منتدى حظر الأسلحة النووية في الشرق الأوسط.. خطوة «إيجابية صغيرة» على طريق طويل

رئيس المنتدى: مقاطعة إيران لا تفيدها > رئيس وكالة الطاقة السورية لـ «الشرق الأوسط»: شاركنا لأننا لا نتعامل بردود الفعل

TT

اختتمت بمقر الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بالعاصمة النمساوية فيينا، أمس، جلسات أول منتدى عالمي يخصص لبحث إمكانية أن تصبح منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من السلاح النووي، وعقد المنتدى في غياب إيران التي أعلنت مقاطعتها، شاركت الدول العربية كافة وتركيا وكذلك إسرائيل بالإضافة للدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن، ومندوبين عن الأقاليم الخمسة التي نجحت في نزع أسلحتها النووية وهي أفريقيا وأميركا اللاتينية والكاريبية وجنوب شرقي آسيا وآسيا الوسطى وجنوب المحيط الهادي.

إلى ذلك، وفي رد لرئيس المنتدى، مندوب النرويج لدى الوكالة السفير جان بيترسون، على سؤال وجه له في مؤتمر صحافي عقده في نهاية المنتدى، إن كان متفائلا أو متشائما بما دار أثناء الجلسات وبالنتائج التي خرج بها المنتدى، قال «أنا رجل عملي ليس من طبيعتي التفاؤل أو التشاؤم. وكل ما يمكن أن أقوله هو أن النقاش سار سيرا حسنا، في أجواء جيدة، وناقشنا الكثير كما استفدنا الكثير من تجارب الآخرين رغم حقيقة أن لكل إقليم خصائصه»، واصفا المنتدى بأنه «خطوة إيجابية صغيرة لكن الطريق لا يزال طويلا للغاية» نحو صياغة اتفاقية لحظر الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن انعقاده يضع لبنة يمكن البناء عليها. وأوضح بيترسون أن مهامه تنتهي بتقديم تقرير يرفعه لمدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو، يرفعه بدوره لمؤتمرها العام المقبل، مشددا على حقيقة أن المؤتمر المزمع عقده لذات الغرض 2012 وتستضيفه فنلندا يعتبر عملا منفصلا.

وفي إشارة إلى المقاطعة الإيرانية، قال بيترسون «لا أرى أنه (موقف) قد يفيد قضيتهم بأي شكل من الأشكال.. لكن القرار قرارهم».

إلى ذلك، وفي حين دارت جلسات المنتدى مغلقة، ولم يسمح لوسائل الإعلام بحضورها، فقد عمدت سكرتارية الوكالة إلى توزيع البيان الاستهلالي للمدير العام للوكالة يوكيا أمانو الذي حث فيه دول المنطقة على ضرورة تفكير جديد، وتقديم مداخلات خلاقة تتجنب تكرار مواقف معروفة سلفا، واصفا المحفل بكونه فرصة نادرة للمساعدة في بناء الثقة وتقليص الفروقات وتشجيع الحوار. من جانبهم، أجمع عدد من الدبلوماسيين ممن تحدثت إليهم «الشرق الأوسط» على وصف فكرة عقد المنتدى بالإيجابية كوسيلة لتجسير فرقة أزلية بين إسرائيل وجيرانها خاصة العرب، واصفين الأجواء بالسلمية والهادئة، داعين للتعامل بجدية لازمة من قبل الأطراف كافة، مبدين أسفهم لغياب إيران، متمنين ألا يطول الغياب الإيراني الذي عزوه لـ«موجة غضب» بسبب القرار الأخير الذي أصدره مجلس حكام الوكالة، الجمعة الماضي، وفيه تم توبيخ إيران ولفت نظرها لضرورة توضيح موقفها بخصوص اتهامات تطال نشاطها النووي، مؤكدين حقيقة أن إيران كانت من الدول التي عملت بقوة لقيام هذا المحفل، مذكرين بالدور الإيراني وقوة تنسيقها مع الدول العربية أثناء مؤتمر مراجعة اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية الذي انعقد في نيويورك في مايو (أيار) 2010 ونجح في استصدار قرار يدعو لعقد هذا المنتدى ومؤتمر آخر موسع يعقد 2012، مشددين على أن ذاك ما تم الاتفاق عليه وما التزمت به إيران حينها. من جانبه وفي معرض رد على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول أثر غياب إيران المتهمة بأبعاد عسكرية لنشاطها النووي؟ امتنع الدكتور إبراهيم عثمان، رئيس وكالة الطاقة الذرية السورية عن التعليق بزعم أن ذلك شأن يخص إيران وهي التي تقرر بموجبه وفق ما يتناسب ومصالحها، وعندما أشارت «الشرق الأوسط» لما قاله المندوب الإيراني لدى الوكالة السفير علي أصغر سلطانية بأن إيران لم تشارك احتجاجا على عدم توقيع إسرائيل لاتفاقية حظر انتشار السلاح النووي؟ قال الخبير السوري إن مقاطعة إيران جاءت كرد فعل بسبب قرار مجلس الأمناء الأخير، ماضيا بالقول إن سوريا «لا تتعامل بردود الفعل وإن مشاركتها تجيء بناء على قرار اتخذته دول المنطقة منذ فترة ماضية».

