الشرطة العسكرية بالحجارة.

ووفقا للشهود، أسفرت المواجهات التي امتدت لنحو ثماني ساعات في منطقة الممر ونفق جمال عبد الناصر وشارع المشتل بالإسماعيلية، عن مقتل اثنين، وهما إبراهيم سليمان (21 عاما)، ومصطفى متولي (24 عاما)، وإصابة نحو 95 مصابا منهم 15 مصابا بأعيرة نارية، بينهم مجند بالأمن المركزي مصاب بالاختناق، ومجند بالقوات المسلحة مصاب بطعنات من سلاح أبيض، وتحطيم سيارة إطفاء، بالإضافة إلى تحطيم نحو 25 سيارة خاصة بالأهالي في مناطق أخرى متفرقة.

وشهدت منطقة الممر أيضا إشعال النيران في نادي السكة الحديد الملاصق لنفق الممر، وحريق آخر في نفق جمال عبد الناصر الذي يبعد عن نفق الممر بنحو 200 متر تقريبا، كما تمت عمليات سرقة ونهب لمحتويات نادي السكة الحديد.

وقال الدكتور هاني عادل من المستشفى الميداني التي أقيمت في ميدان الممر، إن قوات الأمن ألقت القنابل على المستشفى الميداني على الرغم من إبلاغهم عبر مكبرات الصوت بوجود مستشفى في المكان. وأكد أن هناك حالات خطيرة مصابة برصاص لم يتضح إن كان مطاطيا أو خرطوشا في منطقة الصدر والبطن، حيث تم تحويل المصابين إلى مستشفى جامعة قناة السويس. وقالت الدكتورة سعاد حمودة، نقيب الصيادلة بالإسماعيلية، إن قنابل مسيلة للدموع ألقيت بشكل متلاحق على الموجودين بالميدان. وأكدت أن الطاقم الطبي كان يحتاج لمستلزمات وأدوات طبية بشكل عاجل داخل المنطقة. وتوافد على المستشفى الميداني الذي أقيم بالممر عشرات من الأطباء والصيادلة بالإسماعيلية، وتم إخلاء مكان المستشفى ثلاث مرات بعد تعرض المستشفى لإطلاق غازات عليه، مما أدى إلى إصابة الطاقم الطبي بالاختناق وتوقفت عمليات الإسعاف لدقائق لنقل المستشفى.

وفي محافظة أسوان، تواصلت الوقفات والمظاهرات الاحتجاجية للقوى السياسية على رأسها حركتا «كفاية» و6 أبريل وعدد من أنصار التيارات الدينية.

وفي مدينة قنا، قالت مصادر مسؤولة إن أجهزة الأمن بالمدينة أفرجت عن جميع المحتجزين في أحداث الاشتباكات التي وقعت بين أجهزة الأمن والمتظاهرين في مناطق مختلفة من المدينة الليلة قبل الماضية وأوقعت عددا من الإصابات بين الجانبين. وقال اللواء محمد أحمد حليمة، مدير أمن قنا، لوكالة «أنباء الشرق الأوسط» الرسمية، إنه تم الإفراج عن 12 شخصا وإن الأجهزة الأمنية ليس لديها أي أشخاص محتجزين.

وكان ائتلاف الثورة ومختلف القوى السياسية توافدوا أمس في قنا على ميدان الساعة بوسط المدينة للمشاركة والتضامن مع « مليونية الإنقاذ الوطني» بميدان التحرير لتحقيق كافة مطالب الثورة. وقال محمد سمير الخطيب، المنسق العام لحركة «إرادة قنا»، إنه تم الاتفاق مع جميع التيارات والائتلافات والقوى السياسية بالمحافظة على سلمية المظاهرة وعدم الاحتكاك بالأجهزة الأمنية، كما تعهد الأمن بعدم الاحتكاك بالمتظاهرين بميدان الساعة.

وفي محافظة البحيرة، نظم عدد من القوى السياسية وقفة احتجاجية أمس بمجمع الكليات بدمنهور، تبعتها مسيرة حاشدة بدأت من مقر مجمع الكليات وحتى ميدان الأوبرا (الساعة)، وذلك للتضامن مع ميدان التحرير. وفي شمال سيناء، استمرت المظاهرات والمسيرات المؤيدة لمتظاهري التحرير، وطافت المظاهرات والمسيرات الشوارع الرئيسية بوسط المدينة، وتتمثل المطالب في تشكيل حكومة إنقاذ وطني، وتحديد مدة للمجلس العسكري في حكم البلاد لا تزيد على 4 شهور ليتم خلالها تسليم البلاد إلى مجلس رئاسي، ووضع خريطة للطريق مع الالتزام بالمواعيد.

وفي محافظة الأقصر، نظم ائتلاف 25 يناير بمشاركة الحركات السياسية مسيرة ضخمة تنديدا بتعامل الشرطة العنيف مع المتظاهرين. وأكد نصر وهبي، المنسق العام للائتلاف، أن المظاهرات والمسيرات ستستمر خلال الأيام المقبلة تضامنا مع معتصمي التحرير.

وفي محافظة السويس، توافد المتظاهرون على ميدان الأربعين بالسويس للمشاركة في ما أطلق عليه (مليونية الإنقاذ الوطني) التي دعا إليها نحو 38 ائتلافا وحزبا سياسيا وسط إقبال شديد للمشاركة، خاصة من الشباب والعمال وأسر الشهداء بالسويس.