نزوح كثيف من حمص إلى لبنان بسبب انقطاع التيار الكهربائي

TT

لا يبدو بالأمر المبالغ فيه الإشارة إلى أنه بالإمكان أن يستدل على وضع منطقة يحاصرها النظام السوري من خلال النظر إلى وضع خدمات الكهرباء والاتصال والتواصل فيها، يضاف إليها مع بدء موسم الصقيع المحروقات والغاز. في كل مرة اشتد فيها حصار القوى الأمنية لمدينة أو بلدة سورية ما، يبدأ النظام التضييق الأمني بقطع الكهرباء وخدمات الهاتف الجوال والأرضي وقطع الإنترنت، ليشكل ذلك صفارة إنذار لبدء حصار وعمليات قصف ومداهمات وتمشيط واسعة.

وفي هذا الإطار، وجه ناشطون سوريون من معرة النعمان وريفها أول من أمس نداء عاجلا إلى جامعة الدول العربية والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان، أشاروا خلاله إلى أن «الاتصالات الأرضية والجوالة والإنترنت مقطوعة 100 في المائة عن معرة النعمان وريفها – منذ ثلاثة أيام، كما أن المحروقات مقطوعة بشكل شبه تام رغم البرد القارس منذ أيام».

كما لفتوا إلى أن الكهرباء «تتقطع بشكل مستمر» في الأيام الأخيرة، في مقابل «نقص حاد في القمح والسلع التموينية، بسبب حصار قوات الجيش والأمن للمدينة وعزلها عن الريف منذ أسابيع».

وتعاني مدينة حمص، منذ أكثر من عشرين يوما من انقطاع في الكهرباء، ما جعلها تشهد حركة نزوح كبيرة جدا باتجاه لبنان عبر معبر العريضة الحدودي، في موازاة استمرار انقطاع الإنترنت عن جميع مناطق ريف إدلب في الريف الشمالي وفي سراقب وريفها وجبل الزاوية ومعرة النعمان وجسر الشغور وكفرنبل ومحيطها وفي خان شيخون والهبيط وجبل شحشبو، مع انقطاع الكهرباء لأوقات طويلة.

والى جانب انقطاع الكهرباء والإنترنت، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بتوقفت إمدادات أحياء مدينة حمص بأسطوانات الغاز منذ أكثر من أسبوعين بشكل كامل، في ظل استمرار أزمة المحروقات ووقود التدفئة، التي تشهد انخفاضا حادا في سوريا، وسط اتهامات للنظام السوري بتوجيه مقدرات الدولة لدعم الحملة الأمنية ومعاقبة الأحياء والمدن المنتفضة.

وفي موازاة شكوى مواطنين سوريين من ارتفاع في أسعار المحروقات و«جرات الغاز»، نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن وزير النفط والثروة المعدنية سفيان العلاو منذ أيام أن «وحدات تعبئة الغاز في سوريا تعمل بطاقتها القصوى وتنتج يوميا أكثر من 245 ألف أسطوانة غاز تغطي الحاجة»، لافتا إلى أن «كميات الغاز المنتجة في وحدة تعبئة الغاز في محافظتي دمشق وريفها بلغت طاقتها القصوى مع 60 ألف أسطوانة يوميا».

ومعروف أن السلطات هي من تشرف على توزيع «جرات الغاز» على المواطنين في سوريا. وكان ناشطون سوريون بثوا مقاطع فيديو على موقع «يوتيوب»، تظهر عشرات المواطنين في مدينة حمص وهم يقفون في طابور طويل بانتظار وصول دورهم لتبديل «جرة الغاز».

تجدر الإشارة إلى أن عودة سريعة إلى محطات سابقة منذ بدء الانتفاضة الشعبية السورية في منتصف شهر مارس (آذار) الماضي تظهر اتباع النظام السوري استراتيجية قطع الكهرباء ووسائل الاتصال والتواصل خلال الأشهر الثمانية الماضية، والتي لا يزال يتبعها حتى اللحظة. في 25 أبريل (نيسان) الماضي، بدأ النظام حصاره بقطع المياه والغذاء والكهرباء في محاولة لتجويع شعبها المنتفض، وترافق تطويق النظام للرستن وتلبيسة بالدبابات في 29 مايو (أيار) مع قطع خدمات الماء والكهرباء والاتصالات عنهما.

وفي 30 يونيو (حزيران) الماضي، فرضت القوى الأمنية حظر تجول في جبل الزاوية مع قطع الماء والكهرباء والاتصالات عنها، وفي 31 يوليو (تموز)، دخل الجيش السوري إلى مدينة حماه، وبعد قطع الكهرباء عن معظم أحيائها الشرقية، بدأت الدبابات في الكثير من المناطق بقصف الأحياء بالمدفعية. وفي الرابع من أغسطس (آب) الماضي، نقلت تقارير إعلامية أن 30 طفلا ماتوا في المستشفيات بسبب انقطاع الكهرباء لمدة 5 أيام.