الانتخابات مرت في أجواء هادئة.. و«العدالة والتنمية» يتحدث عن خروقات

نسبة الاقتراع وصلت إلى 45%

الأمين العام لحزب «العدالة والتنمية» المغربي عبد الإله بن كيران بعد مغادرته الخلوة حيث أدلى بصوته أمس في الرباط (رويترز)
TT

توجه الناخبون المغاربة أمس إلى صناديق الاقتراع لانتخاب مجلس نواب جديد، وسط توقعات بضعف المشاركة، التي بدت ضعيفة في الفترة الصباحية، ووصلت إلى نسبة 34 في المائة حتى حدود الساعة الخامسة مساء، حسب بيان لوزارة الداخلية المغربية. لكن مساء أعلنت الداخلية المغربية أن النسبة وصلت إلى 45% وهو ما يفوق الانتخابات السابقة في 2007.

وكانت مكاتب التصويت ظلت مفتوحة إلى غاية الساعة السابعة من مساء أمس. ويبلغ مجموع مكاتب التصويت عبر مختلف محافظات البلاد 38 ألفا و190 مكتبا. ورغم أن مكاتب التصويت عرفت مساء أمس إقبالا كثيفا من قبل الناخبين فإن المراقبين يتوقعون ألا تتعدى نسبة المشاركة 45 في المائة.

وفي سياق ذلك، تباينت أمس السيناريوهات بشأن نتائج الاقتراع، وطبيعة التحالفات المحتملة، وتركيبة الحكومة المقبلة، التي سيشكلها الحزب المتصدر لنتائج الاقتراع. ويلقي ضعف المشاركة بظلاله على مرحلة ما بعد الانتخابات والتحالفات الممكنة. وقال مصدر رسمي لـ«الشرق الأوسط»، فضل عدم ذكر اسمه، انطلاقا من تحليل شخصي، إنه إذا كانت نسبة المشاركة ضعيفة، وإذا ما تم قياسها بالمشاركة المكثفة في الاستفتاء على الدستور في يوليو (تموز) الماضي، والتي شكلت جوابا سياسيا إيجابيا على مشروع الملك، فإننا اليوم، إذا كانت نسبة المشاركة ضعيفة ومتواضعة أو متوسطة، سنكون أمام جواب سياسي للرأي العام، على الأحزاب السياسية، وبالتالي فإن ذلك لا يعني الملك في شيء. وأضاف المصدر ذاته أن الملك طرح مشروعه على الاستفتاء فتمت الموافقة عليه، والكرة الآن في ملعب الأحزاب.

وفي سياق ذلك، تساءل المصدر ذاته: «هل سيتم الاكتفاء بحكومة يقودها رئيس الوزراء المنبثق عن الحزب الذي سيتصدر نتائج الانتخابات، وبالتالي يتم تشكيل حكومة مصغرة ائتلافية أو حكومة ائتلافية موسعة، بما يفيد أنها حكومة وحدة وطنية، خاصة أن الظروف الإقليمية المحيطة، وما عرف بالربيع العربي والحراك السياسي، واستمرار تظاهر حركة 20 فبراير، هي كلها معطيات تقتضي توفر شبه إجماع سياسي من موقع الحكومة على التعاطي مع هذه القضايا، دون أن ننسى أن 20 قانونا تنظيميا لتنزيل مقتضيات الدستور الجديد ستكون من المهام ذات الأولوية بالنسبة للحكومة المقبلة، وسيكون محبذا ومطلوبا ومرغوبا فيه أن يتم إقرارها بالتوافق بين كافة الحساسيات السياسية المغربية».

وأضاف المصدر ذاته أنه إذا استطاعت 4 إلى 5 أحزاب أن تتوفر على غالبية نيابية يقودها الحزب الذي تصدر نتائج الانتخابات، ففي هذه الحالة، وتبعا لنسبة المشاركة الضعيفة، يمكن التفكير في حكومة ائتلافية موسعة أو حكومة ائتلاف وطني تفرضها عوامل داخلية تتعلق أولا، بالتحفيز والتعبئة وإعادة الأمل وضمان إجماع أوسع حول القضايا الكبرى وتدبير الشأن العام داخليا، وثانيا، المضي قدما في تفعيل الحكم الذاتي في الصحراء سواء عبر الاتفاق مع الأطراف المعنية بالنزاع أو تطبيق مشروع الحكم الذاتي من طرف واحد هو المغرب، ثالثا الخروج من منطقة العواصف التي تأثرت بها الأنظمة في المنطقة العربية، وعصفت بأنظمة أخرى. بيد أن تشكيل حكومة ائتلاف وطني، يتدارك المصدر ذاته، يظل أمرا مستبعدا خاصة أن حزبين هما «العدالة والتنمية» و«الأصالة والمعاصرة»، وضعا خطا أحمر بشأن أي تحالف مستقبلي بينهما.

وفي غضون ذلك، تتجه الأنظار في المغرب إلى حزب الأصالة والمعاصرة، الحديث النشأة، الذي أسسه فؤاد عالي الهمة، المقرب من القصر الملكي، والنتائج التي سوف يحققها، وإن كانت هناك قناعة لدى كثيرين أن «الأصالة والمعاصرة» لن يكون ضمن كوكبة الأحزاب الثلاثة الأولى، بيد أنه تبعا لتصريحات أمينه العام لـ«الشرق الأوسط» مؤخرا، فإن الحزب يبدو أنه يراهن على انتخابات 2018 وليس على الانتخابات الحالية.

