المستقبل يبحث عن مكان له في مصر

مفكرون وساسة يضعون سيناريوهات للحل.. والتهدئة كلمة السر

TT

أبواب كثيرة وقفت مصر أمس على عتباتها في انتظار شيء لم يتضح بعد، جماعة الإخوان المسلمين وقفت على باب البرلمان في انتظار انتخابات يؤكد المجلس العسكري الحاكم إجراءها بعد يومين، وهي تطمح في الفوز بأغلبية تمنحها شرعية قيادة المرحلة، فيما يقف الدكتور كمال الجنزوري رئيس وزراء مصر المكلف بتشكيل حكومة إنقاذ وطني على باب مجلس الوزراء وقد حالت الحشود المعترضة على تكليفه دون وصوله إلى المقر القريب من ميدان التحرير. ولا يزال مئات ألوف المصريين يقفون في ميادين البلاد، على باب الإصرار بحثا عن حل جذري لتجاوز أزمة باتت تهدد البلاد.

وبين فضاء مطالب الثوار، وأرض واقع متشظٍّ يمسك بمقاليده المجلس العسكري سألت «الشرق الأوسط» قيادات أحزاب ومفكرين وشخصيات مصرية عن سبيل تجاوز لحظة الانتظار التي يمر بها البلد المحوري في المنطقة، في لحظة استثنائية من تاريخه.

«التهدئة» كانت كلمة السر لدى قيادات أحزاب رئيسية في مصر، يقول الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع اليساري، المنضوي في تحالف الكتلة المصرية، إن «الحل الوحيد الآن هو إرجاء الانتخابات البرلمانية قليلا لإفساح المجال أمام تهدئة الأجواء وإعادة الاستقرار في المشهد السياسي الراهن».

يضيف السعيد: «على المجلس العسكري إبداء مرونة أكثر في التعامل مع الأوضاع، وعليه أن يفصح عن نواياه، ويعلن أسماء المسؤولين عن العنف الذي استخدم، ويعلن إحالتهم إلى محاكمات عاجلة.. يحدثنا المجلس عن محرضين.. عليه أن يعلن عنهم.. هذه الإجراءات قد تعيد المصداقية إلى المجلس».

ولا يمانع حزب التجمع من تولي الجنزوري المسؤولية في هذه اللحظة التاريخية، شريطة منحه صلاحية كاملة لاختيار وزراء حكومته.. لكن كوادر وشباب الحزب في الميدان يعلنون رفضهم للجنزوري، ويطالبون بحكومة إنقاذ وطني من الأسماء المطروحة في ميدان التحرير، يقولون «النخب خذلتنا كما خذلنا المجلس العسكري.. واليوم الكلمة للميدان».

وليس بمنأى عن هذا الانقسام حزب الوفد الليبرالي العريق. حيث يؤكد المتحدث الرسمي باسم الحزب مصطفى شردي «شبابنا في الميدان»، لكن القيادي البارز يطرح رؤية الحزب قائلا: إرجاء الانتخابات البرلمانية لعشرة أيام من أجل التهدئة وتسمية رئيس وزراء توافقي له صلاحيات واضحة، مع طرح خريطة طريق لتسليم السلطة للمدنيين.. مصر في حالة خطيرة جدا».

ويرفض شردي اتهام حزب الوفد بأنه شريك في الأزمة.. لافتا إلى أن وفديي وزراء حكومة شرف وعلى رأسهم الدكتور علي السلمي لم يختاروا في الحكومة بصفتهم الحزبية وإنما كشخصيات وطنية، كما يرفض اعتبار حكومة الجنزوري حكومة إنقاذ وطني، محملا المجلس العسكري مسؤولية الفوضى السياسية التي تضرب البلاد.

ويبدو أن كوادر حزب الوفد الوسيطة، التي تقف على بعد خطوات من شباب الحزب في التحرير، أكثر عزلة عن قيادات الحزب التي طرحت اسم الدكتور الجنزوري لتولي رئاسة الوزراء، وهو الأمر الذي نفى شردي علمه به.

ويقول مراقبون إن تردي وضعف وانقسام الأحزاب السياسية الرئيسية في البلاد تمثل الإشكالية الرئيسية في مصر.. يقولون: «النخب السياسية في مصر صناعة النظام السابق.. من الصعب أن يفكروا خارج الصندوق».

وبمعزل عن سبل حل الأزمة، يتمسك الحزب الناصري بموقفه.. يقول رئيس الحزب سامح عاشور، الذي انتخب قبل أيام نقيبا للمحامين، إن حزبه يرى «ضرورة تغيير كامل لخارطة الطريق، تبدأ بوضع دستور جديد للبلاد، يعقبه انتخاب رئيس للجمهورية، يتولى السلطة وتحت إشرافه يتم انتخاب البرلمان الجديد».

«على الحياد» تقف جماعة الإخوان المسلمين، بحسب تعبير القيادي بحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية للجماعة الدكتور عصام العريان، الذي يرى أن الحل يتلخص في إجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها، ليصبح الشعب المصري ممثلا عبر نواب يتحدثون باسمه.

من جانبه، لم يتردد المفكر والروائي المصري الدكتور يوسف زيدان في اختصار الحل في كلمة واحدة «التحرير»، لينضم إلى قافلة من رموز وطنية اصطفت إلى جوار شباب الثورة في الميادين.

في المقابل وبالثقة ذاتها التي يبديها زيدان، ترى المستشارة تهاني الجبالي أن المجلس العسكري وضع خارطة طريق مقبولة باختيار الجنزوري رئيسا للوزراء يملك صلاحيات كاملة، يقود البلاد لانتخابات برلمانية، يتولى بعدها نواب الشعب اختيار الجمعية التأسيسية لكتابة دستور جديد، مع بدء الانتخابات الرئاسية منتصف العام المقبل.