«العين عليها حارس».. مثل شعبي تبدد في ميدان التحرير

بعدما فقد عشرات الشباب بصرهم في المواجهات

TT

على كوبري قصر النيل المطل على ميدان التحير يرابض 4 تماثيل على مداخل ومخارج الكوبري، كتميمة فرعونية على الجسارة والشجاعة، لكن الظروف السياسية الراهنة في مصر، التي تحمل الكثير من العنف، جعلت نشطاء يضعون ضمادة بيضاء على عين أحد تلك الأسود في إشارة إلى تعدد إصابة الكثير من المتظاهرين الشباب أثناء الثورة والأحداث الأخيرة في أعينهم، بينما أدى انتشار مقطع فيديو مؤخرا لضابط شرطة مصري يصوب رصاصه متعمدا للمحتجين في ميدان التحرير إلى إثارة غضب كثيرين.

كان أكثر من ألف متظاهر قد تعرضوا لإصابات في الأعين أثناء المواجهات العنيفة التي صاحبت ثورة «25 يناير» مطلع هذا العام، وذلك وفقا لتقرير لجنة تقصي الحقائق؛ حيث كانت قوات الأمن وقتها تطلق النار على المتظاهرين مستهدفين منطقة الرأس، لكنها كانت في الغالب تصيب الأعين.

وبعد 10 أشهر، تجدد الأمر مرة أخرى خلال الاشتباكات التي اندلعت بداية من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي؛ حيث ازدادت إصابات المتظاهرين في الأعين، مما دفع المتظاهرين إلى ارتداء نظارات مائية أو نظارات غطس ليتجنبوا التعرض للإصابات بخرطوش الرصاص وأيضا كوقاية من قنابل الغازات المسيلة للدموع.

وتحفظ ذاكرة المصريين مثلا طالما استقر في تراثهم الشعبي واعتزوا به، يقول: «العين عليها حارس»، لكنهم يتحسرون عليه حاليا بعدما تبدد، وأصبح مجرد وهم خلال الأشهر العشرة الماضية، نتيجة فقدان مئات الشباب أعينهم، وهو ما دفع أحدهم لوضع ضمادة بيضاء على عين أحد الأسود الرابضة على كوبري قصر النيل.

وفي مصادفة قاسية، أصبح الشاب أحمد حرارة، المصور بجريدة «المصري اليوم» اليومية في مصر، أحد النماذج التي فقدت عينيها الاثنتين، فـ«حرارة»، البالغ من العمر ثلاثين عاما، فقد عينه اليمنى ظهر 28 يناير (كانون الثاني) الماضي في أحداث «جمعة الغضب»، ثم فقد عينه اليسرى في 20 نوفمبر الحالي.

وقال الدكتور محمد كليب، مدير المستشفى الميداني بميدان التحرير، لـ«الشرق الأوسط»، بصوت بالغ العصبية عبر الهاتف من التحرير: «توجد 8 عيادات بالميدان ولم نستطِع عمل حصر أو تسجيل للإصابات سواء في الأعين أو غيرها، لكنها كثيرة للغاية على أي حال».

ويقول الدكتور إيهاب عثمان، أستاذ طب وجراحة العيون بجامعة القاهرة، لـ«الشرق الأوسط»: «إن هناك 3 أنواع من الإصابات بالعين: الأول يكون ناتجا عن إصابات كيميائية نتيجة الغازات التي تسبب تهيجا في الأغشية المخاطية للعين وفي سطح العين وسطح القرنية، والثاني يكون ناتجا عن الاحتكاكات أو القذف بالحجارة، وهي تسبب انفجارا في العين، أما الإصابات بالرصاص الحي في العين فهي تؤدي إلى الوفاة، وبالنسبة للإصابات التي تنتج عن الرش أو الرصاص المطاطي فإنها تسبب انفجارا في مقلة العين».

ويوضح عثمان أنه نتيجة انتشار طلقات الرش فهي في حالات كثيرة تصيب كلتا العينين وأنه شاهد الكثير من هذه الحالات يومي 28 يناير و2 فبراير (شباط) الماضيين، وينصح عثمان للوقاية من الإصابات بارتداء نظارات خاصة للوقاية من الرصاص.

وتطوع عدد من أطباء العيون والرمد لمعالجة المصابين من دون مقابل، واستخدموا «فيس بوك» و«تويتر» والهواتف الذكية ليعرضوا استعدادهم لعلاج أي مصاب، كما تداول الشباب رسائل تتضمن سبل سرعة العلاج من التعرض للغاز المسيل للدموع باستخدام بعض الأدوية وشرب اللبن والماء وتناول أقراص الفحم، وهو ما يفوق العلاج المستخدم للغاز خلال ثورة 25 يناير الذي اقتصر على الخل أو المياه الغازية، وذلك بسبب استخدام غازات أكثر شدة.

وقبل يومين، انتشر على موقع «Youtube» مقطع فيديو يصور أحد ضباط الأمن المركزي في شارع محمد محمود، القريب من التحرير وساحة المواجهات العنيفة، وهو يستهدف إطلاق النار على المتظاهرين في الأعين وبعدها يتلقى التهنئة من زملائه.

وتسبب مقطع الفيديو في إثارة حالة من الغضب والاستياء بين المدونين الذين لقبوه بـ«قناص العيون»، ولاحقا تعرف عليه كثيرون، وتبين أنه ضابط حديث التخرج يدعى محمود صبحي الشناوي.

وفي رد فعل شباب المحتجين، رصد مدونون مكافأة قدرها 5 آلاف جنيه (835 دولارا أميركيا) لمن يعثر على الضابط المتسبب في إصابة المتظاهرين في أعينهم حيا أو ميتا.