مصادر أميركية لـ «الشرق الأوسط»: توقيع الرئيس اليمني ليس نهاية المشكلة في اليمن

5قتلى و39 قتيلا وجريحا في إطلاق نار على متظاهرين مناهضين لصالح في صنعاء

TT

أعرب مصدر في الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط» عن شكوكه في أن توقيع الرئيس اليمني علي عبد الله صالح على اتفاقية مجلس التعاون الخليجي «لا يبدو أنه نهاية المشكلة». وتوقع المصدر استمرار مشاكل اليمن، رغم أن أميركا رحبت برحيل الرئيس اليمني صالح. وقال «هناك شيء ما يجعلنا نشكك في نواياه الحقيقية».

وأشار المصدر إلى أن الرئيس اليمني صالح، في الخطاب الذي ألقاه في الرياض عند التوقيع على الاتفاقية، شن هجوما عنيفا على المعارضة، واستعمل آيات قرآنية «وكأنه يقول إنه على حق»، وأنه قدم نفسه على أنه حريص على مصلحة اليمن أكثر من المعارضة التي لولا ضغوطها لعشر شهور، ما كان وقع على الاتفاقية.

وقال المصدر إن القلق الأميركي أيضا سببه «عدم اقتناع جزء كبير من المعارضة، خاصة الذين ظلوا يتظاهرون سلميا في صنعاء، باتفاقية مجلس التعاون الخليجي». وأضاف أن التقارير الصحافية أوضحت أن المتظاهرين يريدون محاكمة صالح وعائلته. وأضاف: «يبدو أن هناك معارضين يعتقدون أن صالح، باستقالته، نصب فخا للمعارضة، سواء المدنية أو القبلية أو العسكرية. وأنه مثلا، يخطط بطريقة أو أخرى، لتوريث ابنه».

وأضاف المصدر: «لا تنس أن صالح قال إنه سيظل رئيسا لثلاثين يوما، حتى تتشكل حكومة قومية برئاسة نائبه. ولا تنس أن ثلاثة شهور ستمر حتى تجري الانتخابات لا أحد يعرف ماذا سيحدث خلال هاتين الفترتين، ولهذا نحن قلقون، بقدر ما رحبنا بتوقيع صالح».

وكان مسؤول في الخارجية الأميركية قال لـ«الشرق الأوسط»، أول من أمس، إن «الحكومة الأميركية، التي ظلت تتابع التطورات الأخيرة في اليمن عن قرب بهدف ضمان أمن وحرية الشعب اليمني، تعبر عن تأييدها القوي لتنفيذ المبادرة الخليجية التي ظلت منذ البداية، هي الإطار المطلوب تنفيذه». وأضاف: «تأمل الحكومة الأميركية من كل من الحكومة والمعارضة في اليمن الالتزام بتحول سلمي ومنظم نحو الحرية والديمقراطية. وتهنئ الشعب اليمني بهذه الخطوة التي لا بد أن تعقبها خطوات هامة لإكمال تطلعاته نحو الحرية والاستقرار والرفاهية». وقال: «في هذه المرحلة الحرجة، تأمل الولايات المتحدة من الشعب اليمني المحافظة على وحدته وأمنه».

وأشار مراقبون في واشنطن إلى أن الرئيس الأميركي باراك أوباما كان أول من أمس، هنأ الشعب اليمني على التوقيع على اتفاقية مجلس التعاون الخليجي، التي أيدتها الولايات المتحدة منذ البداية. وقال أوباما: «بصورة خاصة، ترحب الولايات المتحدة بقرار الرئيس علي عبد الله صالح بنقل صلاحياته التنفيذية في الحال إلى نائب الرئيس وفقا للاتفاق. هذا يمثل خطوة مهمة إلى الأمام بالنسبة للشعب اليمني الذي يستحق هذه الفرصة لتحديد مستقبله بنفسه».

وأضاف: «خلال عشرة أشهر، عبر الشعب اليمني بشجاعة وثبات عن مطالبه بالتغيير، في كثير من مدن اليمن، في شجاعة وصمود، وهو يواجه العنف والمشقة. واتفاق اليوم يقربه خطوة كبيرة نحو تحقيق طموحاته في سبيل بداية جديدة في اليمن». وقال: «الولايات المتحدة تحث جميع الأطراف على التحرك فورا لتنفيذ بنود الاتفاق، وهو الذي سيسح لليمن بأن يبدأ في معالجة مجموعة تحديات هائلة، وأن يسير على طريق أكثر أمنا وازدهارا في المستقبل. وستواصل الولايات المتحدة الوقوف إلى جانب الشعب اليمني وهو يشرع في هذا التحول التاريخي».

وأشار خبراء أميركيون إلى أن بيان البيت الأبيض لم يحسم حل المشكلة في اليمن. وأنه أشار إلى أن صالح «وافق على نقل صلاحياته التنفيذية» إلى نائبه، ولم يقل إن صالح «تنازل عن صلاحياته التنفيذية» أو إن صالح «تنازل عن كل صلاحياته». وقال الخبراء إن غموض بيان البيت الأبيض سببه غموض موقف صالح. وأيضا سببه خوف الحكومة الأميركية على مستقبل التعاون مع الحكومة اليمنية في الحرب ضد الإرهاب، وخاصة ضد تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية. وأن الحكومة الأميركية ليست متأكدة من نواياها واتجاهات النظام الجديد في اليمن، وأنها، بسبب موجة الإسلاميين بعد ثورات تونس ومصر وليبيا، تخشى من سيطرة الإسلاميين على النظام الجديد في اليمن، وبالتالي عرقلة الحرب ضد الإرهاب التي تجريها القوات والاستخبارات الأميركية في الأراضي اليمنية.

