الوزير محمد سعد العلمي: «النجومية» ليست شرطا لتولي رئاسة الحكومة

القيادي الاستقلالي لـ «الشرق الأوسط»: «الاستقلال» تمكن من إنجاز ما يناهز 85% من برنامجه.. ولو أكمل ولايته لتجاوز ما سبق أن التزم به

الوزير محمد سعد العلمي
TT

قال محمد سعد العلمي، عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال (متزعم الائتلاف الحكومي المنتهية ولايته)، ووزير تحديث القطاعات العامة بالمغرب، إن حزبه كما يجدد في برامجه فإنه يجدد أيضا في نخبه، وبالتالي فحينما ستتأكد ثقة الشعب في حزب الاستقلال ويحتل المرتبة الأولى في النتائج التي سيسفر عنها الاقتراع، فإنه سيكون مستعدا لمواصلة تحمل مسؤولياته، وله القدر الكافي من الكفاءات القادرة على تحمل مسؤولية رئاسة الحكومة بجدارة واستحقاق.

وأشار العلمي، في حديث مع «الشرق الأوسط»، إلى أنه إذا كان حزب الاستقلال لا يزال يحظى بثقة المغاربة بصفة عامة، فذلك يرجع إلى ما يتحلى به الحزب من مصداقية في مواقفه وأعماله. وقال إن الحزب «حرص باستمرار على أن يتخاطب مع الشعب المغربي بلغة الحقيقة. ولا شك أنك لاحظت أن حزب الاستقلال لم يكتف في الحملة الانتخابية التي تشهدها مختلف أنحاء البلاد بعرض برنامجه الانتخابي للسنوات الخمس المقبلة، بل أرفقه كذلك بوثيقة أخرى أساسية تحت عنوان (الوفاء بالالتزامات)، وهي وثيقة تقارن بين ما سبق لحزب الاستقلال أن التزم به في برنامجه الانتخابي قبل أربع سنوات وبين ما تم تحقيقه بالفعل من تلك الالتزامات».

وأضاف العلمي أن الحزب تمكن من إنجاز ما يناهز 85 في المائة من ذلك البرنامج، بما يعني أن ولاية الحكومة لو كانت قد اكتملت لكان الحزب قد تجاوز ما سبق أن التزم به. وهذا ما يبرز مصداقية حزب الاستقلال كحزب مسؤول يحترم التزاماته. وفي ما يلي نص الحوار:

* ثمة حديث مفاده أن الحزب ما زالت لديه حظوظ ليكون في صدارة النتائج الانتخابية.. لكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو هل حزب الاستقلال في المرحلة المقبلة سينطلق بعباس الفاسي أم بدونه؟

- أولا، لا بد من التنويه إلى أنه إذا كان حزب الاستقلال لا يزال يحظى بثقة المغاربة بصفة عامة، فذلك يرجع إلى ما يتحلى به الحزب من مصداقية في مواقفه وأعماله. فقد حرص الحزب باستمرار على أن يتخاطب مع الشعب المغربي بلغة الحقيقة. ولا شك أنك قد لاحظت أن حزب الاستقلال لم يكتف في الحملة الانتخابية التي تشهدها مختلف أنحاء البلاد بعرض برنامجه الانتخابي للسنوات الخمس المقبلة، بل أرفقه كذلك بوثيقة أخرى أساسية تحت عنوان «الوفاء بالالتزامات»، وهي وثيقة تقارن بين ما سبق لحزب الاستقلال أن التزم به في برنامجه الانتخابي قبل أربع سنوات، وبين ما تم تحقيقه بالفعل من تلك الالتزامات، حيث تمكن من إنجاز ما يناهز 85 في المائة من ذلك البرنامج، بما يعني أن ولاية الحكومة لو كانت قد اكتملت لكان الحزب قد تجاوز ما سبق أن التزم به. وهذا ما يبرز مصداقية حزب الاستقلال كحزب مسؤول يحترم التزاماته. ومن المعلوم فإن برامج حزب الاستقلال إلى جانب ما تتصف به من واقعية فإنها برامج نابعة من الحاجيات الحقيقية والتطلعات المشروعة لمختلف فئات الشعب المغربي التي يلتصق بها الحزب بصفة دائمة ومستمرة، فحزب الاستقلال ليس من طينة تلك الأحزاب التي لا تظهر إلا حينما يحين موعد الانتخابات، ولكنه حزب له جذوره وامتداداته، وله مبادئه واختياراته، كما أنه معروف بتنظيماته المنتشرة على امتداد الرقعة الوطنية، وبهيئاته وأجهزته التي تشتغل بصفة منتظمة ومتواصلة، وبخططه وبرامجه التي تتحين باستمرار، حيث لا تنقطع الدراسات والمناقشات حول الواقع المعيش وحول الحلول الكفيلة بمواجهة المشاكل القائمة.

