سياسيون يعلقون حملاتهم الانتخابية احتجاجا على التوتر السياسي وتصاعد المظاهرات

قيادات حزبية وعمالية تدعو لحكومة إنقاذ وطني ذات صلاحيات كاملة

منظر عام للمتظاهرين في ميدان التحرير أمس (إ.ب.أ)
TT

قررت مجموعة كبيرة من الأحزاب السياسية المصرية تعليق حملاتها الانتخابية على خلفية أحداث المظاهرات المتصاعدة في ميدان التحرير بالقاهرة وعدد من المحافظات لليوم الخامس على التوالي، وازدياد حدة الغضب في ميدان التحرير خاصة بعد قبول المجلس العسكري استقالة حكومة شرف وتشكيل حكومة إنقاذ وطني بديلة، بينما تباينت ردود الفعل الصادرة من جانب عدة أحزاب وحركات وائتلافات سياسية، حيث طالبت مختلف القوى بضرورة التحقيق في الأحداث ومحاكمة المسؤولين عن قتل المتظاهرين، فيما انصب الاختلاف حول عقد أو تأجيل الانتخابات البرلمانية والمقرر عقدها الأسبوع المقبل، وكذلك مبدأ الحوار مع المجلس العسكري.

ومن المقرر إجراء انتخابات البرلمان في الثامن والعشرين من الشهر الحالي، حيث أنفق آلاف من المرشحين على قوائم الأحزاب والمرشحين بالنظام الفردي ملايين الدولارات على حملاتهم الدعاية في الشوارع والصحف والتلفزيون، منذ فتح باب الدعاية يوم 17 الحالي.

وقال ياسر حسان عضو اللجنة العليا لحزب الوفد لـ«الشرق الأوسط» إن الحزب علق حملته الانتخابية المركزية تضامنا مع أحداث التحرير وللتأكد في الوقت ذاته من ميعاد إجراء الانتخابات البرلمانية، وهل ستجري في موعدها أم لا، في ظل حالة التوتر السياسي التي تعيشها مصر لحظة بلحظة.

ولم يكتف حزب الوفد بتعليق حملته الانتخابية، بل طالب المجلس العسكري بتأجيل الانتخابات البرلمانية 15 يوما إثر تصاعد وتيرة أحداث التحرير كما يشير ياسر حسان قائلا لقد تم التصويت على هذا الطلب بالإجماع الليلة الماضية من جميع أعضاء اللجنة العليا للوفد في كافة المحافظات والهدف منه هو إعادة الأمن والاستقرار للشارع المصري وللمصريين «فليس من المعقول أن يذهب المصري للانتخاب وهو غير آمن على نفسه أو أسرته في ظل تصاعد الأحداث في ميدان التحرير، ما قد يؤدي إلى الوصول إلى برلمان يغيب عنه (ممثلو) الغالبية العظمى من المصريين، خاصة إذا ما عرفنا أن الفصيل الوحيد الذي يمكنه أن ينزل إلى الانتخابات مهما كانت الأحداث هو الفصيل الديني».

وأشار إلى أن نزاهة الانتخابات لا تعني فقط ضمان عدم تزوير بطاقات إبداء الرأي داخل صندوق الانتخابات، ولكنها تعني في الأساس تهيئة مناخ الطمأنينة والأمن الذي يدفع كل من له حق التصويت في الذهاب للإدلاء بصوته دون أن يخشى على سلامته أو سلامة أسرته من ميليشيات، بدعوى أنها لجان شعبية أو أعمال بلطجة أو من ظاهرة الطوابير المصطنعة أمام اللجان لمنع عملية التصويت.

ودعا حزب التجمع إلى تشكيل حكومة إنقاذ وطني ذات صلاحيات كاملة، كما دعا إلى انتخاب جمعية تأسيسية بالتزامن مع انتخابات مجلس الشعب لوضع دستور جديد على أسس ومعايير وبناء على توافق وطني. ودعا الحزب في بيان له أمس إلى تشكيل لجنة تحقيق قضائية مستقلة تتولى التحقيق في كل أحداث الأيام الماضية وفي أحداث ماسبيرو، وغيرها على أن تنجز مهمتها خلال فترة محددة.

كما طالب «التجمع» بتقديم اعتذار رسمي عن اعتداءات قوات الأمن المركزي على المتظاهرين العزل مع ضرورة مبادرة المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالدعوة إلى حوار وطني شامل مع الأحزاب والقوى والمنظمات السياسية لتدارك أخطاء الشهور العشرة الماضية ووضع برنامج لتصحيح مسار الثورة وإعادة ترتيب الأولويات.

