البنتاغون يتحالف مع كينيا وإثيوبيا وأوغندا ضد قوات «الشباب» في الصومال

في إطار محاربة الإرهاب واعتبارها امتدادا لتنظيم القاعدة

أعضاء في مليشيا الشباب الراديكالية بالصومال أثناء أحد التدريبات العسكرية في شمال العاصمة مقديشو (أ.ب)
TT

كشفت مصادر أميركية عن أن عسكريين واستخباراتيين أميركيين في واشنطن وإثيوبيا وكينيا وأوغندا ينسقون حملة بطائرات «درون» (بدون طيار) ضد قوات «الشباب» في الصومال التي يتهمها الأميركيون بالإرهاب وبأنها امتداد لمنظمة القاعدة، وأن ذلك جزء من خطة بدأت سنة 2007، وصرف عليها أكثر من خمسمائة مليون دولار لوقف النشاطات الإرهابية في القرن الأفريقي بما في ذلك إريتريا والسودان.

وقالت المصادر إن هناك فريقين وسط مستشاري الرئيس الأميركي باراك أوباما في البيت الأبيض: واحد يدعو إلى هذه «الحرب غير المباشرة» بدلا من الحروب المباشرة مثل حرب العراق وأفغانستان. وواحد يرى أن العسكريين الأجانب الذين يتعاونون مع الأميركيين ربما عندهم أجندة أخرى، وربما، لهذا، سيفلت زمام القيادة من واشنطن.

وقالت المصادر إنه بقدر ما تتحمس وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي إيه) لهذه «الحرب غير المباشرة»، تتحفظ الخارجية الأميركية. وأول من أمس، أشار جوني كارسون، مساعد وزيرة الخارجية للشؤون الأفريقية، إلى ما حدث سنة 2006، عندما غزت القوات الإثيوبية الصومال بمساعدات أميركية، ثم انسحبت بعد ثلاث سنوات بسبب مقاومة الصوماليين. وقال كارسون: «بصورة عامة، لم تكن تلك الحملة ناجحة، وكانت من أسباب ظهور قوات (الشباب)».

وقال مراقبون في واشنطن إن من أسباب الاهتمام الأميركي بمنظمة الشباب الصومالية اشتراك شباب أميركيين صوماليين في الحرب، وإن هذا أثار قلق وزارة أمن الوطن، ومكتب التحقيق الفيدرالي (إف بي آي) خوفا من زيادة ما صار يطلق عليه المسؤولون الأمنيون الأميركيون أنه «إرهاب داخلي». رغم أن بعض هؤلاء الشباب الأميركيين الصوماليين نفوا أن لهم صلة بمنظمة القاعدة، وأنهم أتباع أسامة بن لادن، وقالوا إنهم يعترضون على التدخل الأميركي بالتنسيق مع ما سموها «دول مسيحية ضد مسلمي الصومال»، إشارة إلى إثيوبيا وكينيا وأوغندا.

ولاحظ المراقبون أن البيت الأبيض والخارجية الأميركية لم يصدرا بيانات تدين التدخل العسكري الكيني الذي بدأ في الشهر الماضي، عندما تحركت قوات عسكرية كينية، وعبرت الحدود بحجة حماية المناطق الكينية التي يرتادها السياح الغربيون في شمال الصومال. وبدل الإدانة، قالت البيانات الأميركية إن كينيا «تملك حق الدفاع عن نفسها».

وكانت حكومة كينيا أعلنت انخفاض عدد هؤلاء السياح بسبب عمليات خطف لبعضهم بالقرب من الحدود مع الصومال. ورغم أن كينيا قالت إنها لا تنوي غزو الصومال، وإن عملياتها محدودة، نقلت أخبار من الصومال بأن هذه القوات تتقدم إلى الأمام، واشتبكت مرات كثيرة مع قوات «الشباب».

ولاحظ المراقبون أن البيت الأبيض والخارجية الأميركية لم يصدرا بيانات إدانة أيضا منذ الأسبوع الماضي بعد أخبار بأن القوات الإثيوبية المسلحة غزت الصومال مرة أخرى، وأن البيانات كررت حق إثيوبيا في الدفاع عن نفسها، رغم أن إثيوبيا لم تشتك من خطر مباشر على أراضيها.

