الناطق بلسانه بالعربية لـ «الشرق الأوسط»: غالبيتهم من مصر.. والكثير منهم يشتمون.. وبفضلهم تعلمت كلمات جديدة

36 ألف عربي يحاورون نتنياهو عبر «تويتر»

جندلمان
TT

«شكرا على هذه الخدمة التي تقدمونها لحكومة إسرائيل»، هكذا كتب أوفير جندلمان، مدير الدائرة العربية في مكتب الناطق بلسان رئيس الحكومة الإسرائيلية، متوجها إلى مجموعة من الشباب المصريين الذين شتموه، فسألته «الشرق الأوسط»: «وما هذه الخدمة لحكومة إسرائيل من هذه الشتائم؟»، فأجاب: «الفارق بين الصحافة الرسمية وشبكات الخدمة الاجتماعية (فيس بوك) و(تويتر) وغيرهما كبير. ففي الصحافة تكتب وتتكلم بشكل رسمي. ولكن في الشبكات الاجتماعية، أنت تواجه مواطنين عاديين، غالبيتهم من الشباب الصغار، الذين يكتبون كل ما يخطر ببالهم، بلا ضوابط ولا قيود ولا قوانين محددة ولا أدبيات مهنة. وعليك أن تجابههم بأسلوب يناسبهم، بما في ذلك المزاح والسخرية».

هكذا يرد جندلمان، والحقيقة أن في الأمر ما هو أكثر وأهم من السخرية. فهذا الرد على الشتائم الموجهة للحكومة الإسرائيلية، لفت نظر الإعلام العربي إلى الرجل الذي يقف وراء تسويق إسرائيل إلى العالم العربي. فهو يؤدي هذه المهمة شبه المستحيلة، ويتمتع بها. ويتمسك بها. ويتحدث عنها كمن يتغزل بعشيقته: «هذه ليست وظيفة فقط، بل رسالة وطنية من الدرجة الأولى، أؤديها بكل مسؤولية واعتزاز» على حد قوله.

جندلمان هو واحد من ثلاثة ناطقين باسم إسرائيل، متخصصين بالإعلام العربي. باسم الجيش الإسرائيلي وباسم وزارة الخارجية وباسم رئيس الحكومة. أوفير في الأربعين من عمره. ولد في حيفا، وفيها درس اللغة العربية وهو في سن العاشرة، في المدرسة الابتدائية. وكما يقول فإن هذه اللغة اجتذبته منذ الصبا، ويقول: «أسَرَتني تماما». فتابع دراسته لها في الثانوية، ثم في الجامعة. وكان مدرسوه من اليهود المقبلين من الدول العربية، وكذلك من العرب الفلسطينيين مواطني إسرائيل، درس اللغة الفصحى والعامية. وعزز دراسته بمواضيع أخرى مرتبطة بها: الإسلام وتاريخ الشرق الأوسط.

> بأي لهجة تعلمت اللغة العربية العامية؟

- اللهجة الفلسطينية (فهو من مواليد حيفا، المعروفة بالعلاقات الاجتماعية الإنسانية بين سكانها اليهود والعرب. فما كان احتكاكه بأهلها العرب بالأمر الغريب).

> ما الذي يجعلك تتمتع بهذه الوظيفة؟

- التواصل مع العالم العربي بالغ الأهمية بالنسبة لي، ففيه تحقيق للذات وفيه رسالة وطنية. فأنا أخدم دولتي وشعبي، وأخدم قضية السلام.

> كيف؟

- أنا لا أكتفي بالتعامل مع العالم العربي من خلال وسائل الإعلام التقليدية، بل أتعاطى مع المنتديات والشبكات الاجتماعية أيضا. أحاول سبر عمق المجتمعات العربية، من خلال إعطاء صورة حقيقية عن إسرائيل. صورة عميقة وغير سطحية. أسعى لكي يدخل العرب في عمق التفكير الإسرائيلي، ولا ينجرون وراء التشويهات والأكاذيب التي تنشر عنا.

> أعطنا مثلا على ذلك.