وجدير بالذكر فإن الأستاذ عباس الفاسي قد اضطلع بدور مهم في قيادة الحكومة التي تعيش الآن أيامها الأخيرة، وبذل في ذلك جهودا محمودة. وإذا ما عدنا إلى حصيلة هذه الحكومة فإننا نجدها حصيلة إيجابية مشرفة.

ومن الطبيعي الآن، والمغرب يقبل على عهد جديد، بعد المصادقة الواسعة للشعب المغربي في أول يوليو (تموز) الماضي على الدستور الجديد، أن يضع حزب الاستقلال في مقدمة أولوياته الحرص على التنزيل الأمثل للمقتضيات الدستورية الجديدة التي تكرس تحولا ديمقراطيا واسعا في ترسيخ دولة القانون والمؤسسات.

ومن الطبيعي أيضا، وكما كان الحال دائما، فإن حزب الاستقلال كما يجدد في برامجه فإنه يجدد أيضا في نخبه، وبالتالي فحينما ستتأكد ثقة الشعب في حزب الاستقلال ويحتل المرتبة الأولى في النتائج التي سيسفر عنها الاقتراع، فإنه سيكون مستعدا لمواصلة تحمل مسؤولياته، وله القدر الكافي من الكفاءات القادرة على تحمل مسؤولية رئاسة الحكومة بجدارة واستحقاق.

* الملاحظ أن عباس الفاسي لم يعلن حتى الآن ما إذا كان سيرشح نفسه مجددا لرئاسة الحكومة في حال تصدر الحزب لنتائج الانتخابات، وهذا ما خلق نوعا من الانتظارية سواء داخل حزب الاستقلال أو حتى داخل المشهد السياسي المغربي رغم أن هناك قناعة عامة بضرورة تعيين وجه جديد في رئاسة الحكومة.. ما هو تصوركم لمرحلة ما بعد الانتخابات في حالة فوز حزبكم؟

- لقد سبق للأخ عباس الفاسي أن أكد أمام المجلس الوطني للحزب، وهو يشرح المقتضيات الجديدة التي جاء بها الدستور الجديد، أن رئيس الحكومة الجديد سيختار من الحزب الذي سيحتل المرتبة الأولى في نتائج الانتخابات دون أن يكون بالضرورة الأمين العام لذلك الحزب، مع التأكيد على أن حزب الاستقلال يتوافر سواء داخل قياداته أو في صفوف مناضليه على عدد مهم من الكفاءات التي تتوافر على المؤهلات الكافية للاضطلاع بهذه المسؤولية.

* من هو النجم الساطع الآن في حزب الاستقلال لتولي رئاسة الحكومة؟

- أعتقد أن الأمر هنا لا يتعلق بالنجوم، فالنجومية في هذا المجال ليست شرطا. وطبعا فهناك مواصفات لرئيس الحكومة، نرى أنها لا بد أن تتوافر في الشخص المرشح، وهي مواصفات أعتقد أنها تتوافر في عدد كبير من قادة الحزب ومناضليه، وهي مواصفات لا أظن أنها تبتعد عن تلك المواصفات التي تكون مطلوبة في الدول الديمقراطية العريقة. وهكذا فإن رئيس الحكومة المقبل، فيما يبدو لي، لن يكون إلا شخصا له ما يكفي من المصداقية التي تبعث على الثقة والاحترام، ومن الحضور في الساحة الوطنية بما يكون قد اكتسبه من حنكة سياسية وخبرة ميدانية، ومن كفاءة تجعله قادرا على التوفيق والتحكيم والحسم، وهي كلها مواصفات تجتمع في عدد من قيادات حزب الاستقلال. وإلى جانب رئيس الحكومة، فإنه سيكون مطلوبا أيضا، وبنفس الأهمية، تشكيل الحكومة من فريق منسجم ومتضامن يكون قادرا على أن يعبئ حوله جميع القوى الحية في البلاد.

