متظاهرو التحرير يرفضون بيان المشير طنطاوي ويهددون بالتصعيد

الرائد شومان انضم لمتظاهري التحرير وقال لـ «الشرق الأوسط» : أدعو لتكوين مجلس يرأسه الفريق عنان وعضوية 5 عسكريين و4 مدنيين

TT

في حين تصاعدت وتيرة الأحداث بمصر أمس، أعرب المتظاهرون في ميدان التحرير عن رفضهم لما جاء في بيان المشير حسين طنطاوي القائد العام للقوات المسلحة رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، مطالبين إياه بالتنحي عن حكم البلاد، ودعا الرائد أحمد شومان، الذي انضم من القوات المسلحة المصرية لمتظاهري التحرير، إلى تكوين مجلس يرأسه الفريق عنان، قائلا لـ«الشرق الأوسط» إنه يقترح أن يكون المجلس الرئاسي بعضوية 5 عسكريين و4 مدنيين.

وكان الرئيس السابق حسني مبارك قد كلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شؤون البلاد عقب تخليه عن منصبه في فبراير (شباط) الماضي، إثر انتفاضة شعبية جارفة بدأت يوم 25 يناير (كانون الثاني) الماضي. وفور انتهاء بيان المشير طنطاوي أمس ردد المتظاهرون هتافات «الشعب يريد إسقاط المشير» و«ارحل يعني امشي»، و«يسقط حكم العسكر»، و«باطل باطل». وأعلن المتظاهرون رفضهم لإجراء المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية في موعدها المقرر يوم الاثنين المقبل.

وتواصلت أمس الاشتباكات الدامية بين قوات الشرطة المصرية والمتظاهرين في ميدان التحرير بالقاهرة الذي تضامن معه ألوف المتظاهرين من المحافظات الأخرى. وأعرب المتظاهرون في ميدان التحرير عن رفضهم لما جاء في بيان المشير طنطاوي، مطالبين إياه بالتنحي عن حكم البلاد.

وأعلن المشير في كلمة للشعب المصري أمس قبوله استقالة حكومة الدكتور عصام شرف التي تقدم بها شرف أمس مع تكليف الحكومة بالاستمرار في تسيير أعمال البلاد حتى يتم تشكيل حكومة جديدة، مؤكدا أن القوات المسلحة ليست بديلا عن الشرعية وأنها لن تطلق النار على المتظاهرين. وأكد المتظاهرون الذين استمعوا لبيان المشير عبر هواتفهم المحمولة، نظرا لغياب شاشات العرض عن الميدان، ضرورة نقل السلطة فورا لمجلس رئاسي وحكومة إنقاذ وطني. وأعرب المتظاهرون عن استنكارهم للغة خطاب المشير، التي جاءت مشابهة للغة خطاب مبارك، بحسب المتظاهرين، الذين أدانوا عدم نعي طنطاوي للشهداء الذين سقطوا برصاص قوات الشرطة على مدى الأيام الماضية، مؤكدين أنهم لن ينصرفوا قبل تحقيق مطالبهم.

وعلى الجانب الآخر، عجت مناطق عابدين والدرب الأحمر ووسط القاهرة التجاري بسيارات تطلق أبواقها تأييدا لما جاء في خطاب المشير، ورصدت «الشرق الأوسط» تجمعات لمواطنين مؤيدين للمجلس العسكري قالوا إنهم يعتزمون التوجه لميدان التحرير، الأمر الذي قد ينذر بحدوث اشتباكات جديدة بين المؤيدين والمعارضين لخطاب طنطاوي. وسجل شارع محمد محمود الواقع بالقرب من ميدان التحرير ومقر وزارة الداخلية المصرية أكبر عدد من الجرحى، بعد محاولات المتظاهرين الموجودين بالميدان اقتحام الوزارة وقيام قوات الأمن بالتصدي لهم مما أوقع عشرات المصابين، يأتي ذلك بينما شارك عشرات الآلاف في مصر أمس في مظاهرة ضخمة في قلب القاهرة أطلقوا عليها «مليونية الإنقاذ الوطني» للمطالبة بتسليم السلطة للمدنيين وتشكيل حكومة إنقاذ وطني وعودة الجيش إلى ثكناته.

