مصر: استفتاء الميادين.. التحرير «يكسب»

مليونية «الفرصة الأخيرة» تطالب «العسكر» بالرحيل ومتظاهرو «العباسية» يجددون الثقة فيهم

الدكتور محمد البرادعي المرشح الرئاسي الحائز جائزة نوبل بين المتظاهرين في ميدان التحرير أمس (أ.ب)
TT

فيما اعتبره مراقبون استجابة شعبية مباشرة للخيار الذي طرحه المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، والمتعلق باستعداد المجلس التام لتسليم السلطة فورا عبر استفتاء شعبي.. خرج ملايين المصريين أمس في مظاهرات حاشدة، منقسمين إلى فريقين، أحدهما يتزعمه ميدان التحرير، ويطالب بتسليم السلطة للمدنيين فورا، عبر إسقاط المجلس العسكري وتشكيل مجلس رئاسي مدني أو حكومة إنقاذ وطني لها كافة صلاحيات منصب رئيس الجمهورية تتولى إدارة شؤون البلاد خلال المرحلة الانتقالية، معلنين رفضهم لتعيين الدكتور كمال الجنزوري كرئيس للحكومة، وفريق آخر، في ميدان «العباسية» بالقاهرة، يؤيد بقاء المجلس العسكري في السلطة واستكمال مهمته. وقد بدت الصورة واضحة في تفوق ميدان التحرير وشباب الثورة، بشكل لافت من حيث العدد والتأثير، على من يطالبون ببقاء المجلس العسكري.

ففي التحرير التأمت مليونية «الفرصة الأخيرة» أو «حق الشهيد» وأعلن المتظاهرون من شباب الثورة والائتلافات والحركات المختلفة مطالبهم بتشكيل حكومة إنقاذ وطني تتمتع بجميع صلاحيات رئيس الجمهورية تتولى مسؤولية إدارة البلاد، وتترك للمجلس العسكري مسؤولية تأمين البلاد داخليا وخارجيا، رافضين تعيين الجنزوري كرئيس للوزراء، حيث اعتبروه من بقايا النظام السابق، كما أنه لا يصلح لتمثيل ثورة 25 يناير الشبابية لكبر سنه.

وانطلقت مسيرتان للانضمام لمتظاهري التحرير، الأولى من مسجد الاستقامة بميدان الجيزة، والثانية من مسجد مصطفى محمود بالمهندسين قادها طبيب الأسنان أحمد حرارة الذي فقد أحد عينيه أثناء أحداث 28 يناير والأخرى في 19 نوفمبر الجاري، إضافة للناشط السياسي وائل غنيم.

ورفع المتظاهرون لافتات مناهضة للمجلس العسكري والمطالبة برحيله، مرددين «يسقط يسقط حكم العسكر.. احنا شعب الخط الأحمر»، «ارحل ارحل يا مشير»، «يلا يا مصري انزل من دارك طنطاوي هو مبارك».

وبينما هدأت الاشتباكات بشارع «محمد محمود» القريب من الميدان لليوم الثاني على التوالي، ساد الميدان روح الوحدة حيث وزع المتظاهرون بيانا لميثاق شرف ميدان التحرير، أكد على ضرورة عدم رفع أي لافتات حزبية أو توزيع أي دعاية انتخابية والحفاظ على سلمية الثورة، وعدم الانسياق وراء أي صدامات أو استفزازات، وعدم تخوين أي فصيل.

وانضم الدكتور محمد البرادعي للمتظاهرين الذين استقبلوه استقبالا حافلا، وقال البرادعي، الذي أدى صلاة الجمعة وسط المتظاهرين، إن «المجلس العسكري لم يعرض عليه تولي رئاسة حكومة الإنقاذ الوطني»، مضيفا أنه حضر للميدان لتأييد مطالب الشعب المصري لاسترداد الكرامة والحرية، مقدما احترامه وعزاءه لشهداء الثورة. كما انضم أيضا الدكتور محمد أبو الفتوح، المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، وهتف المتظاهرون من حوله «الشعب كلامه يمشي العسكر ما يحكمشي».