وفي تطور جديد، اندلعت مظاهرات دامية في صنعاء أمس، حيث قتل خمسة متظاهرين وأصيب 34 آخرون بجروح، بعد إطلاق مدنيين موالين للرئيس اليمني علي عبد الله صالح الرصاص على مظاهرة شبابية مناهضة للمبادرة الخليجية، ومطالبة بمحاكمته، كما أفاد مصدر طبي لوكالة الصحافة الفرنسية أمس.

وكان المحتجون يتظاهرون رفضا للمبادرة التي وقعها الرئيس اليمني مساء أول من أمس، وحصل بموجبها على خروج مشرف من السلطة وعلى حصانة قضائية، مطالبين بمحاكمته. وقال المصدر الطبي من المستشفى الميداني للمحتجين في صنعاء «لقد وصلنا حتى الآن خمسة قتلى و34 جريحا، جميعهم أصيبوا بالرصاص».

وفي رد على هذه الأحداث، أدان الرئيس اليمني صالح مقتل المتظاهرين، وطلب من السلطات الأمنية القبض على المسؤولين عن هذا العنف لمحاسبتهم، حسبما أفاد بيان رسمي نقلته وكالة الأنباء اليمنية. وذكر البيان أن الرئيس اليمني صالح الذي وقع الأربعاء اتفاقا نقل بموجبه سلطاته إلى نائبه عبد ربه منصور هادي «أدان أعمال العنف التي حدثت اليوم (أمس) في العاصمة صنعاء وراح ضحيتها عدد من الشهداء والجرحى».

وبحسب البيان، وجه صالح «وزارة الداخلية بالتحقيق الفوري والكامل وإحالة مرتكبي هذه الجريمة إلى العدالة من أي طرف كان»، معربا عن «أسفه لاستمرار القوى والعناصر التي لا تريد الأمن والاستقرار والسلام في الوطن والتي تعمل على إشعال فتيل الحرب وإثارة الفوضى كلما لاحت بارقة أمل في تحقيق الأمن والسلام في الوطن».

وقد حث الرئيس الأميركي باراك أوباما اليمن أول من أمس على التطبيق الفوري للاتفاق. وقال أوباما في بيان مكتوب «الولايات المتحدة ستواصل الوقوف إلى جانب الشعب اليمني مع بدئه عملية الانتقال التاريخية».

وعلى صعيد آخر، أعلن مسؤول محلي أمس أنه تم الإفراج عن عاملة إغاثة فرنسية مغربية الأصل اختطفت أول من أمس في محافظة لحج بجنوب اليمن، كما أفرج عن يمنيين اختطفا معها. وأكدت فرنسا الإفراج عن مواطنتها. وقال حسن علي، مدير مديرية مدينة المسير، إن «الرهينة الفرنسية من أصل مغربي أطلق سراحها مع اليمنيين الاثنين»، مضيفا «هي معي الآن وأنا في طريقي إلى محافظ محافظة لحج في مدينة الحوطة» عاصمة المحافظة. وذكر المسؤول أن الخاطفين كانوا يطالبون بالإفراج عن أربعة من أقربائهم ناشطين في الحراك الجنوبي المطالب بالانفصال عن الشمال. وقال المصدر «لقد حصل الخاطفون على ضمانات بأن النيابة ستستكمل التحقيق مع المعتقلين وسيفرج عنهم بعد ذلك»، مشيرا إلى أن وسيطا قبليا تولى إجراء الوساطة مع الخاطفين.

وكانت الفرنسية المغربية لدى اختطافها يوم الثلاثاء برفقة سائق ومترجم في سيارة تابعة للجنة الدولية للصليب الأحمر، وكانوا في طريقهم إلى مخيم للاجئين المهجرين من محافظة أبين المجاورة التي سيطر تنظيم القاعدة على أجزاء منها. واتت عملية الخطف بعد أيام من الإفراج عن ثلاثة من موظفي الإغاثة الفرنسيين اختطفهم في جنوب اليمن مسلحون من تنظيم القاعدة قبل أكثر من خمسة أشهر.

ويشهد اليمن عمليات خطف للأجانب تقوم بها عادة بعض العشائر للضغط على السلطات لطلب فدية أو للمطالبة بإطلاق سراح سجناء أو بناء طرق. وخلال السنوات الـ15 الماضية تعرض أكثر من 200 أجنبي للخطف أطلق سراح غالبيتهم سالمين. لكن نشاط تنظيم القاعدة سجل في الفترة الأخيرة تزايدا كبيرا، لا سيما في جنوب البلاد.

وفي جنوب البلاد أيضا، قتل 12 مسلحا من تنظيم القاعدة مساء الأربعاء في قصف مدفعي شنه الجيش اليمني على موقع للتنظيم شرق مدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين. وقال المصدر إن «وحدات الجيش على جبهتي الكود وملعب الوحدة (على مشارف زنجبار) شنت قصفا مدفعيا على منزل يوجد فيه مسلحو (القاعدة) في حي باجدار، مما أسفر عن مقتل 12 مسلحا بينهم مصري يكنى بالزهران وآخر بحريني يكنى بأبي زيد».

وفي مدينة جعار المجاورة، أفاد شهود عيان بأن عناصر من تنظيم القاعدة قطعوا يد رجل مساء الأربعاء بتهمة سرقة كابلات كهربائية ومنازل مواطنين في زنجبار التي يسيطر التنظيم على أجزاء كبيرة منها منذ نهاية مايو (أيار) الماضي. وقطع عناصر التنظيم اليد اليمنى للرجل في ملعب جعار وسط حضور العشرات من الأهالي. وقال أحد الشهود «لقد حذر عناصر (القاعدة) الحاضرين من السرقة أو التخابر مع السلطات، وأكدوا أنهم سيعاقبون من يقدم على ذلك».