وتوافد منذ الصباح الباكر الآلاف من المواطنين المصريين للمشاركة في التظاهرة المليونية، حيث خرجت 7 مسيرات لشباب القوى السياسية وائتلافات الثورة وانضم إليها طلبة المدارس والجامعات، من أماكن متفرقة بالقاهرة والتقت بميدان التحرير للمشاركة في المليونية، حيث انطلقت المسيرات من جامعتي عين شمس والقاهرة بالإضافة إلى مسيرات انطلقت من ضواحي ومناطق دار الحكمة وشارع ناهيا ودوران شبرا، وأخرى انطلقت من مسجدي مصطفى محمود والاستقامة بالجيزة، وامتلأ ميدان التحرير عن آخره في المليونية التي دعا إليها أكثر من 17 ائتلافا وقوة سياسية بينما غابت عنها جماعة الإخوان المسلمين، في حين انضمت إلى ائتلافات الشباب في وقت لاحق بعض عناصر من الجماعات السلفية والجماعة الإسلامية. إلى ذلك، استمرت الاشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين بشارع محمد محمود، الذي يسيطر المتظاهرون على جزء كبير منه، بعد اشتباكات دامية مع قوات الأمن. وواصل أفراد الشرطة العسكرية انتشارهم بالشوارع المحيطة بمقر وزارة الداخلية، وقاموا بوضع الأسلاك الشائكة والحواجز الحديدية على مداخل تلك الشوارع لمنع المتظاهرين من الاقتراب من وزارة الداخلية أو اقتحامها.

وفي المقابل، قام بعض المتظاهرين باعتلاء أسوار الجامعة الأميركية في مدخل شارع محمد محمود، والطرق على الحديد كإنذار لاقتراب قوات الأمن إلى الميدان، وقام عدد من سائقي الدراجات البخارية بنقل المصابين إلى داخل الميدان. ورد المتظاهرون على قوات الأمن والمنضمين إليهم بإلقاء زجاجات المولوتوف، مما مكنهم من الدخول إلى الشارع مرة أخرى، وتراجع قوات الأمن إلى الخلف، واستمر الوضع على هذه الحال بين كر وفر بين الجانبين معظم فترات نهار أمس. وأكد عدد من المتظاهرين لـ«الشرق الأوسط» أنهم لا يريدون اقتحام وزارة الداخلية ولكنهم فقط يشتبكون مع قوات الأمن لمنعها من اقتحام الميدان لأنهم يخشون دخول قوات الأمن إلى الميدان لفض اعتصامهم بالقوة. وأعلنت وزارة الصحة المصرية ارتفاع عدد الوفيات إلى 28 حالة وتزايد أعداد المصابين بين المتظاهرين إلى أكثر من 1900 حالة ما بين حالات إغماء وإصابات قطعية، بينما أكد المتظاهرون أن الإصابات تجاوزت 2500 حالة وأن المستشفيات الميدانية الخمسة الموجودة بالميدان امتلأت عن آخرها بالمصابين وتشهد تناقصا ملحوظا في الأدوية والمعدات الطبية اللازمة في علاج المصابين إلى ذلك، ناشدت المنطقة المركزية العسكرية المواطنين بترك رجال الشرطة في الشوارع حول وزارة الداخلية بغرض تأمينها، ومساعدة عناصر المنطقة المركزية العسكرية في الحفاظ على الأمن، خاصة أن هناك العديد من البلاغات من المواطنين القاطنين حول وزارة الداخلية عن حدوث سرقات وأعمال تخريب وحدوث بعض الحرائق من قبل الخارجين على القانون، حيث شب حريق كبير أمس في أحد العقارات المجاورة لسوق باب اللوق وسط القاهرة بالقرب من ميدان التحرير، وواجهت سيارات الإطفاء صعوبة بالغة في الوصول إلى مكان الحريق للتعامل مع النيران وإخمادها، بسبب ازدحام الشوارع المحيطة بمبنى وزارة الداخلية بالمتظاهرين.

في سياق متصل، انضم الرائد أحمد شومان، أحد أفراد القوات المسلحة المصرية، إلى المتظاهرين بالميدان مطالبا بتنحي المشير حسين طنطاوي، مؤكدا أن المجلس العسكري لا يعبر عن الجيش وأن الجيش هو جزء من هذا الشعب ودعا لتنفيذ كافة مطالب الثوار والمتظاهرين بميدان التحرير وكافة ميادين مصر وردد مع المتظاهرين هتافهم «ارحل ارحل يا طنطاوي». ودعا شومان أيضا إلى مبادرة لحل الأزمة وقال لـ«الشرق الأوسط»: «أدعو لتكوين مجلس مختلط يتكون من 5 عسكريين و4 مدنيين ويرأسه الفريق سامي عنان يشرف على تدشين دستور جديد ثم انتخابات الرئاسة ليتسلم بعدها المدنيون السلطة»، وبينما رفض عدد كبير من المتظاهرين فكرة وجود منصات في مليونية أمس، معتبرين أن الشعب هو سيد قراره ولا داعي للفرقة أو الانقسام تحت منصات لقوى أو أحزاب مختلفة، أبدى آخرون استياءهم من عدم مشاركة شخصيات سياسية بارزة في المليونية.