أردوغان يدعو الأسد للتنحي ويصفه بـ«الجبان»

الرئيس التركي غل: الأسد لم يعد جديرا بالثقة.. وذكره بمصير هتلر والقذافي

عربة تحمل السيدة التركية الأولى خير النساء والأمير فيليب، أثناء وصولها إلى قصر بكنغهام، أمس (أ.ب)
TT

دعا رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الرئيس السوري بشار الأسد أمس، إلى التنحي للمرة الأولى، ووصفه بأنه «جبان» و«طاغية». وفي أقسى انتقاداته للنظام السوري، ذكر أردوغان، الأسد بالمصير الذي لقيه العقيد الليبي السابق معمر القذافي، وكذلك ديكتاتوريون سابقون من بينهم أدولف هتلر وبينيتو موسوليني ونيكولاي تشاوسيسكو.

وقال أردوغان متوجها للأسد في خطاب أمام حزبه، نقل مباشرة على قنوات التلفزيون: «لصالح شعبك والمنطقة، اترك هذا المقعد». وتابع يقول: «تنح دون إراقة مزيد من الدماء ودون التسبب في مزيد من الظلم ومن أجل السلام للشعب والبلاد والمنطقة. لا مطامع لنا في أراضي أي دولة، ولا رغبة لنا في التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة». واستطرد قائلا «ولكن عندما يتعرض شعب للاضطهاد، وخصوصا شعب من أقاربنا وأشقائنا وبيننا وبينه حدود طولها 910 كيلومترات، لا نستطيع مطلقا أن نتظاهر بأنه لا يحدث شيء وندير ظهورنا». وقال أردوغان، إن «انتقاد تركيا للأسد ليس دعوة للتدخل الخارجي». وأضاف «انتقاد طاغية يضطهد شعبه ويحول سلاحه ضد شعبه ليس تدخلا في الشؤون الداخلية وليس دعوة للعالم للتدخل العسكري. لا نريد سوى السلام والرخاء لشعب شقيق».

وفي إشارة إلى تصريحات للأسد في مقابلة لصحيفة «صنداي تايمز» الأحد الماضي قال فيها إنه مستعد للموت من أجل سوريا إذا اضطر لمواجهة تدخل أجنبي، قال أردوغان «بشار الأسد يقول إنه سيقاتل حتى الموت». وأضاف مخاطبا الأسد «إن القتال ضد شعبك.. ليس بطولة، بل هو جبن». وأضاف «إذا أردت أن ترى أحدا قاتل حتى موته ضد شعبه، فقط انظر إلى ألمانيا النازية، فقط انظر إلى هتلر، إلى موسوليني، إلى نيكولاي تشاوسيسكو في رومانيا. إذن لا يمكنك تعلم أي دروس من هؤلاء، إذن انظر إلى العقيد الليبي الذي قتل قبل 32 يوما بطريقة لا أحد منا يتمناها، وقد استعمل التعبيرات نفسها التي استعملتها أنت». وسخر أردوغان من الأسد لوعده بالقتال حتى الموت ضد معارضيه في الداخل، قائلا إنه «لم يبد نفس الاستعداد للتضحية بحياته لاستعادة مرتفعات الجولان المحتلة من أيدي الإسرائيليين».

وكان أدولف هتلر لقي حتفه في حصن تحت الأرض بعد أن أطبقت قوات التحالف على برلين، بينما قتل الزعيم الإيطالي بينيتو موسوليني شنقا عندما علقه عدد من الغاضبين في عمود للإضاءة، وتم إعدام الديكتاتور الشيوعي الروماني نيكولاي تشاوسيسكو رميا بالرصاص هو وزوجته يوم عيد الميلاد في عام 1989.

