المجلس العسكري: الانتخابات البرلمانية ستجرى في موعدها المقرر دون تأجيل

المصريون حائرون بين تأجيلها أو إقامتها

رئيس اللجنة العليا للانتخابات المصرية واللواءان مختار الملا وممدوح شاهين عضوا المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مؤتمر صحافي أمس (أ.ف.ب)
TT

أعلن المجلس العسكري الحاكم في مصر أن الانتخابات البرلمانية ستجرى في موعدها المقرر يوم الاثنين المقبل الموافق 28 نوفمبر (تشرين الثاني) من دون تأخير أو تأجيل، في أول انتخابات تشهدها البلاد عقب تنحي الرئيس السابق حسني مبارك عن الحكم.

وبينما أكدت اللجنة المشرفة على الانتخابات أنه تتم متابعة كل إجراءات الانتخابات التي ستجرى في 9 محافظات، عبر مصريون عن حيرتهم من تأجيل الانتخابات أو إقامتها في موعدها، قائلين «لم نعد نعرف أين هي مصلحة البلد.. هل نقيم الانتخابات البرلمانية في موعدها أم نؤجلها؟».

وقال اللواءان مختار الملا وممدوح شاهين، عضوا المجلس العسكري، اللذان تحدثا خلال مؤتمر صحافي عالمي أمس، إن الانتخابات ستجرى دونما أدنى تأجيل، انطلاقا من حرص المجلس على تسليم السلطة للمدنيين المنتخبين ممثلي الشعب. وفيما أعرب اللواء الملا عن أمله في أن يتم تشكيل الحكومة الجديدة قبل بدء الانتخابات، قال اللواء شاهين إن المجلس لو كان يطمع في البقاء في سدة الحكم لما كان قد بادر بالإعلان عن رغبته في تسليم السلطة للمدنيين وإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية وفق جدول زمني.

من جهته، قال المستشار عبد المعز إبراهيم، رئيس اللجنة العليا للانتخابات، إن القضاة الذين سيضطلعون بالإشراف على الانتخابات أبدوا استعدادهم الكامل والتام لتحمل المسؤولية، نافيا في الوقت ذاته ما تردد عن اعتذار أعدادا كبيرة من القضاة عن عدم الإشراف على الانتخابات، ومؤكدا أن من تقدموا باعتذارهم 35 قاضيا فقط نظرا لظروف صحية، مشيرا إلى أن النتائج سيتم إعلانها في اليوم التالي بالنسبة للانتخاب على المقاعد الفردية، بينما سيتم إعلان نتائج القوائم الحزبية في نهاية الانتخابات، مؤكدا أن اللجنة تتابع حاليا المعاينات التي تجري لمقار اللجان الانتخابية للتأكد من مدى صلاحيتها لإجراء الانتخابات ولتيسير أداء ذوي الاحتياجات الخاصة والمرضى والمعاقين لحقهم الدستوري في الإدلاء بأصواتهم.

وفي ظل الاهتمام العالمي بما يجري في مصر، حضت فرنسا السلطات الانتقالية المصرية على احترام الاستحقاقات الانتخابية، وأعربت عن الأمل في أن تجرى في «ظروف ممتازة»، كما أعرب وزير التعاون الفرنسي هنري دو رينكور، في الوقت نفسه، عن أن «فرنسا تشعر بالقلق» من الأحداث الجارية في مصر، لكنه حض «السلطات الانتقالية المصرية على احترام الاستحقاقات الانتخابية».

في غضون ذلك، واصل مرشحو التيار الإسلامي وبعض الأحزاب حملاتهم الانتخابية في القاهرة والمحافظات، وقال محمد نور، المتحدث الإعلامي لحزب النور ذي التوجه السلفي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الحزب يواصل حملات مرشحيه الانتخابية؛ لكن ليس بالحماس التي كانت قبل أحداث السبت الماضي»، لافتا إلى أن التيار الإسلامي في مصر يعتبر إجراء الانتخابات في موعدها هو المخرج الوحيد الشرعي لأزمة مصر.

