اليمن: نائب الرئيس يدعو لانتخابات رئاسية مبكرة

الحوثيون ينقلبون على المعارضة ويرتكبون «مجزرة» ضد السلفيين في صعدة

فتاة يمنية تردد شعارات مطالبة بمحاكمة أركان نظام الرئيس اليمني أثناء مسيرة احتجاج في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
TT

أصدر نائب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أول قرار رئاسي يصدر تنفيذا للمبادرة الخليجية التي وقعها الرئيس اليمني علي عبد الله صالح في الرياض مؤخرا. يأتي ذلك في وقت أعلن فيه الحوثيون انقلابهم على أحزاب اللقاء المشترك برفضهم للمبادرة الخليجية، فيما شنوا هجوما شاملا على منطقة دماج السلفية في محافظة صعدة وصفه الناطق باسم السلفيين لـ«الشرق الأوسط» بأنه يمثل «مجزرة»، فيما تتواصل المسيرات الرافضة للمبادرة الخليجية في اليمن.

وقد دعا منصور في القرار الرئاسي «المواطنين المسجلين في جداول الناخبين وكل من بلغ السن القانونية بموجب وثيقة رسمية تؤكد ذلك للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية العامة المبكرة لانتخاب رئيس للجمهورية ابتداء من الساعة الثامنة من صباح يوم الثلاثاء الموافق 21 فبراير (شباط) 2012». ودعا القرار إلى أن تجرى الانتخابات الرئاسية المبكرة في ظل إدارة اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء الحالية وتحت إشرافها، وبموجب القانون والسجل الانتخابي الحاليين. وأكد القرار أنه «يعمل بهذا القرار من تاريخ صدوره ولا يجوز لأي طرف نقضه أو الخروج عليه، ومن دون الحاجة لخطوات أخرى قبل ستين يوما من إجراء الانتخابات، وينشر في الجريدة الرسمية».

إلى ذلك، شن الحوثيون في محافظة صعدة قصفا عنيفا بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة على منطقة دماج المحاصرة من قبلهم منذ نحو شهر ونصف الشهر، وذلك على خلفية فشل جهود لجنة الوساطة في تنفيذ اتفاق التهدئة وإنهاء الحصار، الموقع بين السلفيين وأتباع الحوثي نهاية الأسبوع الماضي. وقال الناطق باسم السلفيين في محافظة صعدة «إن 10 قتلى و12 جريحا، معظمهم من طلاب دار الحديث بدماج، سقطوا حتى عصر أمس، جراء قصف عنيف شنه الحوثيون على المنطقة ابتداء من الساعة الحادية عشرة والربع، بمختلف أنواع الأسلحة المتوسطة والثقيلة». وأضاف أبو إسماعيل الناطق باسم الحوثيين لـ«الشرق الأوسط» أن «الحوثيين يسعون إلى فرض مذهبهم على أهل السنة في صعدة بالقوة، وهم اليوم يرتكبون مجزرة ضد طلبة العلوم الشرعية والنساء والأطفال والشيوخ، ويمنعون انتشال الجثث». وكان الحوثيون قد احتجزوا الجمعة الصحافي محمد الأحمدي وصادروا كاميرته وكاميرا الصحافي مختار الرحبي بعد مغادرتهما من منطقة دماج المحاصرة بصحبة لجنة الوساطة، فيما يستمر منع فريق الصليب الأحمر الدولي وعدد من المنظمات الإغاثية والحقوقية من دخول منطقة دماج المحاصرة من قبل عناصر حوثية مسلحة. وتعثر تنفيذ الاتفاق بين الحوثيين والسلفيين في دماج، جراء إصرار الحوثيين على التمركز في منطقة جبل «البراقة» المطل على دماج، الأمر الذي يرفضه السلفيون بحكم أن الجبل يطل على مساكنهم في دماج.

وقد فتح الحوثيون النار على أحزاب المعارضة في تكتل «اللقاء المشترك» عقب توقيعهم للآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية، وأعربوا عن رفضهم للمبادرة التي وقعت في العاصمة السعودية الرياض. وقال بيان صادر عن الحوثيين تعليقا على توقيع اتفاق نقل وتقاسم السلطة في اليمن بين السلطة والمعارضة «لقد سقطت تلك الأقنعة التي تستر خلفها من يتواطأون مع النظام الظالم بشكل واضح وظلوا يقدمون أنفسهم منذ انطلاقة الثورة على أنهم مع الشعب، فيما واقعهم أثبت اليوم أنهم ليسوا مع الثورة ولا مع مطالبها، وقد حولوا هذه الثورة إلى أزمة، وقللوا من شأن الشعب اليمني أمام جماهير شعوب المنطقة خاصة تلك التي أسقطت أنظمة عصية كشعوب تونس ومصر وليبيا، وقد بدا واضحا أن هذه الأطراف إنما تبحث عن تقاسم السلطة والثروة، وأسهمت في تأخير نجاح الثورة وذلك بدخولها في دوامة المبادرات وتلونها كل مرحلة بصبغة، واستجابتها الذليلة للضغط الأميركي..».

وكان الحوثيون وأحزاب المعارضة أعلنوا تحالفا مشتركا عند اندلاع الاحتجاجات ضد نظام الرئيس علي عبد الله صالح في وقت سابق مع بداية هذا العام، غير أن الحوثيين بدأوا في الانقلاب على المعارضة ومهاجمة بعض القبائل المؤيدة للثورة في المناطق القريبة من محافظة صعدة التي يسيطرون عليها منذ بداية الأحداث الراهنة في اليمن. وقد تواصلت التطورات الأمنية على الساحة اليمنية، أمس، رغم الأجواء السياسية الهادئة التي تسود الساحة عقب توقيع الرئيس علي عبد الله صالح على المبادرة الخليجية ونقله صلاحياته لنائبه، عبد ربه منصور هادي. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة في مكتب نائب الرئيس الذي نقلت إليه الصلاحيات أن اجتماعات مكثفة عقدت أمس وقبله، للجنة الخاصة برفع المظاهر المسلحة في العاصمة صنعاء بإشراف ومتابعة من هادي، وأن تحركات مكثفة تجري لوقف إطلاق النار في شمال صنعاء وتعز وغيرهما من مناطق المواجهات والتماس.

وتقوم لجنة كلفت قبل أشهر بمساعي الوساطة ويرأسها اللواء الركن غالب مطهر القمش، رئيس جهاز الأمن السياسي (المخابرات). وتنصب المساعي حول وضع تهدئة وتثبيتها في مناطق الصراع المسلح بين القوات الموالية لصالح والقوات المناوئة له سواء من الجيش المنشق أو من أنصار زعيم قبيلة حاشد الشيخ صادق الأحمر.