جدار فاصل يعيد هدوءا هشا لشارع محمد محمود بعد 5 أيام دامية

المجلس العسكري يعتذر للمصريين.. والمحافظات تحتشد لمليونية الجمعة

جنود من الجيش يعتلون الجدار الأسمنتي الفاصل بين المتظاهرين وقوات الشرطة في شارع محمد محمود وسط القاهرة أمس (إ.ب.أ)
TT

نجحت قوات الجيش المصري أمس، في وقف اشتباكات متظاهري ميدان التحرير وقوات الشرطة في شارع محمد محمود، والتي استمرت منذ يوم السبت الماضي، بإقامة جدار فاصل في منتصف الشارع المتفرع من ميدان التحرير، من الكتل الإسمنتية الضخمة التي وقفت فوقها ثلة من جنود قوات الصاعقة ومكافحة الشغب التابعة للجيش مدججين بالسلاح. في حين أعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يدير شؤون البلاد منذ تنحي الرئيس السابق حسني مبارك في فبراير (شباط) الماضي، أسفه واعتذاره للشعب المصري عن سقوط ضحايا في تلك الاشتباكات، محذرا في الوقت نفسه من دخول البلاد في حالة من الفوضى الشاملة.

وانتشرت اللجان الشعبية في جميع المحاور المؤدية لشارع محمد محمود، وقاد شباب من ائتلاف شباب الثورة وبعض أطباء المستشفى الميداني والمشايخ الذين يرتدون الزي الأزهري، جهودا حثيثة لإخلاء الشارع من المتظاهرين تنفيذا لاتفاق مع الجيش، إلا أن بعض الشباب رفضوا الامتثال لطلب العودة لميدان التحرير واعتلوا الجدار الإسمنتي، الذي وقفت وراءه رافعة ميكانيكية (ونش)، مرددين هتافات منددة بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة، فتدخلت قوات من الصاعقة وأنزلتهم لتحل محلهم على سطح الجدار الفاصل. وفي الوقت نفسه أغلقت قوات الشرطة العسكرية والصاعقة جميع المداخل المؤدية لمبنى وزارة الداخلية في شارع الشيخ ريحان بالأسلاك الشائكة والجنود المدججين بالسلاح. وساد شارع محمد محمود هدوء هش، بعد أن اقترب الوضع من التفجر مرة أخرى، لكن أطباء الميدان قاموا باحتوائه معتلين الجدار وداعين للتهدئة، كما ساهم في دفع جهودهم مشايخ من الأزهر، وقيادات شبابية.

وتحول شارع محمد محمود، الذي يضم مقر الجامعة الأميركية بالقاهرة وعددا من فروع مطاعم عالمية شهيرة، إلى ما يشبه ساحات حرب، وغطت الحجارة وآثار الحرائق واجهات المباني والمحلات التجارية التي هشمت تماما. وبينما لا تزال رائحة الحريق والغاز المسيل للدموع عالقة في الجو، احتلت أكوام من القمامة الأرصفة وجوانب الطرق. ورصدت «الشرق الأوسط» أغلب شرفات الشقق السكنية في بنايات شارع محمد محمود وهي مغلقة تماما، إلا قليلا منها.

وكان الهدوء قد بدأ يسود الشارع في وقت متأخر من الليلة قبل الماضية بسبب اتفاق بين عدد من ممثلي القوى والتحالفات الثورية الشبابية، يتم بموجبه إطلاق سراح 69 معتقلا تم إلقاء القبض عليهم خلال الاشتباكات، في حين يخلي المتظاهرون الشارع وتوقف الشرطة ضرب القنابل المسيلة للدموع، وتقيم القوات المسلحة جدارا فاصلا في منتصف الشارع، يبدأ من أمام مدخل مبنى مكتبة الجامعة الأميركية. وقال عامر الوكيل، المنسق العام لتحالف ثوار مصر، إن الاتفاق كان ينص على التزام الشرطة بوقف إطلاق القنابل المسيلة للدموع ضد المتظاهرين لفترة من الوقت، حتى لو قام المتظاهرون بإلقاء الحجارة أو قنابل المولوتوف عليهم، مشيدا بدور اللواء إبراهيم الدماطي نائب قائد قوات الشرطة العسكرية في التوصل للاتفاق، والذي أدى صلاة الفجر بين صفوف المتظاهرين.. وفور وقف إطلاق النار بدأ المتظاهرون في تنظيف شارع محمد محمود والشوارع المحيطة به في منطقة باب اللوق والفلكي.

من جانبه، تقدم المجلس الأعلى للقوات المسلحة بعدد من الرسائل المتوالية إلى الشعب المصري. وفي رسالته رقم 84 بصفحته على موقع «فيس بوك» للتواصل الاجتماعي، تقدم المجلس بأسفه واعتذاره للشعب المصري لسقوط ضحايا في اشتباكات شارع محمد محمود، مؤكدا التزامه بالتحقيق «السريع والحاسم» لمحاكمة المتسببين في تلك الأحداث، مع تقديم الرعاية الكاملة لأسر شهداء ومصابي الأحداث الأخيرة. وأعلن كذلك عن إقامة مستشفى ميداني عسكري في ميدان التحرير لخدمة المتظاهرين.

وفي رسالته رقم 85 طالب المجلس الشعب المصري باليقظة والتكاتف، لمنع انعطاف الدولة ودخولها في حالة من الفوضى الشاملة التي تهدد أمن واستقرار الوطن. وقال البيان: «إن تطورات الموقف والمواجهة بين المتظاهرين ومن يندس بينهم وقوات الأمن تهدد بتداعيات خطيرة». ودعا المجلس في بيانه المواطنين للمعاونة في الفصل بين أبناء الشعب الواحد من المتظاهرين وقوات الأمن ومشاركة قوات الجيش في تنفيذ مهام التأمين للمواطنين والمنشآت الحيوية وإتاحة الفرصة لإخلاء المصابين إلى المستشفيات للحد من تداعيات تطورات الموقف.

وطالب المجلس «جميع قوى الشعب وشباب الثورة باليقظة الشديدة والحيطة، ومتابعة كل الموجودين بأماكن التظاهر، والقبض الفوري على كل من يشتبه فيه دون إيذائه وتسليمه للسلطات، مع التشديد على عدم السماح لأي فرد بالوجود فوق أسطح المباني المحيطة بأماكن التظاهر.

وفي محاولة للتمسك بالتهدئة تتابعت رسائل المجلس العسكري، الذي أصدر رسالته رقم (86)، وناشد فيها الثوار عدم إزالة الجدار العازل الذي أقيم صباح أمس.

إلى ذلك، تدفق الآلاف إلى ميدان التحرير لليوم السادس على التوالي، وسط حالة من الهدوء الحذر، ودعا عدد من القوى والحركات السياسية والأحزاب لمظاهرة مليونية اليوم (الجمعة) في ميدان التحرير تحت شعار «جمعة التنحي» لمطالبة المجلس العسكري بالتنحي ونقل السلطة لحكم مدني سواء عبر مجلس رئاسي مدني أو الإسراع بالانتخابات الرئاسية.