محاولة اعتقال مستشار أحمدي نجاد.. رسالة أخرى من المحافظين بأن الأخير محاط بـ«منحرفين»

القضاء الإيراني اتهم مدير وكالة «إرنا» وصحيفة «إيران» بالإساءة إلى القيم الإسلامية

TT

طفت منافسة محتدمة بين الرئيس الإيراني وأعدائه الأقوياء في الطبقة الحاكمة من المحافظين على السطح يوم الاثنين الماضي، عندما اعتقلت قوات الأمن المستشار الإعلامي البارز الخاص بالرئيس، الذي يدير وكالة الأنباء الرسمية وإحدى الصحف البارزة، بحسب شهود ومصادر أخبار إيرانية.

وذكر الشهود أنه تم وضع الأغلال في يد المستشار علي أكبر جوانفكر، لمدة ساعة بعد أن قامت قوات الشرطة بالهجوم على مكتبه في طهران، ثم تم إطلاق سراحه بعد أن هدد الرئيس أحمدي نجاد شخصيا بأن يأتي بنفسه لإطلاق سراحه. وأضاف الشهود أن قوات الأمن استخدمت قنابل الغاز المسيل للدموع عندما اقتحمت مكتبه وقاموا باعتقال ما لا يقل عن 32 شخصا آخرين. ولم يتبين بعدُ ما إذا كان قد تم إطلاق سراح الآخرين.

ويعد جوانفكر مدير وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية، التي تعرف اختصارا باسم «إرنا»، ومدير صحيفة «إيران»، الصحيفة اليومية الرسمية التابعة لوكالة الأنباء الإيرانية. كذلك هو واحد من أقوى الشخصيات البارزة التي تروج لسياسات ورسائل الحكومة الإيرانية في العالم الخارجي.

ولم تتضح الملابسات التي أحاطت بهذا الهجوم، إلا أن هذه الحادثة تعد كبرى الحوداث الدرامية التي يظهر فيها جليا الخلاف بين أحمدي نجاد والمحافظين في الحكومة، وقد اتهم المنتقدون المحافظون الرئيس وذكروا أنه محاط بمجموعة «منحرفة» من المستشارين الرئاسيين الذين يريدون تدمير سلطة رجال الدين الإسلاميين.

وقد ظهر سبب اعتقال جوانفكر يوم الأحد عندما قضت محكمة إيرانية بأنه أساء إلى القيم الإسلامية عندما شكك في قواعد الزي الإسلامي الخاص بالنساء. وأمرت المحكمة بسجنه لمدة عام ومنعه من مزاولة مهنة الصحافة لمدة ثلاثة أعوام، إلا أن أمامه بضعة أسابيع لاستئناف الحكم.

وذكرت وكالة «مهر» للأنباء، من بين عدد من وسائل الإعلام التي أذاعت نبأ اعتقال جوانفكر، أنه قد تم اقتياده إلى السجن يوم الاثنين على أيدي مسؤولين قضائيين بتهمة «الإساءة إلى الإسلام والمبادئ الأخلاقية». وأضافت الوكالة أنه تم إطلاق سراحه بعد ذلك بعد «مشاورات بين مسؤولي الإدارة والسلطة القضائية». ولم يتحدث أحد عن تفاصيل التهم المنسوبة إليه.

وقد نفت «إرنا» اعتقال جوانفكر، لكن الأنباء التي نشرتها وكالة «مهر» وأنباء مشابهة نشرتها وكالة أنباء الطلبة الإيرانية، بالإضافة إلى مجموعة من التعليقات باللغة الفارسية على صفحات «فيس بوك» بواسطة أشخاص ذكروا أنهم كانوا حاضرين أثناء عملية الاعتقال، تذكر رواية مخالفة لذلك.

وأشارت تلك التعليقات إلى أن قوات الأمن، التي كانت تتصرف بالنيابة عن السلطة القضائية دخلت إلى مكتب جوانفكر ووضعت الأغلال في يده بعد أن عقد مؤتمرا صحافيا مع صحافيين إيرانيين اعترض فيه على إدانته وإصدار حكم ضده. كذلك ذكرت تلك التعليقات أن قوات الأمن استخدمت قنابل الغاز المسيل للدموع.

وبعد ساعة نشرت تلك التعليقات أنباء عن إطلاق سراح جوانفكر، بعد أن حذر أحمدي نجاد الضباط الذين اعتقلوه حتى يطلقوا سراحه أو أنه سيأتي ليفعل ذلك بنفسه. ولم يتسنّ التأكد من هذا النبأ من مصدر مستقل.

وقد ذكرت الـ«بي بي سي»، التي تبث باللغة الفارسية، إصابة شخص على الأقل أثناء الهجوم، وقد زاره مرتضى تامادون، محافظ طهران، لكنها لم تذكر مصدر الخبر.

وقد ذكر محللون سياسيون إيرانيون أن الدافع وراء إلقاء القبض على جوانفكر قد لا يكون هو حكم المحكمة والعقوبة. وذكروا أن هناك سببا آخر محتملا وهو الحوار الذي أجرته صحيفة «اعتماد»، وهي صحيفة إصلاحية في إيران، مع جوانفكر، حيث استخف جوانفكر ببعض المنافسين المحافظين لأحمدي نجاد. وعلى الفور تم الأمر بغلق الصحيفة لمدة عامين، وذلك بتهمة «نشر أكاذيب وإهانات لمسؤولين في المؤسسة الحاكمة»، بحسب وسائل إعلام أخرى.

وقد اتضح صراع السلطة بين أحمدي نجاد والمحافظين الدينيين في أبريل (نيسان)، عندما أحرج آية الله علي خامنئي، أحمدي نجاد وقام بإعادة وزير الاستخبارات، الذي كان نجاد قد أقاله، إلى منصبه.

كذلك نُظِر إلى الكشف عن فضيحة في مصرف على أنها ساحة قتال سياسي بين أحمدي نجاد ومنافسيه المحافظين. وقد ألقت السلطات القبض على عشرات الأشخاص في ما أطلقوا عليه أنه عملية اختلاس واسعة النطاق بلغت 2.6 مليار دولار، وكثيرا ما اتهم معارضو أحمدي نجاد، إسفنديار رحيم مشائي، رئيس أركانه، أنه على علاقة وثيقة بالمشتبه به. كذلك ذكر آية الله خامنئي، الذي قام بدعم فوز أحمدي نجاد في انتخابات عام 2009، مؤخرا أنه لم يمانع إلغاء منصب الرئيس المنتخب.

*خدمة «نيويورك تايمز»