قرار «الممرات الإنسانية» يحتاج قانونيا إلى الموافقة السورية

خبير استراتيجي لـ «الشرق الأوسط» : يجب أن تشمل الحظر الجوي والمروري لتصبح آمنة

تمركز الجيش في الخنادق بسقيا في ريف دمشق
TT

جاء إعلان فرنسا على لسان وزير خارجيتها ألان جوبيه عزمها على التحرّك من أجل إنقاذ المدنيين وتعزيز إجراءات حمايتهم من خلال إيجاد «ممرات آمنة» لمساعدة المدنيين، ليطرح السؤال حول الفرق بين هذا الحلّ وما سبق للمعارضة السورية أن طالبت به بفرض «منطقة عازلة» أو «منطقة حظر جوي»، وإلى أي حدّ يمكن تطبيق أي منهما وما هي الإجراءات القانونية التي سيسلكها؟

لكن يبدو أنّ اتخاذ قرار بشأن أي من الاقتراحين سيصطدم بقبول الدولة المعنية أي سوريا، بحسب الدكتور المتخصّص في القانون الدولي شفيق المصري. ويعرّف المصري «الممرات الآمنة» أو ما يصطلح على تسميته قانونيا بـ«الأماكن الآمنة» أنها «المنطقة التي يمكن أن تسهّل مرور المساعدات الإنسانية، لكن هذا الأمر منوط بقبول الدولة المعنية». أما في حال رفضها، يقول المصري لـ«الشرق الأوسط»: «يمكن حينها أن يتّجه مجلس الأمن نحو التصعيد ويتّخذ قرارا بشأن «الطريق الآمن» تحت الفصل السابع، بحيث يصبح «إجراء إجباريا». مع العلم أنّ قرارا كهذا يحتاج بدوره إلى التصويت وموافقة مجلس الأمن بعيدا عن احتمالات «الفيتو» التي من المرجح أن تلجأ إليها كلّ من الصين وروسيا. ويذكر المصري سابقة في هذا الإطار. ويقول: «كان مجلس الأمن قد سبق له أن اتخذ قرارا كهذا في يوغوسلافيا السابقة عندما أعلن ست مدن بوسنية على أنها (آمنة) لتجنيبها القصف الجوي الصربي. وقد تمّت حينها العملية بتكليف الحلف الأطلسي بفرض الحظر الجوي فوق هذه المدن لحماية المدنيين».

وعن الطريق الذي يمكن اعتماده كـ«ممرّات آمنة»، يرى المصري أنّها قد تكون تلك المحاذية للحدود التركية السورية، أو أي حدود أخرى في العراق أو لبنان أو الأردن، ولكنه يؤكّد أنّه وبغض النظر عن المنطقة التي يمكن تحديدها يبقى الأمر مرتبطا أوّلا وأخيرا بموافقة سوريا. وفي ما يتعلّق بالحدود السورية اللبنانية، يعتبر أنّ الأمر صعب ولن تقبل به الحكومة اللبنانية التي تعالج الموضوع من الناحية السياسية وتتّبع سياسة «النأي بالنفس» في الأزمة السورية.

وفي ما يتعلّق بـ«المنطقة العازلة» يقول المصري: «هي تلك التي تتّفق الدولتان على إقرارها على أنها منزوعة السلاح تحت القرار 242 الصادر عام 1967، وهو ينصّ على وجود مناطق منزوعة السلاح على جانبي الحدود بين البلدين، لمنع احتمال التصادم بين الاثنين ولحماية المدنيين». يلفت إلى أنّ هذا القرار قد يساعد على زيادة أعداد المنشقين الذين قد يجدون في هذه المنطقة ملاذا آمنا بعيدا عن ملاحقة جيش النظام.

وفي السياق نفسه، يعتبر الخبير الاستراتيجي إلياس حنا أنّ طرح فرنسا «كلام سياسي لا يمكن تطبيقه في ظلّ استحالة تخلّي سوريا عن سيادتها». ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «اقتراح وزير خارجية فرنسا ألان جوبيه واستخدامه عبارة (ممرات آمنة)، هو مصطلح خاطئ، لأنّ طرحا كهذا يجب أن يشمل في الوقت عينه ما يعرف بـ(الملاذ الآمن) الذي يشمل (الحظر الجوّي) لمنع قصفها و(الحظر المروري) من قبل أي جهة أخرى كي تكون المنطقة آمنة للمدنيين الهاربين». ويلفت إلى أنّ تطبيق مجلس الأمن لقرار كهذا بالقوّة، في إحدى المناطق أو الدول التي تقع على حدودها، يحتاج إلى الشرعية التي قد تكون متمثّلة بوجود وضع كارثي أو حربي في سوريا، أو إذا كان هناك أي وضع يهدّد الأمن القومي للبلد المجاور، وهو أمر لا ينطبق على سوريا في الوقت الحالي.