«العدالة والتنمية» في الصدارة.. وزعيمه يدعو إلى تعزيز العلاقات مع الغرب

عباس الفاسي لـ «الشرق الأوسط»: بيننا وبين «التجمع» خلاف عقائدي

عبد الإله بن كيران يتحدث مع الطيب الشرقاوي وزير الداخلية عقب الإعلان عن نتائج الاقتراع أمس في الوزارة (تصوير: رشيد تنيوني)
TT

أعلن زعيم حزب العدالة والتنمية في المغرب، عبد الإله بن كيران، أمس، بعد تقدم حزبه في الانتخابات التشريعية الأخيرة، أنه عازم على «تعزيز» العلاقات مع الدول الغربية، التي دعاها إلى عدم التخوف من توجهات الحزب الذي يتزعمه.

وردا على سؤال، حول المخاوف المحتملة لدى دول الغرب، بعد حلول حزبه الإسلامي المعتدل في المرتبة الأولى، حسب النتائج الأولية للانتخابات التشريعية المغربية التي جرت الجمعة، أجاب بن كيران: «لا داعي للمخاوف، ومع حزب العدالة والتنمية لا مجال أبدا للمفاجآت. سنعزز العلاقات مع الغرب»، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وتابع: «نحن لسنا بحاجة لطمأنة الغرب فهو مطمئن أصلا، ولا مخاوف».

ويقيم حزب العدالة والتنمية علاقات منتظمة مع السفارات الغربية في الرباط، من بينها سفارة فرنسا. وحصل هذا الحزب على 80 مقعدا، حسب النتائج الأولية غير النهائية، وحل في الطليعة.

وقدم الأمين العام للطائفة اليهودية في المغرب، سرج بردوغو، تهنئة إلى بنكيران بعد إعلان النتائج الجزئية. والتقى الاثنان في مقر وزارة الداخلية بحضور عدد من المسؤولين السياسيين، فتصافحا قبل أن يقول المسؤول اليهودي لبنكيران: «أقدم لك تهنئتي». وتعد الطائفة اليهودية بضعة آلاف شخص، في حين كانت أكبر بكثير في الستينات.

وعلى أثر إعلان وزير الداخلية المغربي الطيب الشرقاوي، أمس، أن النتائج المؤقتة غير الكاملة بالنسبة لـ288 مقعدا من أصل المقاعد الـ305 المخصصة للوائح المحلية برسم الانتخابات التشريعية، ليوم أول من أمس، أسفرت عن حصول حزب العدالة والتنمية على 80 مقعدا، قال عبد الإله بنكيران، الأمين العام للحزب، لـ«الشرق الأوسط»، إن حزبه يتوقع الحصول على 100 مقعد، وشدد على القول «الراجح 100 مقعد».

وأوضح وزير الداخلية المغربي، في مؤتمر صحافي، عقده أمس بالرباط، أنه في انتظار الإعلان عن النتائج النهائية والرسمية اليوم (الأحد)، بما فيها النتائج الخاصة بالدائرة الوطنية (اللائحة الوطنية للمرأة والشباب)، والتي تضم 90 مقعدا، 60 منها للنساء و30 للشباب.

وحصل حزب الاستقلال (الكتلة الديمقراطية) على 45 مقعدا، وحزب التجمع الوطني للأحرار (التحالف من أجل الديمقراطية) على 38 مقعدا، وحزب الأصالة والمعاصرة (التحالف من أجل الديمقراطية) على 33 مقعدا، والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (الكتلة الديمقراطية) على 29 مقعدا، والحركة الشعبية (التحالف من أجل الديمقراطية) على 22 مقعدا، والاتحاد الدستوري (التحالف من أجل الديمقراطية) على 15 مقعدا، وحزب التقدم والاشتراكية (الكتلة الديمقراطية) على 11 مقعدا، والحزب العمالي (التحالف من أجل الديمقراطية) على مقعدين، وحزب التجديد والإنصاف على مقعدين، والحركة الديمقراطية الاجتماعية على مقعدين، وحزب البيئة والتنمية المستدامة على مقعدين، وحزب العهد الديمقراطي على مقعدين، وجبهة القوى الديمقراطية على مقعد واحد، وحزب العمل على مقعد واحد، وحزب الوحدة والديمقراطية على مقعد واحد، وحزب الحرية والعدالة الاجتماعية على مقعد واحد، وحزب اليسار الأخضر المغربي (التحالف من أجل الديمقراطية) على مقعد واحد.

وتظهر النتائج أن كثيرا من الأحزاب ستضمحل وربما تندثر ليتشكل في البلد قطبان أو ثلاثة أقطاب أساسية.

وحصل حزب العدالة والتنمية وأحزاب الكتلة الديمقراطية، التي تضم الاستقلال والاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية، مجموعين حتى الآن، بمقتضى النتائج المؤقتة، على 165 مقعدا. وبدا واضحا للعيان أن «العدالة والتنمية» الإسلامي سيتحالف مع أحزاب الكتلة الديمقراطية من دون أن يكون في حاجة إلى أحزاب أخرى نظرا لوجود قناعة بأن يحصل التحالف على غالبية المقاعد، رغم أن أمينه العام حرص أمس على عدم قطع شعرة معاوية مع حزب التجمع الوطني للأحرار.