رغم عدم الإدانة الأميركية، قالت هذه البيانات إنها تأمل بأن تعود القوات الكينية والإثيوبية إلى أراضي بلديهما «بأسرع فرصة ممكنة». وركزت هذه البيانات على دور القوات التي كان أرسلها إلى الصومال الاتحاد الأفريقي، والتي يبلغ عددها عشرة آلاف شخص تقريبا. وظلت في الصومال منذ أربع سنوات. ورغم أن هذه القوات تدعم الحكومة الصومالية الانتقالية، تقاتلها قوات «الشباب» على اعتبار أنها «قوات مسيحية».. هذه إشارة إلى أن هذه القوات الأفريقية من أوغندا وبوروندي.

وربطت مصادر أميركية بين عداء منظمة الشباب لأوغندا وبين انفجارات قبل سنة ونصف السنة في أوغندا. في ذلك الوقت، اشترك محققون أميركيون من «إف بي آي» في التحقيق في الانفجارات، وحملوا منظمة الشباب مسؤولية ما حدث.

وأوضحت معلومات من وزارة الخارجية الأميركية أنها صرفت مائتي وخمسين مليون دولار خلال أربع سنوات لدعم القوات الأفريقية (الأوغندية والبوروندية) في الصومال، وأن البنتاغون صرف مبلغا مماثلا في تدريب هذه القوات، وإمدادها بمعدات واقية، ونظارات ليلية، ومدرعات مقاومة للانفجار، ومؤخرا بطائرات «درون». وفي الشهر الماضي، خلال استجواب في الكونغرس، قال مسؤول عسكري أميركي كبير إن البنتاغون بدأ في صرف ثلاثين مليون دولار لإرسال طائرات «هليكوبتر» إلى كل من كينيا وجيبوتي. في جيبوتي توجد قاعدة عسكرية أميركية صغيرة تطير منها طائرات «درون» إلى اليمن والمناطق المجاورة لمراقبة وقتل الإرهابيين.

وقالت مصادر إخبارية في واشنطن إن الإعانات التي ترتكز عليها استراتيجية الرئيس أوباما لبناء قوات إقليمية لمحاربة الإرهاب في القرن الأفريقي تهدف إلى التقليل من أي دور مرئي للقوات الأميركية، وإن ذلك إدراك منها لما حدث سنة 1993 في ما أصبح يعرف بـ«سقوط بلاك هوك».. في إشارة إلى مقاومة صومالية لقوات أميركية كانت أرسلت إلى هناك. أسقطت المقاومة طائرتي «هليكوبتر» أميركيتين وقتلت 18 جنديا أميركيا. وبعدها أمر الرئيس الأميركي الأسبق كلينتون بسحب القوات الأميركية.

وحسب هذه المعلومات، إلى الشمال من الصومال، في جيبوتي، يتمركز نحو 3 آلاف جندي أميركي في قاعدة «ليمونيار».. هذه هي القاعدة العسكرية الأميركية الوحيدة المعلنة في القارة الأفريقية. ويعمل كثير من هؤلاء العسكريين في الشؤون المدنية، وفي برامج تدريب في جميع أنحاء شرق أفريقيا، بالإضافة إلى «العمليات الخاصة» التي تقوم بها طائرات «درون».

وإلى الجنوب، في كينيا، تتمتع البحرية الأميركية بتسهيلات في قاعدة «ماندا» البحرية الكينية على بعد نحو 50 ميلا من الحدود الصومالية. ولعدة سنوات، ظلت قوات «سيلز» التابعة للبحرية الأميركية، والتي تتكون من «كوماندوز» يقومون بعمليات خاصة، تدرب قوات كينية لمراقبة السفن العسكرية والتجارية في المنطقة، بعد أن زادت عمليات القراصنة الصوماليين.

وفي أوغندا وجنوب السودان، توجد فرقة جديدة وصغيرة أرسلها البنتاغون مؤخرا لتنسيق الحرب ضد «جيش الرب» المسيحي، وهو جيش أفريقي قبلي ظل يشن هجمات متوحشة في أوغندا وجنوب السودان والكونغو ورواندا.

وكان الرئيس أوباما أعلن أن «جيش الرب» يهدد المصالح الأميركية في وسط أفريقيا، رغم أن أعضاء في الكونغرس انتقدوا ذلك، وقالوا إن أوباما يريد توريط الولايات المتحدة في «حروب قبلية وأبدية في أحراش أفريقيا».

وأيضا مؤخرا، حسب هذه المعلومات، أسس البنتاغون و«سي آي إيه» قاعدة سرية في جزيرة سيشل في المحيط الهندي لطائرات «درون»، وأيضا صارت قاعدة «اربا منش» في إثيوبيا، بالقرب من الحدود مع الصومال، مركزا لنشاطات طائرات «درون».