وأعلن أحمد سعيد عضو المجلس الرئاسي لحزب المصريين الأحرار أن الحزب يتضامن مع كل مصري حر يقتل ويهان ويصاب من أجل وطنه وكرامته، و«بناء عليه قرر الحزب تعليق الحملة الانتخابية والإعلانية للمصريين الأحرار والكتلة المصرية في كل الوسائل الإعلانية وذلك اعتراضا منا على العنف غير المبرر ضد المتظاهرين السلميين وإدانتنا الصريحة للعنف والأساليب القمعية والتضليل الإعلامي في التعامل مع حق المصريين في التظاهر والاعتصام السلمي وهو ما أدى إلى سقوط شهداء وجرحى».

وقال حزب التحرير المصري في بيان له إنه قرر تجميد أنشطة حملته الانتخابية في كافة محافظات الجمهورية لحين استجابة المجلس العسكري الحاكم لمطالب الثورة، مطالبا المجلس بقبول استقالة حكومة الدكتور عصام شرف والدعوة لتشكيل حكومة إنقاذ وطني، وتحمل مسؤوليته في الحفاظ على المتظاهرين والمعتصمين.

ودعا الحزب المتظاهرين والمعتصمين الشرفاء في ميدان التحرير للحفاظ على المنشآت العامة والخاصة والالتزام بسلمية العمل الثوري.

وطالب الدكتور طارق زيدان رئيس حزب الثورة المصرية بحشد جميع أعضاء الحزب للمشاركة في مليونية ميدان التحرير والعودة إلى صفوف الثوار في ميادين مصر لأنهم جاءوا منه «وذلك بعد أن علق الحزب هو الآخر جميع حملاته الانتخابية اعتراضا على أحداث العنف (غير المبررة) بميدان التحرير». وناشد زيدان أيضا المجلس العسكري ضرورة تأمين المصريين وليس فقط مبنى وزارة الداخلية.

بينما صرح وكيل مؤسسي حزب التحالف المصري، محمد الجيلاني، أن المجلس العسكري يدفع الوطن دفعا إلى منحدر خطير، ويعمل على إغراق البلاد في الفوضى وعدم الاستقرار، ويفتقر إلى التعامل الحكيم مع الأمور، بقصد في أغلب الأحيان ومن دون قصد في بعضها.

وأكد الجيلاني رفض قبول دعوة المجلس العسكري للحوار، لعدم الرضوخ لمواءمات سياسية على حساب الشعب المصري، معتبرا أن المجلس العسكري من الآن فاقد للشرعية، داعيا الحركات الثورية والأحزاب الجادة للاجتماع يوم الخميس المقبل بمقر حزب التحالف المصري لتشكيل المجلس الرئاسي الثوري الذي سيستمد شرعيته من الثوار ومن الميدان.

ودعت الجماعة الإسلامية إلى ضرورة إجراء الانتخابات التشريعية في موعدها، والإعلان عن موعد محدد لانتخابات الرئاسة لتسليم السلطة لرئيس منتخب في موعد لا يتعدى شهر يونيو (حزيران) المقبل. كما أعربت عن تضامنها الكامل مع مطالب ميدان التحرير، ودعت الجماعة إلى حماية المتظاهرين في التحرير وكافة ميادين الجمهورية، ووقف أي محاولات لمنع التظاهر والاعتصام بالعنف أو غيره اعترافا منها بحق التظاهر والاعتصام السلمي للجميع. وطالبت الجماعة كذلك بالتحقيق في الأحداث التي تمت في الأيام السابقة ومحاكمة المسؤولين عن قتل المتظاهرين وتحديد هوية من أطلق الرصاص في هذه الأحداث، والإفراج عن كافة المعتقلين فيها وعن جميع السجناء السياسيين المحكوم عليهم في ظل نظام مبارك ووقف محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية.

إلى ذلك، أكدت القيادات النقابية والعمالية أن الشرعية الحقيقية والوحيدة التي يتعين التمسك بها الجميع هي شرعية الثورة ووحدة نسيج الوطن ودعم الاقتصاد الوطني من خلال الحرص على زيادة الإنتاج. وطالبت القيادات العمالية بضرورة اتخاذ حزمة من الإجراءات تضمن تحقيق مطالب ثورة «25 يناير»، التي جاء على رأسها تحقيق العدالة الاجتماعية. واستنكرت القيادات العمالية ما حدث وما زال يحدث من قبل قوات الأمن المركزي التابعة لوزارة الداخلية «من إراقة المزيد من الدماء الطاهرة للشعب المصري في ميادين مصر الحرة».