عادل الدويري يتوقع حصول حزب الاستقلال على المرتبة الأولى.. ويرجح حكومة ائتلافية تقودها «الكتلة الديمقراطية»

المرشح لرئاسة حكومة ما بعد الانتخابات لـ «الشرق الأوسط»: من السابق لأوانه الحديث عن تشكيلة الحكومة المقبلة

عادل الدويري («الشرق الأوسط»)
TT

ترشح كثير من الأوساط في المغرب عادل الدويري، وزير السياحة الأسبق، لتولى رئاسة الحكومة المقبلة، في حال فوز حزب الاستقلال بالانتخابات، لكن الدويري يرى أن الحديث عن تشكيلة الحكومة المقبلة سابق لأوانه، وأن اختيار رئيس الحكومة وتشكيلتها من صلاحيات الملك حسب الدستور الجديد، استنادا إلى نتائج الانتخابات.

ويعتبر الدويري من المساهمين الرئيسيين في بلورة البرنامج الاقتصادي لحزب الاستقلال. وعن الفرضيات التي بني عليها هذا البرنامج وأهم بنوده، والتحالفات المحتملة للحزب في حال فوزه، تحدث في حوار مع «الشرق الأوسط» من الدار البيضاء هذا نصه:

*بعد غياب عن الساحة السياسة خلال الأربع سنوات الأخيرة، أي منذ انتهاء مهامك في الحكومة السابقة وزيرا للسياحة، يلاحظ أنك حاضر بقوة في الإعداد للانتخابات الحالية رغم أنك غير مرشح لها. ما تفسير ذلك؟

- ليس هناك أي سر، كما أنني لم أعتزل قط العمل السياسي والحزبي أو أنسحب منه. خلال الفترة التي تكلمت عنها تكلفت بالعمل وسط رجال الأعمال والكفاءات الاقتصادية والمالية، واستقطاب أكبر عدد ممكن منهم للعمل السياسي وتعزيز صفوف الحزب، خاصة مجلسه الوطني الذي يضم حاليا 800 شخصية. وفي هذا الإطار أسست رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين في 2008، والتي قدمت للحزب اقتراحات ومبادرات فيما يتعلق بالسياسات الاقتصادية، كما فتحت نقاشات عامة حول المسائل الاقتصادية الكبرى. هذا كان دوري وعملي في الحزب مند نهاية 2007. أما في الأسابيع الأخيرة فمن الطبيعي أن أساهم في الحملة الانتخابية للحزب، وذلك لا يشكل عودة للعمل السياسي لأنني لم أتوقف يوما. ودوري في الحملة واضح، وهو تقديم وتفسير برنامج الحزب الذي ساهمت الرابطة إلى جانب اللجان في إعداده.

*هل تتوقع أن يكون لك موقع في الحكومة المقبلة؟

- هذه المسألة ليست مطروحة الآن. المهم خلال هذه المرحلة هو العمل من أجل الفوز في الانتخابات وتصدر نتائجها. وقدم الحزب ضمن لوائحه كوادر عليا لها خبرة وتجربة، وفي نفس الوقت هناك نسبة من الشباب. ومن خلال هذه اللوائح المتوازنة نتمنى أن نكسب ثقة الناخبين.

*يطرح اسمك كمرشح لرئاسة الحكومة المقبلة؟

- العاهل المغربي الملك محمد السادس له واسع النظر والصلاحية التامة في اختيار الشخصية التي ستترأس الحكومة من الحزب الذي سيتصدر الانتخابات، وكذلك بالنسبة لتشكيل الحكومة. والحديث عن هذه الأمور الآن سابق لأوانه. ويجب انتظار ما ستسفر عنه النتائج.

*طرح عدم مشاركتكم في الحكومة الحالية التي كان يقودها حزب الاستقلال، أسئلة كثيرة. فما هو السبب بالضبط؟

- عندما تشكل الفريق الحكومي، لم تكن هناك حاجة لي. فالمناصب التي كانت متوفرة تولاها مرشحون كانت لديهم الكفاءة والخبرة اللازمة. أما فيما يخصني فقررت العمل في المجال الذي أعتقد أن عملي فيه سيكون مفيدا للحزب، باعتبار تخصصي المهني في مجال المال والاستثمار، وذلك من خلال تأسيس رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين كما قلت قبل قليل، ومواكبة السياسة الاقتصادية للحكومة.