ويتوقع المراقبون أن يواصل حزب «الأصالة والمعاصرة» تموقعه في المعارضة لتطبيع وضعه السياسي بكيفية نهائية وقطعية، ولكي لا يظهر أنه معني بالحكومة، وأنه بات يريد أكثر من أي وقت مضى أن يؤسس شرعية له في التربة السياسية المغربية، ويجعلها تغوص في أعماقها. وأظهر الحزب حتى الآن أنه ليس متهافتا على الدخول للحكومة أو الهيمنة عليها، وهو ما يبرز أن وضعه المقبل سيكون امتدادا لموقفه السابق من حكومة عباس الفاسي. فهو لم يشارك فيها، وإن كان في بداية تشكيلها مساندا لها، قبل أن يصبح في المعارضة، مع العلم أن وزيرا ينتمي إليه شارك في حكومة الفاسي بعدما جمد نشاطه داخل الحزب الفتي. ومن هنا، فإن حزب الأصالة والمعاصرة إذا لم يتمكن من المشاركة في الحكومة المقبلة، سيكون تموقعه امتدادا لموقعه وموقفه السابقين. إلا أن هذا السيناريو يظل قائما حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود في نتائج اقتراع أمس.

إلى ذلك، قال عباس الفاسي، رئيس الحكومة المغربية المنتهية ولايتها، والأمين العام لحزب الاستقلال، إنه على الأحزاب التي ستتحمل المسؤولية بعد الانتخابات التشريعية السهر على احترام الدستور الجديد.

وقال الفاسي، في تصريح للصحافة عقب إدلائه بصوته بأحد مكاتب الاقتراع بالرباط، إن الدستور الجديد يتضمن كافة العناصر الإيجابية المطابقة لجميع الدساتير في الديمقراطيات العميقة، ويبقى على الأحزاب التي ستتحمل المسؤولية السهر على احترام روح هذا الدستور. وأشاد الفاسي بأجواء الحملات الانتخابية التي سبقت يوم أمس «إذ لم تكن هناك مشكلات انتخابية كبيرة، كما أن السلطة كانت، بصفة عامة، محايدة وبشكل مطلق، خصوصا أن وزارة الداخلية هيأت لهذه الانتخابات بتقنية عالية وبتشاور مع جميع الأحزاب».

وسجل الفاسي، في الوقت ذاته، أن هذه الحملات «لم تشهد حماسا كبيرا»، وعزا ذلك لكون «المواطن لا ينتظر حملة انتخابية ليكون له موقف، حيث أصبح بمقدوره أن يحدد الحزب الذي سيصوت عليه».

من جهته، عبر عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية الإسلامي المعارض عن أمله في أن تفتح انتخابات يوم أمس عهدا ديمقراطيا جديدا.

وقال بنكيران، في تصريح للصحافة عقب الإدلاء بصوته بأحد مكاتب الاقتراع التابعة لدائرة الرباط المحيط، إن التعبير عن الصوت «لا بد أن ينتصر للديمقراطية التي تعد السبيل الوحيد للخروج من الأزمة، والقطع مع الممارسات السابقة».

وعبر عن أمله أيضا في أن يتمكن حزب العدالة والتنمية من حصد المرتبة الأولى في هذه الاستحقاقات، والانتقال بالتالي من تجربة المعارضة إلى تسيير الشأن العام، مشيرا إلى أن «التصويت على هذا الحزب هو تصويت على مشروع وبرنامج لحل المشكلات التي تعرفها البلاد في مجال التعليم والصحة وغيرها من المجالات الأخرى».

وأعرب بنكيران عن أمله في أن ترتفع نسبة المشاركة في عملية التصويت التي بدت برأيه «ضعيفة في الفترة الصباحية». وبخصوص سير الحملة الانتخابية، قال بنكيران إن حزبه سجل مجموعة من الخروقات وأبلغ بها وزارة الداخلية.

وبدوره، قال محمد الشيخ بيد الله، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، إن النتائج التي ستفرزها صناديق الاقتراع ستكون أول لبنة في بناء مغرب الغد ومغرب الاستقرار.

واعتبر بيد الله، في تصريح للصحافة عقب إدلائه بصوته صباح أمس في مدينة السمارة، العاصمة الروحية للصحراء، أن مشاركة سكان هذا الإقليم في هذه الاستحقاقات تعكس وعيهم بأهمية المرحلة والمنعطف التاريخي للمغرب وتعبير عن مساهمتهم في رفع تحديات المستقبل. وأكد بيد الله أن النموذج المغربي في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط سيكون نموذجا منفردا يحتذى على صعيد شمال أفريقيا والعالم العربي، داعيا بالمناسبة إلى المشاركة الفعالة والواعية لدعم بناء مغرب الاستقرار وديمومته. من جهته، أكد رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، صلاح الدين مزوار، أمس، أن المغرب يعيش مرحلة جديدة ومتميزة في بناء مساره الديمقراطي.