سعود الفيصل: جاهزون لتقديم مبادرة خليجية لسوريا على غرار ما حدث في اليمن

المحاولة الإيرانية لاغتيال السفير السعودي في واشنطن خطر ليس على السعودية فحسب بل على القانون الدولي أيضا

الأمير سعود الفيصل خلال ترؤسه الدورة الحالية للمجلس الوزاري لمجلس التعاون الخليجي في الرياض أمس (إ.ب.أ)
TT

أبدى الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي، رئيس الدورة الحالية للمجلس الوزاري لمجلس التعاون لدول الخليج، جاهزية دول مجلس التعاون لتقديم ملف بالأحداث الجارية والمستمرة في سوريا، على غرار ما حدث في اليمن، وقال «هذه الاتفاقية التي أبرمت موجودة. إذا أرادوا اتفاقية مثلها نحن جاهزون».

وأمل الفيصل أن يبحث عن حل كما حصل في اليمن، وقال «لكن لا تستطيع أن تفرض شيئا. هذا ما قامت به الجامعة العربية، وضعت إطارا للحل، وطلبت أن يجري حوار للنظر في تطبيق الحل الذي أبدت سوريا موافقتها عليه، ولا ننسى ذلك، هي وافقت على المقترح العربي ولكن في الوثيقة التي أرسلتها عن موافقتها شهدت تغييرا كاملا للاتفاقية، فالأمين العام أرسل لهم الاتفاقية ولم يكن مفوضا بالتفاوض معهم في الورقة التي أرسلها حتى يقول هم موافقون أو غير موافقين، ولكن لم يحدث ذلك. جاء الرد بتغيير كل مواد الاتفاقية تقريبا، ولذلك توقفت الجهود العربية، وكان لزاما على الأمين العام أن يطلب دعوة المجلس لأن المجلس أخذ قرارا يبقى مفتوحا إلى أن يأتي الرد السوري».

جاء حديث الأمير سعود الفيصل خلال كلمته في المؤتمر الصحافي الذي عقد في العاصمة السعودية الرياض، أول من أمس، والذي أتى عقب الانتهاء من الاجتماع الوزاري في دورته 121 التحضيرية للدورة الـ32 للمجلس الأعلى.

وحول نقل الملف السوري إلى الأمم المتحدة، قال الأمير سعود الفيصل «إذا كانت الدول العربية وهي الدول التي تأخذ بعين الاعتبار مصلحة الشعب السوري وسوريا لم تنجح في الوصول إلى اتفاق ما في شك أن ذلك سيؤدي إلى تدويل القضية ونقله إلى الأمم المتحدة».

وزاد الفيصل «نحن لا نريد تدويل الموضوع، نحن نريد الحل العربي وطرحنا أفكارا نعتقد أنها في مصلحة سوريا، أفكارا بحقن دماء، أفكارا فيها اجتماع بين الفرقاء للوصول إلى اتفاق سياسي إلى حل يضمن أن الخسائر التي نجمت عن هذا القتال لا تتحقق مرة ثانية، فوضعنا الحل الذي نعتقد أن يجنب سوريا التدخل الأجنبي وخطر التقسيم وخطر التفكك وخطر الانهيار الاقتصادي، ولكن للأسف لم تكن هناك استجابة».

وحول مقتل شاب سعودي في سوريا مؤخرا، قال إن «الشاب السعودي الذي قتل اتهم بأنه من الإرهابيين وسمعنا أنه تم نبش قبره اليوم - يقصد أمس - وهذا الأمر لا يوجد في شرع الله ولا في شيم العرب، فنحن نحث المواطنين السعوديين، لأنهم يواجهون سوء معاملة واضحا في سوريا، على أن يعودوا إلى بلادهم، وأنا أحث أيضا المسافرين السعوديين على تغيير وجهتهم إذا كانت وجهتهم سوريا».