* في إطار هذا السياق، ما هي السيناريوهات التي تبحثونها في حزبكم بشأن مرحلة ما بعد الانتخابات، خاصة في ما يخص التحالفات الممكنة؟

- لقد كنت بصدد القول بأن المرحلة المقبلة تتطلب، وأكثر من أي وقت مضى، حكومة قوية بامتداداتها الشعبية، تتكون من فريق منسجم ومتضامن. وإننا في حزب الاستقلال لم ننتظر حتى يحل موعد الانتخابات لننشئ على عجل تحالفا مع أحزاب أخرى قد لا نكون متفقين معها في الاختيارات والأهداف، لأن حزبنا منخرط، منذ عقدين من الزمن، في تحالف طبيعي لم يتأسس من أجل الانتخابات وإنما أملته ضرورات المستقبل في ترسيخ بناء الدولة الديمقراطية الحديثة، هو الكتلة الديمقراطية التي تأسست مع بداية عقد التسعينات من القرن الماضي، حاملة لمشروع مجتمعي ديمقراطي، حيث حققت بلادنا بفضل نضال القوى الديمقراطية خلال العقدين الماضيين مكاسب كبيرة يحق للشعب المغربي أن يعتز بها. وإذا كانت الكتلة الديمقراطية قد قطعت أشواطا مهمة في إنجاز مشروعها، فإنها لا تزال مطالبة بمواصلة مسيرتها من أجل استكمال تحقيق جميع الأهداف التي سطرتها في ميثاقها، وعملت أخيرا على تحيينها في إطار أرضية برنامج عمل مشترك كمشروع للمستقبل يمكن أن تجتمع حوله جميع القوى الديمقراطية.

* إذا فازت أحزاب الكتلة الديمقراطية بالمرتبة الأولى وشكل أحد أحزابها الحكومة، أين هو موقع العدالة والتنمية في إطار التحالفات المقبلة بالنسبة لكم؟

- العدالة والتنمية حزب له موقعه في المشهد السياسي الوطني الذي لا يجوز تجاهله. وإذا ما حاز حزب الاستقلال على صدارة نتائج الانتخابات، وهذا أمر نتوقعه، فبدون شك فإنه سينفتح بالأولوية على حلفائه في الكتلة الديمقراطية كما سينفتح على باقي القوى الديمقراطية التي يمكن أن يلتقي معها حول برنامج مدقق وطموح يتجاوب مع مطامح الشعب المغربي في الكرامة والعدالة والتقدم، بما فيها حزب العدالة والتنمية.

* ماذا عن التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية؟

- إنني لا أستبق الأحداث، ولا أستثني أحدا إلا من يستثني نفسه.

لقد تحدثت عن أولويات معروفة لدى الجميع. إننا في حزب الاستقلال مرتبطون مع حلفائنا في إطار الكتلة الديمقراطية التي ستجتمع بدون شك بعد الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات لتقوم بتقييم تلك النتائج ولتتذاكر حول ما ينبغي القيام به في إطار تحالفات المستقبل، وما سنتفق عليه هو ما سنقوم به حينذاك.

* تحدثتم عن حصيلة إيجابية لحكومة عباس الفاسي وقلتم بأنها حققت ما التزمت به، لكن الملاحظ أن الأزمة ما زالت قائمة في الشارع، هناك مظاهرات وحراك سياسي واجتماعي.. في نظرك كيف تشخص أسباب هذه الأزمة؟ هل هي أزمة سياسية أم أزمة إدارية أم ماذا؟

- أعتقد أن رفع المطالب يبقى في حد ذاته دليلا على حيوية المجتمعات. ومن المعلوم أن انتظارات المواطنين هي انتظارات كبيرة نظرا لأن الخصاص (النقص) رغم كل ما تم بذله من جهود لا يزال كبيرا، كما تبرز دائما حاجيات جديدة وملحة، وهذا ما يؤكد مرة أخرى الحاجة القصوى لبلادنا إلى أن تتسلح بمؤسسات قوية وذات مصداقية كاملة لتكون قادرة على تعبئة جميع الإمكانات المادية والبشرية من أجل الانخراط التام لجميع الفاعلين في المعركة الحقيقية التي هي معركة إقرار التنمية الشاملة والمستديمة.