- العرب بشكل عام يعرفون الإسرائيلي وفقا لثلاثة مربعات: فهو الجندي أو المستوطن أو اليهودي المتدين. وأنا كما تعرف لست واحدا من هؤلاء. لست متدينا ولست مستوطنا ولست جنديا، وما أحاول قوله هو أن إسرائيل دولة تعددية فيها شخصيات أخرى، وأحاول إعطاء الصورة الحقيقية عنها.

> كيف تجد القدرة في نفسك على أن تدافع عن سياسة نتنياهو. فهذا الرجل يعتبر أكثر شخصية مكروهة في العالم بين العرب؛ من المحيط إلى الخليج. ينظر إليه فقط بسلبية. يتلقفون كل ما يقال عنه بشكل سلبي. يعتبرونه معاديا للسلام، مخادعا، وبالتالي عدوا.

- أعتقد أن الانطباع السائد في العالم العربي عن رئيس حكومتنا نتنياهو هو انطباع خاطئ. خاطئ جدا ومشوه. إنه يريد فعلا تحقيق السلام مع الفلسطينيين وسائر العرب، هذا الأمل أفصح عنه حال انتخابه. وموقفه يتقدم نحو السلام باستمرار، فقبل بمبدأ الدولتين للشعبين.

> طبيعي أن تدافع عنه، فأنت ناطق بلسانه. ولكن هذا الكلام لا يقنع أحدا من العرب. فهم يحاسبونه على النتائج. فها نحن نقترب من ثلاث سنوات من حكمه ولم يقدم عملية السلام بتاتا. بل بالعكس، تهويد واستيطان وعنف.

- أنا خدمت تحت ظل الحكومات إسرائيلية الثلاث، بقيادة أرييل شارون وإيهود أولمرت وبنيامين نتنياهو، وأشهد بأنه لا توجد بينهم خلافات جوهرية.

> هل تريد أن تقول لي إن نتنياهو، الذي لا يحرك ساكنا، هو مثل أولمرت الذي اقترح على الرئيس الفلسطيني خطة سلام على أساس الانسحاب من غالبية الضفة الغربية وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس؟

- نتنياهو يركز كثيرا على قضايا الأمن والإرهاب والتهديد الإيراني، لأن هذه هي اهتمامات أساسية للمجتمع الإسرائيلي.

> وعندما تقول هذا الكلام للعرب، في الإعلام أو في الشبكات الاجتماعية، كيف تكون ردود الفعل؟

- ردود متباينة، فيها مؤيدون وفيها معارضون وفيها من يناقش وفيها من يهاجم ويشتم.

> بشكل عام، هل الردود السلبية أكثر من الإيجابية أو العكس.

- غالبية الردود سلبية. ولكن هذا ناجم عن تراكم العداء والتأثير للدعاية المعادية لإسرائيل عبر سنين طويلة. وهناك ردود إيجابية أيضا لأناس يتفهمون مواقفنا أو قسما منها. إنها بداية مهمة.

> ما حجم الاهتمام العربي بمخاطبتك أو سماع مواقفك أو مواقف نتنياهو؟

- في وسائل الإعلام العربية، أظهر بشكل دائم. وفي حالات وقوع أحداث ساخنة، أجريت معي مقابلات كثيرة بمعدل 15 مقابلة، وفي يوم الاتفاق على صفقة شاليط (تبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس)، أجريت معي 22 مقابلة مع 22 وسيلة إعلام. وأما على «فيس بوك»، فالصفحة التي فتحها رئيس الحكومة نتنياهو حظيت بدخول 6000 شخص تقريبا من العالم العربي. وفي «تويتر» 36 ألف دخول. وفي الصفحة الخاصة بي دخل نحو 3200 شخص.

> من أي بلدان عربية؟

- غالبيتهم من مصر، ولكن هناك أناس تواصلوا معنا من جميع أنحاء العالم العربي، بما في ذلك من سوريا واليمن ودول الخليج جميعها والمغرب العربي.

> ومن أين جاءت الشتائم بشكل خاص؟

- من مصر. لقد قرأت شتائم لم أسمع بها من قبل، لذلك قلت لهم شكرا فقد تعلمت كلمات جديدة في اللهجة المصرية العامية.