وردا على سؤال حول مدى التنسيق بين سوريا وبقية الدول العربية بالمنتدى، قال إن سوريا كانت دائما هي الصدر الواسع لأشقائها العرب، لا سيما أن هذه القضية قضية إقليمية تهم كل دول المنطقة، مضيفا «نحن لم نقاطع العرب بل هم الذين قاطعونا»، مختتما بالقول إن المنتدى ما هو إلا «مجرد محاولة لملء فراغ بخطابات»، متسائلا «ماذا سيقدم أو يؤخر أو يفيد خطاب يقدم في 10 دقائق من قبل مندوبي أقاليم تختلف وطبيعة إقليم الشرق الأوسط الذي به دولة تملك سلاحا نوويا لا تعترف به؟»، في إشارة إلى إسرائيل وردا على السؤال إن كانت هي دولة واحدة فقط أو دولتين، قال هي دولة واحدة فقط، وهي دولة إسرائيل.

إلى ذلك وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط» وصف المندوب المصري لدى الوكالة الدولية السفير خالد الشمعة المنتدى بـ«المفيد»، لما قال إنه «وفر فرصة للتعرف على تجارب الآخرين، لا سيما أن هناك اتفاقا تم الوصول إليه لبدء التفاوض بقيادة سكرتير عام الأمم المتحدة والدول الثلاث المودعة لمعاهدة حظر انتشار السلاح النووي، روسيا وبريطانيا والولايات المتحدة، كما تم اختيار فنلندا كدولة مضيفة لعقد مؤتمر 2012 لبحث أن تكون منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من السلاح النووي».

ورد على سؤال من «الشرق الأوسط» إن كان بالإمكان القول إن هناك أية بوادر ليونة أو خروج عن المواقف التقليدية المعروفة سواء من جانب إسرائيل أو الدول العربية، قال السفير المصري إن «المواقف لا تزال تقليدية، ولا يمكن القول بحدوث تجاوز لكن هناك تحركا يجبر الجميع على اللحاق به»، مؤكدا أهمية أن تشارك دول المنطقة كافة في العملية التفاوضية كسبيل للوصول لمنطقة شرق أوسط خالية من السلاح النووي.

من جانبه، كان المندوب اللبناني لدى الوكالة السفير قزحيا الخوري، الذي وصف المنتدى بـ«الحيوي» قد أكد في مداخلتين أمام المنتدى أنه لم يعد مجديا تضييع الوقت في الكلام بأن إسرائيل لديها أم ليس لديها سلاح نووي وذلك انطلاقا من حقيقة أن إسرائيل أصبحت، سواء أقرت أم لم تقر، هي الدولة النووية الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط. وحث على ضرورة الانتقال إلى ما هو أبعد من ذلك خاصة أن الجميع يعلم أن السلاح النووي هو سلاح ليس للاستعمال خاصة في منطقة جغرافية ضيقة كمنطقة الشرق الأوسط وأن إسرائيل إذا فكرت في استخدامه ستحرق هي قبل الآخرين وأنها إن كانت تحتفظ به من أجل الردع والتخويف فالكل يعلم أن لديها ترسانة من الأسلحة التقليدية كافية فماذا تنتظر؟!