«والله إنني لم أعد أعرف أين هي مصلحة البلد.. هل نقيم الانتخابات البرلمانية في موعدها أم نؤجلها؟».. بهذه العبارات القصيرة رسم محمود حسن، مدرس ثانوي بالقاهرة، حالة الارتباك التي يعيشها المصريون الآن. فبينما يقتنع مواطنون بضرورة إجراء الانتخابات في موعدها لوضع نهاية للمرحلة الانتقالية والبدء في إجراءات تسليم السلطة لمؤسسات منتخبة، يتساءل المواطنون ذاتهم «كيف نأمن على أرواحنا عندما نذهب للتصويت في ظل هذه الأجواء المشحونة وعدم الاستقرار الأمني؟».

وتتزايد المخاوف من تأجيل أول انتخابات منذ تنحي مبارك، في أعقاب أسبوع من المصادمات الدامية بين متظاهرين وقوات الأمن بميدان التحرير بوسط القاهرة وفي عدد من المحافظات، والتي خلفت نحو 40 قتيلا وآلاف الجرحى. ويخشى المصريون من ضياع الفرصة الأولى لوضع البلاد على الطريق الصحيح للديمقراطية؛ لكن لا يغادر أذهانهم مشهد استخدام البلطجية والأسلحة لإجبار الناخبين على التصويت لصالح مرشحين بعينهم، كما كان يحدث في الانتخابات التي كان يعقدها النظام السابق، وإن كانت التوقعات هذه المرة تشير لأعمال عنف أكبر في ظل عدم وجود قبضة أمنية محكمة.

ويشرح محمود «أنا لست مع تأجيل الانتخابات.. أريد أن تتم وننتهي من هذا الجدل العقيم ومن نزاع القوى السياسية والمظاهرات اليومية في الميادين.. لكن من يضمن لنا حال البلد إذا كان الجيش والشرطة لا يستطيعان فض مظاهرة واشتباكات في شارع واحد؟!».

الحاجة زينب، ربة المنزل، حسمت موقفها وقررت منذ الآن ألا تنزل للتصويت في الانتخابات سواء تمت أم تأجلت. وهي تقول «بعدما رأيت كم هذا العنف والتعصب لدى المرشحين لن أذهب للتصويت حتى ولو دفعت 500 جنيه (غرامة عدم النزول في الانتخابات)، وإذا استطعت فلن أجعل أولادي يذهبون أيضا». وتتابع «حياتنا أهم.. ومستقبل البلد هو في الحفاظ على مواطنيها وليس الدفع بهم في مغامرة غير محسوبة».

هذا الجدل الذي لا يكاد يخلو من أي نقاش في أي تجمع حتى داخل المنازل، دار مساء أمس، داخل إحدى سيارات النقل العامة (الميكروباص)، وكاد يصل إلى مشاجرة بين ركاب عائدين من عملهم. وقد بدأ الحوار الساخن عندما قام أحد الشبان المارة بإلقاء ورقة دعاية لأحد مرشحي جماعة الإخوان المسلمين في الانتخابات على الركاب، فسخر أحدهم قائلا «يا أخي حرام عليك هل هذا وقته.. كل يبحث عن همه»، ردت عليه سيدة بجواره قائلة «هؤلاء وأمثالهم من القوى السياسية يبحثون عن مصلحتهم، ويردون تقسيم الكعكة عليهم.. يبحثون عن الكراسي ولا ينظرون لحال البلد». هنا صاح أحد المواطنين يجلس في الخلف، ويبدو من ملامحه أنه يؤيد أحد التيارات الإسلامية «تأجيل الانتخابات سيتسبب في المزيد من التدهور الاقتصادي والسياسي والأمني»، مضيفا «نحن قمنا بالثورة لتسليم البلاد لسلطة منتخبة من الشعب، وجاء تنفيذ ذلك الآن، فكيف تؤجلون هدفا أزهقت أرواح المصريين من أجله؟».. وأكمل «إذا تم تأجيل الانتخابات ستقوم ثورة جديدة ولن يستطيع أحد أن يوقفها».

وتدخل آخر، لحل الأزمة وقال «أعترف بصعوبة إجراء الانتخابات في ظل هذه الظروف، لكنني أتمنى إذا حدث تأجيل أن يكون وفق جدول زمني لا يزيد على أسبوعين».