وشهد الميدان لأول مرة منذ أكثر من تسعة أشهر تحليق طائرة عسكرية في السماء والمناطق المحيطة به لتقصي الأجواء ومعرفة أعداد المتظاهرين، بعدما زاد عددهم بشكل كبير.

ومن جهتها، أكدت حركة 6 أبريل أنها مستمرة في اعتصامها بالميدان اعتراضا على اختيار الجنزوري رئيسا للحكومة، مؤكدة في بيان لها أنها حكومة دون صلاحيات، وعرضت الحركة رؤيتها لحل الأزمة عن طريق تشكيل مجلس رئاسي مدني مكون من أربعة مدنيين، إضافة لممثل عن الجيش، يختص بالسلطات السياسية، أو تشكيل حكومة إنقاذ وطني تكون قادرة على اتخاذ قرارات حاسمة وسريعة لإدارة المرحلة الانتقالية.

ولم تكن الأجواء في المحافظات أقل سخونة من بالقاهرة وميادينها المختلفة، ففي الإسكندرية تجمهر المئات أمام مقر مديرية الأمن ورددوا هتافات منددة بالممارسات الوحشية لرجال الشرطة واشتعل الموقف وتحول الأمر إلى اشتباكات بين الجانبين إلا أن قوات الأمن أجبرت المتظاهرين على التراجع. وشوهد دخان كثيف في الثالثة عصرا يملأ سماء منطقة سموحة حيث بدأت قوات الأمن إلقاء القنابل المسيلة للدموع باتجاه المتظاهرين.

وتظاهر المئات من شباب الثورة بمحافظة أسيوط للمشاركة في تظاهرات حق الشهيد وجابت المظاهرة شوارع المدينة للتأكيد على رفضهم تعيين الجنزوري رئيسا للوزراء، كما شهد ميدان الساعة بوسط قنا وقفة لمعارضي بقاء المجلس العسكري في السلطة.

وتظاهر مئات الشباب من مواطني محافظة جنوب سيناء والعاملين بها تضامنا مع المعتصمين بميدان التحرير، مرددين هتافات «لا للعنف لا للقوة لا لاستعمال السلاح ضد الأبرياء العزل».

وخرج المتظاهرون بعد صلاة الجمعة من ميدان الأربعين في السويس يطالبون المجلس العسكري بتسليم السلطة والرحيل الفوري عن الحكم، وأكد المتظاهرون بالميدان أنهم لن يقبلوا حكم العسكر. بينما فرقت الشرطة العسكرية في الإسماعيلية حشودا من المحتجين طالبوا بإنهاء الحكم العسكري.

وفي الجهة المقابلة، ورغم أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة طالب مؤيديه في رسالة أول من أمس بعدم الخروج في أي مظاهرة في هذا التوقيت حرصا على الدولة، نظم عشرات الآلاف مظاهرة في ميدان العباسية لتأييد المجلس العسكري وأطلقوا عليها «انتفاضة الأغلبية الصامتة لتأييد المجلس العسكري».

وأكد المشاركون في المظاهرة أن ميدان التحرير ليس هو الممثل الحقيقي للشعب المصري، إنما هناك غالبية أخرى تفوق متظاهري التحرير هم المصريون الحقيقيون، مهاجمين حركة 6 أبريل وكفاية والدكتور محمد البرادعي الذي وصفوه بأنه الخائن الحقيقي لمصر وشعبها، ورددوا هتافات من أبرزها «يا مشير خليك الشعب المصري واثق فيك»، «الجيش والشعب إيد واحدة»، كما قاموا بحمل عدد من رجال الشرطة العسكرية ورجال الأمن على أكتافهم.

كما تجمع نحو مائتي شخص في منطقة رأس التين بالإسكندرية لتأييد المجلس العسكري، مؤكدين أن المجلس العسكري خير من يقوم بحكم مصر وأنه لا بد من أن يستمر في الحكم حتى يرسي قواعد بناء مصر في العهد الجديد.