وبينما قالت مصادر حزبية من الغالبية الحالية لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة الجديدة ستكون جاهزة في غضون أسبوعين، حتى تحسم في مشروع قانون المالية (الموازنة) لعام 2011، مشددة على أن مشاورات تشكيل الحكومة يجب أن تنطلق في أقرب وقت، أبلغ عبد الإله بنكيران «الشرق الأوسط» بالقول «سوف ننتظر التعيين الملكي لرئيس الحكومة المقبلة، ثم بعد ذلك سنجري الاتصالات»، مشيرا إلى أنه بغض النظر عن حزب واحد «لا يمكن أن نتحالف معه الآن لأنه جعل منا خطا أحمر (في إشارة إلى حزب الأصالة والمعاصرة)، فنحن منفتحون على التحالف مع الأحزاب السياسية».

وحول ما إذا كان التجمع الوطني للأحرار داخلا في معادلة تحالفات تشكيل الحكومة المقبلة، قال بنكيران «نعم حتى مع التجمع إذا اقتضت المصلحة ذلك، وإذا قبلوا هم بطبيعة الحال». بيد أن عباس الفاسي، رئيس الحكومة الحالية المنتهية ولايتها، قال لـ«الشرق الأوسط» في معرض رده على سؤال حول إمكانيات دخول التجمع في تحالف مع «العدالة والتنمية» وأحزاب الكتلة لتشكيل الحكومة المقبلة، خاصة أن تشنجا ساد علاقة «الاستقلال» بـ«التجمع» خلال الحملة الانتخابية «لا يوجد بيننا شنآن بل اختلاف عقائدي، نحن تعادليون وهم ليبراليون تصل ليبراليتهم أحيانا إلى الليبرالية المتوحشة»، وذلك في إشارة إلى نفور «الاستقلال» من التجمع لأنه كسر التضامن الحكومي، والتحاقه بالتحالف من أجل الديمقراطية، الذي يضم ثمانية أحزاب.

وفي سياق ذلك، قال محمد الشيخ بيد الله، أمين عام حزب الأصالة والمعاصرة، ورئيس مجلس المستشارين المغربي (الغرفة الثانية في البرلمان)، لـ«الشرق الأوسط»، إن حزبه كان ينتظر أن يأتي في مرتبة أحسن، ويحصل على ما بين 45 و50 مقعدا، مشيرا إلى أنه لم يغط جميع الدوائر الانتخابية (81 دائرة من مجموع 91)، بيد أنه قال «نحن نحيي المواطنين والمواطنات على وعيهم ونحترم طبعا ما أتت به صناديق الاقتراع»، ودعا بيد الله إلى طي صفحة الانتخابات وفتح صفحة جديدة أكثر أهمية بالنسبة لمستقبل المغرب تأسيسا على هذه النتائج.

وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول ما إذا كانت أحزاب التحالف من أجل الديمقراطية ستلتزم جميعها بالانضمام إلى صفوف المعارضة، بعدما بدا واضحا أنها لم تحصل على الغالبية التي تؤهلها لتشكيل الحكومة، قال بيد الله «التحالف من أجل الديمقراطية اتفق من قبل إما أنه سيدبر الشأن العام الوطني بمجموع أعضائه أو أن يذهب إلى المعارضة انطلاقا من ميثاق شرف، وكذلك من برنامج مشترك لتيار مجتمعي». وشدد على القول «طبعا سنشتغل في إطار الأحزاب الثمانية».

ومن جهته، هنأ صلاح الدين مزوار، رئيس التجمع الوطني للأحرار، حزب العدالة والتنمية على النتائج التي حصل عليها، وقال في تصريحات للصحافة، إن النتائج كانت «في مجموعها جيدة» بالنسبة لـ«التحالف من أجل الديمقراطية».

وقال مزوار، الذي يشكل حزبه إلى جانب أحزاب الأصالة والمعاصرة، والاتحاد الدستوري، والحركة الشعبية، والحزب الاشتراكي، واليسار الأخضر، والنهضة والفضيلة، والحزب العمالي، والتحالف من أجل الديمقراطية «سنقوم بعملية تقييم لهذه النتائج، وسنقرر الاتجاه الذي سنأخذه بخصوص موقعنا، علما بأن الأمور كانت واضحة بالنسبة إلينا منذ البداية». وأضاف «لقد اشتغلنا من أجل الفوز بالانتخابات، لكن كانت هناك فرضية أخرى بعدم الفوز».

إلى ذلك، قال عباس الفاسي، رئيس الحكومة الحالية، لـ«الشرق الأوسط» إن نتائج اقتراع الجمعة «طبيعية جدا»، وتكرس مبدأ التداول على السلطة، وفتح المجال أمام المعارضة لقيادة الحكومة المقبلة.

وعبر الفاسي عن ارتياحه للنتائج التي حصل عليها حزبه، الذي حل ثانيا على مستوى الأحزاب، والأول على مستوى أحزاب الغالبية الحكومية، معتبرا ذلك تقديرا من الناخبين لحصيلة التجربة الحكومية التي قادها، وتم خلالها تحقيق 85 في المائة من الالتزامات التي تعهدت بها حكومته في جميع القطاعات.

ومن جهته، قال إدريس لشكر، عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إن أجهزة الحزب هي التي ستقرر موقعه في فترة ما بعد الانتخابات. وقال لشكر، في تصريح لوكالة الأنباء المغربية «إن أجهزتنا التقريرية هي التي ستحدد ما إذا كان من المفيد أن يستمر الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في تدبير الشأن العام أو سيكون من المفيد لبلادنا وللحزب العودة إلى المعارضة».

وفي غضون ذلك، أبلغ قيادي في الاتحاد الاشتراكي «الشرق الأوسط»، فضل عدم ذكر اسمه، أن مشاركة حزبه في حكومة يقودها حزب العدالة والتنمية، رهينة بما سيقدمه الحزب الفائز من عروض وبرامج.