*في مجال محاربة الفقر تقترحون في برنامجكم إنشاء صندوق لدعم الأسر المعوزة، هل سيتم تمويله من ميزانية الدولة؟

- الصندوق الذي نعتزم تأسيسه هو صندوق للتضامن الوطني، وبالتالي فتمويله سيكون عن طريق التضامن. لذلك نقترح أربع وسائل لتمويل الصندوق. وفي هذا الصدد نقترح إنشاء ثلاثة أنواع جديدة من الضرائب، والتي ستوجه حصيلتها لتمويل هذا الصندوق، وهي: إنشاء ضريبة جديدة بنسبة 3 في المائة على الدخل المرتفع، الذي يتجاوز 100 ألف درهم (12.5 ألف دولار) في الشهر، وضريبة جديدة على استهلاك المنتوجات الفاخرة، بالإضافة إلى رسم إضافي على صفقات بيع الأراضي غير المبنية. ونعتقد أن هذه الضرائب ستكون مقبولة في إطار قيم التضامن والتكافل السائدة في مجتمعنا. أما الوسيلة الرابعة فهي التمويل عن طريق فتح المجال أمام المساهمات التلقائية للمواطنين والشركات. ومن خلال هذا الصندوق سيتم تقديم دعم مالي مباشر، لكن مشروط، للأسر الفقيرة. وشروط الحصول على الدعم هي الحرص على توفير التعليم للأطفال والمحافظة على صحتهم، بالنسبة للدعم في إطار برنامج «تيسير»، وعلى صحة النساء الحوامل بالنسبة لبرنامج «رعاية». لدينا برامج أخرى متنوعة في المجال الاجتماعي منها الموجهة لسكن الطبقات المتوسطة، وتعميم التغطية الصحية.

*الإشكالية في المغرب، بالنظر إلى القانون الانتخابي، خاصة نمط الاقتراع باللائحة، أن الحزب الفائز في الانتخابات، مهما كان، سيضطر للدخول في تحالفات مع أحزاب أخرى لتشكيل الحكومة. فما هي الضمانات بأن برنامجكم المعلن قبل الانتخابات سيكون برنامج الحكومة التي ستشكلونها في حال فوزكم؟ وما هي توجهاتكم فيما يتعلق بالتحالفات؟

- صحيح أن القانون الانتخابي الحالي هو قانون توافقي، ونحن وافقنا عليه اعتبارا لخصوصية المرحلة التي يمر منها المغرب والمنطقة العربية في عام 2011. هو قانون توافقي بمعنى أنه يشتت ويوزع بصورة واسعة المقاعد في البرلمان على عدد كبير من الأحزاب. الشيء الذي سيحتم على الحزب الذي يفوز في الانتخابات سيتصدر الانتخابات الدخول في تحالف للحصول على الأغلبية في البرلمان. أعتقد أن هذا سيكون خلال فترة محدودة من تطور المغرب، وأننا تدريجيا سنتجه نحو قوانين انتخابية مماثلة للديمقراطيات المتقدمة، مع برلمان قوي بأحزاب كبرى، الشيء الذي سيمكن آنذاك من تشكيل حكومة منسجمة وقوية. بالنسبة للانتخابات الحالية أتوقع بالطبع أن يتصدر حزب الاستقلال الانتخابات المقبلة، وأن يختار الملك رئيس الحكومة من داخل الحزب. في هذه الحالة حلفاؤنا الطبيعيون هم حزب الاتحاد الاشتراكي وحزب التقدم والاشتراكية، اعتبارا للأدوار التي لعبناها معا في إطار «الكتلة الديمقراطية» خصوصا في الفترات الحاسمة من التطور الديمقراطي في البلاد. هذا هو التحالف الأساسي، النواة الرئيسية للحكومة المقبلة، لكننا أيضا سنوسع هذا التحالف لأحزاب أخرى كي نتأكد من التوفر على أغلبية واسعة في البرلمان. ومنهجيتنا في هذه التحالفات ترتكز حول طرح ميثاق للأغلبية، يتضمن التزامات الحزب أمام الناخبين، على كل الأحزاب التي تدخل التحالف أن تلتزم به. وبالتالي فالأحزاب التي يمكن أن نتحالف معها هي تلك الأحزاب التي يوجد حد أدنى من التطابق بين برامجها وهذه الالتزامات. لأنه لا يمكن في نهاية الولاية أن تتذرع الحكومة بأن اضطرارها إلى الدخول في تحالفات حال دون تنفيذ برامجها. الناخب لن يفهم ذلك، خصوصا أن الدستور الجديد حمل رئيس الحكومة مسؤولية كاملة عن عمل الحكومة.

*من خلال الحملة الانتخابية، ما تقييمكم لمدى تجاوب السكان ونسبة المشاركة المرتقبة؟

- هناك تخوف من طرف الجميع بأن لا تكون المشاركة في المستوى المطلوب. وأود هنا أن أهنئ الحكومة على الحملة الإعلامية التي أطلقتها من أجل حث المواطنين على المشاركة، والتي استعملت فيها جميع الوسائل التقليدية والجديدة، بما فيها الإنترنت. لكني شخصيا أتوقع أن تتطور نسبة المشاركة مستقبلا في المغرب باتجاه الارتفاع، وسنرى نسبة مهمة خلال الانتخابات المقبلة في 2016، مع استيعاب المغاربة للآفاق التي فتحها الدستور الجديد والمسؤوليات التي وضعها على عاتق الحكومة. وتوسيع المشاركة في المستقبل يتطلب أيضا الكثير من التواصل من طرف رئيس الحكومة المقبلة، وتنويع وتحرير لوسائل الإعلام وقنوات تعبير المواطنين عن آرائهم بكل حرية.