وحول زيارة رئيس مجلس الوزراء وزير خارجية قطر للسعودية ثم التوجه بعدها إلى أنقرة وعلاقة ذلك بالوضع في سوريا قال الفيصل: «أولا لا يستغرب إذا كانت هناك مباحثات مع تركيا، لأن سوريا جارة لتركيا، وتركيا جارة للدول العربية، ولا شك أن تركيا تتأثر بما يحدث في سوريا، فإذا تم البحث في هذا الإطار فليس مستنكرا، أما رحلة الشيخ حمد فأعتقد أنه كانت هناك أمور ثنائية لأنه كما يعلم اجتمع مجلس الجامعة مع الوزير التركي أثناء انعقاد المجلس في الرباط وبحثنا استراتيجيات وبحثنا العلاقة بسوريا وبحثنا كل النقاط التي تجمع تركيا والعالم العربي وسعدنا عندما سمعنا تركيا لا تتدخل متطفلة على القضايا العربية، ولكن تدخل عن طريق المنظور العربي لحل القضايا العربية، وهذا ما هو مأمول من كل الجيران، فرق شاسع بين تدخل تركيا في الأوضاع العربية وتدخل إيران، فرق بين تدخل مكشوف وشفاف ومبني على المصالح المشتركة وبين موقف آخر متآمر يريد تغيير الأوضاع من زاويته».

وفي تساؤلات لـ«الشرق الأوسط» عن الوضع المصري في ساحات ميدان التحرير وأجزاء من مصر قال الفيصل «هذا وضع مصري داخلي لا يجوز لي أن أعلق عليه».

وقال الأمير سعود الفيصل، إن مجلس التعاون الخليجي استعرض أول من أمس ما حدث في البحرين من تقديم التقرير الذي قامت به مجموعة مرموقة من رجال الدولة في العالم، والذي أعتبره أيضا «تقريرا لا غبار عليه في حيادهم ونزاهتهم»، وقد قدم هذا التقرير وبشفافية فيه ما للبحرين وما عليها.

وقال الفيصل إنه قد أجاب ملك البحرين بكل شفافية وصدق على كل ما ورد في التقرير. وتابع الفيصل «نال إعجاب الجميع ولا بد أن يكون هذا هو الجواب الحقيقي لمن بدأوا يشككون في نيات البحرين، ذلك البلد المتسامح، ذلك البلد الذي لا أذكر أنه كان في يوم من الأيام له علاقات سيئة مع أي من دول العالم، فهنيئا للبحرين بقيادته، وهنيئا لنا بوجود البحرين بيننا في مجلس التعاون».

وعرج الأمير سعود الفيصل على أن المجلس بحث أيضا مشاركة الأردن والمغرب واستعرض أعمال اللجان التي اجتمعت مع الأردن والمغرب لتحديد صفة آلية التعاون يبن المجلس وبينهما، واشتمل التعاون على مجالات عدة من المجالات الأساسية للعمل المشترك في القرارات الاقتصادية أو الاجتماعية، وكما تعرفون قرر المجلس تقديم دعم للأردن والمغرب ليعينهما على التنمية وهذا سيقام العمل به بعد القمة المقبلة في الرياض.

وحول موقف مجلس التعاون وموقف السعودية من الوضع في ليبيا والتطورات الأخيرة فيها وتشكيل حكومة انتقالية، قال الأمير سعود الفيصل «بطبيعة الحال متى ما أنشئت الحكومة سيكون هناك تبادل للسفراء، نحن لم نقطع العلاقات مع ليبيا إلا لأسباب أخرى غير الأحداث التي حدثت مؤخرا وبما أن هذه الأحداث زالت وزال المتسببون في هذه الأحداث فأتوقع أن الأمور ستطبع بين البلدين».

وأجاب الأمير سعود الفيصل حول اتهام أحد النواب في الكويت للسعودية بأنها خلف الأحداث الأخيرة في الكويت بقوله «ما سمعت ذلك ولكن إذا اتهم فهو مخطئ ونأمل أن ينفيها هو».

