«إف بي آي» وشرطة نيويورك تختلفان في محاربة الإرهاب

تداعيات اعتقال «مناصر للقاعدة» صنع قنابل لمهاجمة الشرطة

TT

بعد عشر سنوات من الحرب ضد الإرهاب، واشتراك وزارات ومؤسسات أميركية كثيرة فيها، ظهر إلى السطح اختلاف قديم بين مكتب التحقيق الفيدرالي (إف بي آي) وشرطة مدينة نيويورك (إن واي دي بي)، وذلك بعد اعتقال هوزيه بيمنتيل (مناصر للقاعدة) صنع قنابل لمهاجمة الشرطة وعناصر في القوات المسلحة الأميركية, وهو لاتيني اعتنق الإسلام، بتهمة التخطيط لعمليات إرهابية.

وأمس، اعترف بول براون، نائب مدير شرطة نيويورك، بأن المشكلة بدأت مباشرة بعد هجمات سبتمبر (أيلول) سنة 2001، وقال: «لم يكن ممكنا أن نقول لشرطة (إف بي آي) إننا لا نهتم بعد أن قتل الإرهابيون 3 آلاف من سكان نيويورك. لم يكن ممكنا أن نترك المسؤولية الكاملة في أيدي شرطة غير شرطة نيويورك».

وقال مراقبون في واشنطن إنه، بعد الهجمات مباشرة، أسست شرطة نيويورك جهازا لمكافحة الإرهاب، وكان واضحا منذ البداية بأنه جهاز عملاق، وأنه، آجلا أو عاجلا، لا بد أن ينافس «إف بي آي». جندت نيويورك أكثر من ألف ضابط وشرطي لمكافحة الإرهاب. وأرسلت بعضهم إلى أكثر من عشر دول، خاصة في منطقة الشرق الأوسط وجنوب آسيا لمتابعة النشاطات الإرهابية، «قبل أن تصل إلى شوارع نيويورك».

وأضاف المراقبون أن هذه القوة المحلية العملاقة لمكافحة الإرهاب لم يسبق لها مثيل في أي مدينة أميركية، وأنها أدت إلى منافسات مع «إف بي آي». وأن المنافسات ظهرت، على الأقل، مرتين مؤخرا.

عندما استجوبت شرطة «إف بي آي» وشرطة نيويورك رجلين مسلمين، في مايو (أيار) الماضي، بتهمة الإرهاب، قالت شرطة نيويورك إن الرجلين قالا لها إنهما يخططان لمهاجمة معابد يهودية في نيويورك. وصار واضحا أنه في ذلك الوقت لم تكن شرطة «إف بي آي» تتابع تفاصيل الموضوع، ولم تقدر على الإجابة عن أسئلة من صحافيين عن تفاصيل الخطة، وعن دور «إف بي آي» في متابعتها.

وفي الأسبوع الماضي، عقدت شرطة نيويورك مؤتمرا صحافيا لإعلان القبض على هوزيه بيمنتيل، بتهمة التعاطف مع تنظيم القاعدة، والتخطيط لتفجير مكاتب شرطة ومكاتب بريد في نيويورك. وأيضا، استهداف القوات الأميركية العائدة من العراق وأفغانستان. وخلال المؤتمر الصحافي، لاحظ الصحافيون عدم وجود أي شخص من «إف بي أي». وعندما سألوا المتحدث باسم «إف بي آي»، قال لهم إن «هناك مشاورات بين الجانبين». وصار واضحا أن شرطة نيويورك أرادت الانفراد بهذا «النصر».

وأمس، كشفت مصادر أميركية أن «إف بي آي»، منذ البداية، لم تقتنع بالأدلة التي قدمتها شرطة نيويورك عن هوزيه بيمنتيل.

وفي مقابلات صحافية مع مسؤولين في «إف بي آي»، قالوا إنهم، منذ البداية، شكوا في قوى بيمنتيل العقلية. وأعربوا عن شكوكهم حول قدرته للقيام «بأي هجوم، فضلا عن أن يكون هجوما يشمل مواقع كثيرة في نيويورك». وقالوا إن بيمنتيل كان تحت تأثير المخدرات، وإن العميل المسلم الذي جندته شرطة نيويورك لمتابعة الرجل كان هو نفسه جزءا من المخطط.

وقال المسؤولون إن الموضوع يعكس حالة إحباط من قبل «إف بي آي» نحو نشاطات شرطة نيويورك في محاربة الإرهاب. وقال واحد من هؤلاء المسؤولين: «ظلت هناك دائما توترات لأن (إف بي آي) يعمل فيها بشر، ولم يقبلوا بأن الحل هو استقطاع قطعة من الوكالة، ونقلها إلى مدينة نيويورك لإجراء تحقيقات مستقلة عن الإرهاب والإرهابيين».

وأضاف المسؤول: «قسم الاستخبارات الإرهابية في شرطة نيويورك صار إمبراطورية في حد ذاتها. طبعا، لا تقدر اليد الواحدة على أن تعرف بالضرورة ما تقوم به اليد الأخرى. إنهم، في نيويورك، يحاولون أن يحصلوا على كل شيء. هذا هو الخطأ الأساسي».

في الجانب الآخر، قال براون، نائب مدير شرطة نيويورك، إن هذه الانتقادات ليست صائبة. وقال إنهم واثقون من أن القضية ضد بيمنتيل قوية، وإن الشرطة استخدمت أربعة من المخبرين السريين، وعددا من ضباط الشرطة السرية النيويوركية لأكثر من 30 شهرا في متابعة بيمنتيل، وإن هناك عشرات الشهود «سمعوا وشاهدوا المتهم وهو يخطط لصناعة قنابل لقتل أميركيين».

وأضاف براون: «هذه الانتقادات تحاول تقويض النجاح الذي حققناه. كيف لم يكن نجاحا ونحن اعتقلنا شخصا صنع قنبلة، وقال إنه يريد تفجير مواقع في مدينة نيويورك؟ إدارة شرطة نيويورك عازمة على وقف مثل هذه الأعمال الإرهابية، بغض النظر عن كيف سيحاكم هذا المتهم، ومن سيقدم الأدلة أمام المحكمة».