ليبيا تعلن عن تشكيل أول حكومة بعد القذافي

وزراء تكنوقراط في غالبية الحقائب.. واثنتان للمرأة و7 للإسلاميين

رئيس الوزراء الليبي الدكتور عبد الرحيم الكيب وعضو المجلس الانتقالي عبد الحفيظ غوقة خلال المؤتمر الصحافي أمس للإعلان عن تشكيل الحكومة في طرابلس (أ.ف.ب)
TT

علمت «الشرق الأوسط» أن الحكومة الليبية الجديدة، التي يفترض أن تقود المرحلة الانتقالية على مدى الشهور الثمانية المقبلة في ليبيا، تعرضت لعملية تعديل مستمرة في قائمة الوزراء المرشحين أكثر من مرة قبل إعلانها مساء أمس.

وعقد رئيس الوزراء الليبي المكلف الدكتور عبد الرحيم الكيب مؤتمرا صحافيا مساء أمس في العاصمة الليبية طرابلس أعلن فيه القائمة الرسمية لحكومته التي شملت تعيين نائبين له هما الدكتور مصطفى أبو شاقور وعمر عبد الله عبد الكريم.

كما تقرر تعيين أسامة الجويلي وزيرا للدفاع، وفوزي عبد العال وزيرا للداخلية، وعبد الرحمن بن بزة وزيرا للمالية والنفط، وعاشور بن خيال وزيرا للخارجية.

وطبقا لما أعلنه الكيب فقد تقرر تعيين نعيم الغرياني وزيرا للتعليم العالي، والطاهر شركس وزيرا للاقتصاد، ومصطفى الرجباني وزيرا للعمل، والدكتورة فاطمة الحمروش وزيرة للصحة. كما تم تعيين محمد محمود الفطيسي وزيرا للصناعة، وعبد الرحمن هبيل وزيرا للثقافة والمجتمع المدني، وحمزة أبو فارس في منصب وزير الأوقاف والشؤون الدينية، والدكتور سليمان الساحلي وزيرا للتعليم، وعلي حميدة عاشور وزيرا للعدل، ومحمد الهادي الهاشمي الحراري في وزارة الحكم المحلي، وإبراهيم السقوطري في وزارة الإسكان والمرافق، ويوسف الوحيشي في وزارة المواصلات، وفتحي تربل وزيرا للشباب والرياضة، ومبروكة الشريف جبريل في وزارة الشؤون الاجتماعية، وعيسى التويجري وزيرا للتخطيط، وسليمان عبد الحميد بوفروجة لحقيبة الزراعة، وعوض البرعصي في وزارة الكهرباء، والدكتور أنور الفيتوري لوزارة الاتصالات.

وتكشف القائمة الرسمية للحكومة الجديدة عن تعيين وزراء تكنوقراط في غالبية الحقائب الوزارية مع منح المرأة حقيبتين فقط بينما تمت الاستعانة ببعض أعضاء المجلس الانتقالي لشغل بعض الحقائب.

وقبل المؤتمر الصحافي للكيب، قال مصدر بالمجلس الانتقالي لـ«الشرق الأوسط» إن الدخان الأبيض خرج بصعوبة من ردهات مقر المجلس الوطني الانتقالي، مشيرا إلى أنه بين الحين والآخر كان يتم استبعاد بعض الأسماء وإضافة مرشحين آخرين. وقال: «عملية التعديل والتنقيح في القائمة النهائية للحكومة كانت عملية مرهقة.. هناك خلافات وعملية شد وجذب».

وكان رئيس الوزراء الليبي المكلف بتشكيل أول حكومة انتقالية في ليبيا، بعد إسقاط نظام القذافي ومقتله، قد سلم قائمة حكومته إلى المجلس الانتقالي مساء أول من أمس، قبل أن ينهمك طيلة أمس في عملية إضافة واستبعاد بعض الأسماء بسبب بعض الاعتراضات والتحفظات من أعضاء المجلس.

وقبل إعلان الحكومة، نفى الكيب ما تردد عن تدخل في تشكيل حكومته، داعيا للتركيز خلال المرحلة المقبلة على المصالحة الوطنية. وأضاف الكيب أن مهمته في ليبيا ستنتهي في غضون 8 أشهر، هي مدة الفترة الانتقالية، وأنه لا يطمح للبقاء في السلطة بعدها.

وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» هاتفيا من طرابلس إن الجدل يرجع إلى تعدد المرشحين لكل وزارة، وعلى سبيل المثال لفتت المصادر إلى أنه كان هناك 4 مرشحين محتملين لحقيبة الخارجية، من بينهم فتحي البعجة وإبراهيم الدباشي وعاشور بن خيال وناصر المناع.

وتحفظ أعضاء في المجلس الانتقالي على عدد غير قليل من المرشحين بسبب عدم خبرتهم، أو انقطاعهم عن العمل الداخلي في البلاد قبل سقوط نظام القذافي. وعاب البعض غياب التيار الليبرالي مقابل حصول التيار الإسلامي على 7 حقائب وزارية، بينما تم تعيين 7 وزراء من الناحية الشرقية في البلاد، بينما هيمن مرشحو المنطقة الغربية على معظم الوزارات السيادية، مقابل عدم تمثيل الجنوب.

وقال مسؤولون ليبيون لـ«الشرق الأوسط» إن خلافات حادة نشبت بين أعضاء المجلس حول حقيبتي الداخلية والدفاع، بسبب رغبة بعض قيادات الثوار في الحصول عليهما. وأبلغ عبد الله ناكر رئيس مجلس ثوار طرابلس «الشرق الأوسط» بعدم ممانعته أو المجلس في اختيار الجويلي، الذي قال: إنه شخص وطني وساهم منذ البداية في العمل العسكري والميداني لإسقاط نظام القذافي.

والجويلي ضابط سابق في الجيش الليبي قامت قواته من الزنتان بدور محوري في الهجوم على طرابلس الذي أنهى حكم القذافي في شهر أغسطس (آب) الماضي، لكنه لم يظهر سابقا باعتباره منافسا على وزارة الدفاع، في مقابل عبد الحكيم بلحاج أحد كبر مسؤولي الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة سابقا، والرئيس الحالي للمجلس العسكري لطرابلس الموالي للمجلس الانتقالي.

لكن البعض يرى أن حظوظ الجويلي ارتفعت بعد أن اعتقلت القوات التابعة له يوم السبت الماضي سيف الإسلام النجل الثاني القذافي الذي تطلب المحكمة الجنائية الدولية تسلمه لمحاكمته.

وأكد مصدر في المجلس الوطني الانتقالي الليبي لوكالة رويترز أن المجلس عين الجويلي في إطار ترشيحاته الأولى لتشكيل حكومي كان يغلب عليه الليبراليون العلمانيون، ولم يعط أدوارا رئيسية للإسلاميين الذين يسعون لتولي السلطة منذ سقوط معمر القذافي.

وقال مصدر في المجلس اطلع على قائمة الوزراء المعينين إنه جرى الاتفاق على التشكيلة الحكومية الجديدة التي ستدير البلاد إلى حين إجراء انتخابات خلال اجتماع عقد في وقت متأخر أول من أمس، لكن وفي مؤشر على التوترات المحيطة بالتشكيل الحكومي قال وزراء في وقت لاحق إن بعض أعضاء المجلس الوطني الانتقالي تناقشوا مجددا بعد الاتفاق على التعيينات.

وقال المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه «بعض الناس لا يقبلون بعض الأسماء».

يشار إلى أن الكيب تعهد مؤخرا بأنه سيختار الأكفأ لقيادة البلاد نحو الديمقراطية، وليس من لهم الثقل السياسي الأكبر. معتبرا أن الكفاءة ستكون هي المعيار الأساسي وأن هذا سيتيح إشراك كل المناطق الليبية في الحكومة. وأضاف أنه يسعى لأن تكون الحكومة الجديدة متماسكة وقادرة على أداء مهمتها.

وبعد 3 أشهر من تمرد مسلح أنهى حكم القذافي الذي استمر 42 عاما، يواجه المجلس الوطني الانتقالي مهمة تحقيق توازن بين الفصائل الإقليمية المتنافسة والمعسكرات الآيديولوجية؛ التي تسعى جميعها للحصول على نفوذ في ليبيا الجديدة.