وازدادت التوترات بين دمشق وأنقرة، أول من أمس، بعد تعرض حافلة تحمل حجاجا أتراكا لإطلاق النار في سوريا أثناء عودتها من مكة المكرمة. وفي أول تصريحات رسمية له تؤكد الهجوم، قال أردوغان، إن «الإدارة السورية لم تمنع الهجوم على الحافلات التي تقل الحجاج»، متهما دمشق بالفشل في حماية الحجاج. وقال إن «حماية مواطني دولة أجنبية.. هي مسألة شرف بالنسبة لأي بلد». ودعا القيادة السورية إلى العثور على مرتكبي الهجمات على البعثات الدبلوماسية التركية والحجاج وتقديمهم للعدالة فورا. ورغم توجيهه الانتقادات المتزايدة للرئيس السوري منذ أسابيع، فإن هذه هي المرة الأولى التي يدعو فيها أردوغان الأسد للتنحي، ليكون ثاني زعيم يدعو إلى ذلك بعد العاهل الأردني الملك عبد الله الذي دعا الرئيس السوري إلى التنحي الأسبوع الماضي. كذلك، انتقد الرئيس التركي عبد الله غل الذي يزور بريطانيا، النظام السوري، وقال في مقابلة مع صحيفة الـ«غارديان» البريطانية، إن سوريا وصلت إلى «طريق مسدود»، وإن التغيير «حتمي»، لكنه قال إن التغيير يجب ألا يتحقق من خلال التدخل الخارجي.

واعتبر غل أن «الأسد لم يعد جديرا بالثقة»، بعد ثمانية أشهر احتجاجات راح ضحيتها آلاف المواطنين. ورفض الرئيس التركي التعليق بشكل مباشر على تقارير تفيد بأن بلاده تعتزم إقامة منطقة عازلة على حدودها مع سوريا، مؤكدا أن إيجاد ملاذ للجماعات المسلحة على أراضيها مرفوض، رغم أن أنقرة على استعداد للمضي في توفير «منصة ديمقراطية» للمعارضة السورية. واستبعد غل أن يكون التدخل الخارجي السبيل الوحيدة لإحداث التغيير، وقال إن الشعب هو الذي يصنع التغيير. وتابع أن الحرب الأهلية لا يرغب بها أحد، ودعا إلى بذل كل شيء من أجل منع وقوع حرب أهلية لأنها «خطيرة جدا».

ولفت الرئيس التركي إلى أنه تحدث إلى الأسد كثيرا قبل أشهر مضت، وأسدى إليه نصيحة بالسماح بإجراء انتخابات حرة وإطلاق المعتقلين السياسيين والإعلان عن جدول زمني للإصلاحات. وأضاف «لكن الأمر بات الآن متأخرا جدا ويبدو أن الأسد سلك طريقا مختلفا، وبصراحة لم نعد نثق به».

وكانت ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية قد استقبلت أمس الرئيس التركي وزوجته في مستهل زيارتهما التي تستمر ثلاثة أيام لبريطانيا. وسيحل غل وزوجته خير النساء، ضيفين على الملكة في قصر باكنغهام خلال الزيارة التي ستشمل جوانب ترفيهية بقدر ما تشمله من مناقشات سياسية جادة. وكثفت تركيا في الأشهر الأخيرة انتقادها لعدم توقف القمع المستمر منذ ثمانية أشهر في سوريا وعدم تنفيذ الإصلاحات التي وعدت الحكومة بتطبيقها. وينتقد الزعماء الأتراك الأسد بشكل شبه يومي منذ أن تعرضت البعثات الدبلوماسية التركية في سوريا للهجوم على أيدي حشود مؤيدة للزعيم السوري في وقت سابق هذا الشهر. وطالب أردوغان الأسد من جديد بالعثور على مرتكبي تلك الاعتداءات ومنفذي هجوم على حافلة تقل أتراكا داخل سوريا أول من أمس (الاثنين). وتعارض تركيا التدخل الخارجي، لكنها اجتمعت مع جماعات سورية معارضة وسمحت لها بالعمل في المدن التركية. وقدمت أيضا ملاذا لمنشقين على الجيش السوري، لكنها تنفي دعم أي مقاومة مسلحة.

وقالت «سي إن إن ترك» أمس، إن قائد القوات البرية التركية زار مدينة سانليورفا الجنوبية قرب الحدود السورية لتفقد القوات ولم تقدم تفاصيل أخرى. ونقلت صحف تركية عن مسؤولين أتراك قولهم في مطلع الأسبوع، أن تركيا قد تقيم منطقة حظر للطيران أو منطقة عازلة داخل الأراضي السورية لحماية الشعب من قوات الأمن السورية لتفادي أي نزوح جماعي محتمل للاجئين من سوريا. ويعيش الآن أكثر من سبعة آلاف لاجئ سوري في مخيمات داخل تركيا.