وحول المحاولة الإيرانية لاغتيال السفير السعودي في واشنطن قال الفيصل «الخطر الذي ينجم عن هذا ليس خطرا على المملكة فحسب، بل خطر على القانون الدولي واتفاقية جنيف وعلى أبسط أنواع العلاقات الدبلوماسية ويعني خرقا صارخا لهذه الاتفاقيات، فالأمم المتحدة بشكل كبير دعمت هذه الشكوى ونأمل أن تلحقها بإجراءات حتى تمنع عودتها مرة ثانية مع العلم بأنها ليست أول مرة تقتحم إيران سفارات أجنبية».

وزاد «هذا الحادث يعتبر الأخير من عدة حوادث، وسبق أن قذف بعض الأشخاص قنابل على السفارة السعودية من الخارج، لكن لم يسبق أن اقتحمها أحد، وكنا نصبر ونشتكي للحكومة، وإن الحكومة الإيرانية تقول إنها ستزيد الحماية ولا نجد إلا أن تعاد الكرة مرة ثانية وللمبعوث عند المسلمين حرمة المكان الذي هو فيه، يعني إذا حصل إيذاء لمندوب فهذا أكبر عيب عند المسلمين المسلم يفتخر بأنه يحمي المندوب الذي يمثل بلاده وليس أن يتجنى عليه ويقلقه وحتى يضره جسديا».

وعن المشاورات التي تمت مع الأردن والمغرب قال الأمير سعود الفيصل «هناك تدرج في العلاقات، ولا توجد منظمة تستطيع أن تقفز على علاقتك مع الدول الأخرى فورا إلى العضوية الكاملة، ولمسنا من الاتحاد الأوروبي أنه عندما تم القفز على العلاقات حصلت لديهم مشكلات، كما نرى اليوم اليونان، كثير من أعضاء الاتحاد الأوروبي يقولون لم يكن من الواجب أن تشترك اليونان في الاتحاد الأوروبي، ونحن لا نريد أن نصل إلى مراحل مثل هذه. نحن نريد أن نمشي بالخطوات التي تجعل القوانين والأنظمة متطابقة».

وتابع الفيصل «المناهج الدراسية متطابقة المواطنة، وهي أهم عنصر تقارب بين الدول لتكون مدروسة بعناية وبرامجها مطروحة فاتفق على التعاون في لجان، حيث سنعمل سويا مع المغرب والأردن واتفق أيضا على دعم الدولتين حتى يتساوى مستوى المعيشة بين دول المجلس وهذه الدول».

وقال الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي، رئيس الدورة الحالية للمجلس الوزاري لمجلس التعاون لدول الخليج، إن دول المجلس لا تهدف لتحقيق مصالح توسعية أو غايات خاصة أو تدخل في الشؤون الداخلية لغيرها، لكنها أيضا مصممة وقادرة على حماية شعوبها ومكتسباتها في وجه ما قد يتعرضون إليه من مؤامرة أو عمليات إرهابية تتنافى مع أبسط القيم الإسلامية ومبادئ الشرعية الدولية.

وأضاف الفيصل «إن اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية يأتي ليمهد الطريق نحو انعقاد القمة المرتقبة لأصحاب الجلالة ملوك وأمراء دول مجلس التعاون، وهي القمة التي تأتي في ظروف استثنائية، حيث تتزامن مع ما تشهده منطقتنا العربية من متغيرات وتحولات عميقة وذات تأثيرات حاسمة وتتزامن كذلك مع استمرار تداعيات الأزمة المالية والعالمية التي أثرت سلبا على كافة دول العالم».

وزاد «ولو بنسب متفاوتة، رغم ضخامة التحديات وتعدد الأزمات لقد أثبتت الأحداث أن مجلس تعاوننا يزداد صلابة ومناعة ووحدة وقدرة، وهو ما حتم عليه أن يأخذ زمام المبادرة في تفعيل التفاوض العربي وتطويره ليأخذ دوره كاملا في معالجة الأزمات التي عصفت وتعصف ببعض الدول العربية، وفي مواكبة التطلعات المشروعة للشعوب العربية في الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية وفي دعم ومؤازرة نضال الشعب الفلسطيني للحصول على حقوقه الوطنية المشروعة وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية».

