باريس تعدل قانونها للجوء بسبب «زيادة الطلبات التي لا أساس لها»

اتهام للمرشح الاشتراكي للرئاسة بالتخلي عن موقع فرنسا في الأمم المتحدة

الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي يلقي كلمة خلال زيارته لمحطة نووية في مدينة أورونج، بجنوب فرنسا أمس. وانتقد بالمناسبة اتفاق الاشتراكيين والخضر للحد من استخدام الطاقة النووية (أ.ف.ب)
TT

أعلن وزير الداخلية الفرنسي كلود غيان أمس عن تعديل حق اللجوء إلى بلاده، وأوعز سبب ذلك إلى ارتفاع طلبات اللجوء «التي لا أساس لها». وكشف غيان خلال مؤتمر صحافي أن «نظامنا الخاص باللجوء في خطر لأنه يستخدم لدخول بلادنا والاستقرار فيها»، متوقعا أن تصل طلبات اللجوء إلى 60 ألف طلب في عام 2011 مقابل نحو 53 ألفا في عام 2010 ونحو 48 ألفا في عام 2009. واعتبر الوزير الفرنسي أن الارتفاع «يعود إلى تزايد الطلبات التي لا أساس لها».

وأوضح غيان، من جانب آخر، أن أنصار العقيد الليبي الراحل معمر القذافي يمكنهم تقديم طلبات لجوء في فرنسا. وقال ردا على سؤال «إن حق اللجوء مكفول للجميع من أي مكان»، مضيفا: «إن الحكم (بشأن اللجوء) لا يتعلق بماضي الأشخاص بل بخطر تعرضهم للاضطهاد». وتابع: «إذا كانت هناك (في البلد الذي يتحدر منه طالب اللجوء) قوانين تعمل بشكل عادي ومطابقة للقانون الدولي، فلا توجد مشكلة» اضطهاد. وتم في ليبيا الثلاثاء تشكيل حكومة انتقالية جديدة تتمثل مهمتها في إعادة إعمار ليبيا وإعادة اللحمة إلى بلد قسمته 8 أشهر من الحرب الأهلية. وفي 2010 وحين كان القذافي لا يزال في السلطة قدم 11 ليبيا طلبات لجوء في فرنسا تم قبول 5 منها ومنح أصحابها صفة اللاجئ.

وتعد فرنسا ثاني بلد من ناحية الأفضلية لطالبي اللجوء في العالم بعد الولايات المتحدة والأولى في أوروبا قبل ألمانيا والسويد وبريطانيا. ونجم عن تزايد الطلبات إطالة مدة النظر في الملفات (19 شهرا للطلبات المقدمة في 2011 مقابل 16 شهرا ونصفا في 2010) واستنفاد طاقة الإيواء ما أدى إلى استخدام مراكز إيواء مخصصة في الأصل للمشردين خلال الشتاء وارتفاع النفقات. وإزاء هذا الوضع تريد الحكومة الفرنسية توسيع لائحة البلدان الآمنة لتشمل أرمينيا ومولدافيا والجبل الأسود وبنغلاديش «أكبر مصدر لطلبات اللجوء رغم تطور وضع البلد الذي لم يعد يبرر» طلب اللجوء خارجه. ويعتبر بلد ما آمنا إذا ما أصبح يحترم المبادئ الأساسية للحرية والديمقراطية ودولة القانون وحقوق الإنسان والحريات الأساسية.

وحول شأن فرنسي آخر، اتهم مسؤولون من اليمين والوسط فرنسوا هولاند مرشح الحزب الاشتراكي لانتخابات الرئاسة، أمس، بالتخلي عن موقع فرنسا في الأمم المتحدة عبر اتفاق الحكم الذي أبرمه مع الخضر والذي يقترح إلغاء حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي. وقال مرشح الوسط فرانسوا بايرو مستنكرا: «إنه السلاح الوحيد الذي ما زال يسمح لفرنسا أن تظل في صف القوى الكبرى، هذا السلاح يلغى، يشطب؟». وجاء في نص الاتفاق المبرم مع الخضر أنه إذا فاز اليسار فإن «فرنسا ستطرح اقتراحات دقيقة لإصلاح ودمقرطة الأمم المتحدة كي تتهيكل في نظام قانوني شامل يتمثل في مقعد أوروبي وإلغاء حق الفيتو، وتمثيل أفضل لبلدان الجنوب في مجلس الأمن الدولي وتعزيز دور المنظمات غير الحكومية». وأكد الحزب الاشتراكي أن الأمر لا يتعلق بالتخلي عن أي شيء بشكل أحادي الجانب لكن زعيمة حزب الخضر سيسيل دوفلوه أكدت أمس أن حق النقض (الفيتو) الذي تتمتع به فرنسا على غرار الأعضاء الدائمين الأربعة الآخرين في مجلس الأمن الدولي «عفا عنه الزمن». وردا على سؤال حول ما إذا كانت تعارض التخلي عن حق النقض قالت سيسيل دوفلوه «لا»، موضحة أن «ما لن يزعجني هو إعادة توازن المسؤوليات في الأمم المتحدة، أن (حق الفيتو) متقادم، إنه من الماضي ويعود إلى 1946، لقد عفا عنه الزمن». واتهم وزير الداخلية كلود غيان المقرب من نيكولا ساركوزي يوم الأربعاء الماضي فرانسوا هولاند «بالتدبير للحط من شأن فرنسا في المؤسسات الدولية».

وقد تسبب اتفاق الحكم هذا في فوضى كبيرة أضرت بموقع فرانسوا هولاند بسبب اختلاف في تأويل الحل الوسط الذي تم التوصل إليه حول القطاع النووي حيث إن المرشح الاشتراكي يريد خفض حصة الطاقة النووية في إنتاج الكهرباء والاستمرار في معالجة نفايات الذرة بينما يريد الخضر التخلي تدريجيا عنها. ويفترض أن ينفذ اتفاق الحكم هذا إذا فاز اليسار في الانتخابات التشريعية المقررة في يونيو (حزيران) المقبل التي ستنظم بعيد الانتخابات الرئاسية المقررة في أبريل (نيسان) ومايو (أيار) 2012.