وتابع في كلمته «إن المجلس يأخذ زمام المبادرة في تفعيل التفاوض العربي وتطويره ليأخذ دوره في حقن الدماء العربية ووقف نزيفها وتلمس الحلول السلمية الممكنة التي تحمي المصالح العربية من الانزلاق إلى مخاطر الصراعات الأهلية المدمرة، واليوم شهدنا التوقيع على مبادرة حل الأزمة بين الأشقاء في اليمن العزيز».

وأكد «نأمل أن يكون هذا التوقيع نهاية لحقبة الصراع وبداية لعودة اليمن الشقيق إلى سابق عهده مهدا للحضارات وأن ينعم شعبه الشقيق بالأمن والاستقرار وأن تتحقق طموحاته وتطلعاته لبناء مستقبل مزدهر ودول المجلس تؤكد التزامها الكامل بمسؤولياتها العربية والإسلامية والدولية وتمد يدها بكل صدق وإخلاص لأشقائها وجيرانها وأصدقائها للتعاون بكل ما يعود بالخير والسلام ويحقق المصالح المشتركة للشعوب ونأمل أن يستجيب الجميع لهذه الرغبة الصادقة».

إلى ذلك، قال الدكتور عبد اللطيف الزياني الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، إن المجلس الوزاري ناقش مواضيع العمل المشترك في مختلف المجالات، ففي المجال الاقتصادي وافق الوزراء على رفع قوانين الزراعة والمياه والأسواق المالية إلى المجلس الأعلى لاعتمادها، إضافة إلى نظام الهيئة القضائية الاقتصادية واعتبار البطاقة الذكية إثباتا لهوية مواطني دول المجلس.

وتابع الزياني خلال حديثه أمام جمع لفيف من رجال الصحافة والإعلام «إنه بالنسبة للاتحاد الجمركي سيستكمل بحثه في اجتماع مشترك للجنة التعاون المالي والاقتصادي مع المجلس الوزاري في اجتماعه التكميلي».

وبين أن المجلس الوزاري ناقش ما أوصت به لجنة التعاون المالي والاقتصادي بشأن الإجراءات التي تتخذها بعض الدول والمجموعات الاقتصادية التي تهدف إلى فرض رسوم على منتجات دول مجلس التعاون بحجة الدعم أو الإغراق.

وقال «نظرا إلى أن مثل هذه الإجراءات أحادية الجانب لا تنسجم مع الرغبات المعلنة من قبل تلك الدول والمجموعات الاقتصادية بشأن تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع دول المجلس، فقد وجه المجلس الوزاري النظر في إجراء أي مشاورات أو مفاوضات لإبرام اتفاقيات تجارة حرة مع الدول والمجموعات التي تتخذ إجراءات الغرض منها فرض رسوم على منتجات دول مجلس التعاون من البتروكيماويات والألمنيوم وغيرهما بحجة الدعم أو الإغراق إلى أن تتم معالجة الموضوع بشكل حرفي للطرفين».

وأضاف الأمين العام للمجلس «إن المجلس أقر فيما يخص مجال الإنسان والبيئة نظام مركز مجلس التعاون لإدارة حالات الطوارئ وإنشاء مختبر خليجي للكشف عن الإشعاعات النووية ورصد التلوث، ورفع الخط الخليجية لمكافحة الأمراض غير المعدية والمشروع الخليجي لاعتماد المنشآت الصحية إلى المجلس الأعلى لاعتمادها».

وتطرق الزياني إلى أن المجلس عرج على مجال الهيئة الاستشارية لمجلس التعاون، إذ رفع المجلس الوزاري مرئيات الهيئة الاستشارية لمجلس التعاون بشأن الاحتباس الحراري والتغير المناخي والطاقة البديلة ومصادرها وتوحيد جهود الدول الأعضاء في مجال الترجمة والتعريب والاهتمام باللغة العربية، كما وافق المجلس فيما يخص المجال الإعلامي على قرارات بشأن تفعيل العمل الإعلامي لمجلس التعاون الخليجي.