الجامعة العربية تقر عقوبات «فورية» على سوريا.. وتدعو النظام للموافقة على مبادرتها أو «التدويل»

بموافقة 19 دولة وتحفظ العراق ونأي لبنان بنفسه.. واجتماع في الدوحة السبت المقبل.. وتركيا تنفذ القرارات

جانب من مظاهرة في دمشق - القدم أمس تدعو الجامعة العربية إلى دعم المناوئين لنظام الرئيس السوري بشار الأسد
TT

قرر مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية أمس فرض عقوبات «فورية» على سوريا تتضمن منع كبار المسؤولين السوريين من السفر للدول العربية، وتجميد أرصدة الحكومة السورية، ووقف التبادلات التجارية معها، وتجميد إقامة المشروعات العربية في سوريا، للضغط عليها من أجل الموافقة على وقف العنف والتوقيع على بروتوكول لجنة المراقبين العرب.

كما قرر وزراء الخارجية العرب تشكيل لجنة فنية تنفيذية من كبار المسؤولين والخبراء برئاسة دولة قطر وعضوية خمس دول بينها السعودية ومصر، تكون مهمتها النظر في الاستثناءات المتعلقة بالأمور الإنسانية التي تؤثر بشكل مباشر على حياة الشعب السوري.

وكان من المتوقع الأخذ ببعض التوصيات التي تتعرض لفرض العقوبات على سوريا، ولكن وزراء الخارجية العرب أضافوا تفاصيل تتعلق بالتعامل مع الملف السوري طوال الأسبوع المقبل، وتمت إضافة نقاط جديدة منها فقرتان تتعلقان بتشكيل لجنة فنية من كبار المسؤولين والخبراء برئاسة دولة قطر وعضوية كل من الأردن والجزائر والسعودية والسودان وسلطنة عمان ومصر والمغرب والأمانة العامة للجامعة العربية، التي ستكون مهمتها النظر في الاستثناءات المتعلقة بالأمور الإنسانية التي تؤثر بشكل مباشر على حياة الشعب السوري وكذلك المتعلقة بالدول العربية المجاورة لسوريا.

كما تقوم اللجنة الفنية أيضا بوضع قائمة بالسلع الاستراتيجية وفقا لمعايير محددة وتحديد قائمة أسماء كبار الشخصيات والمسؤولين المشار إليهم.

ووافق وزراء الخارجية العرب على التوصيات كافة التي رفعها إليهم وزراء الاقتصاد والمال بشأن العقوبات على سوريا بأغلبية كبيرة أكثر من الثلثين، حيث وافقت 19 دولة مقابل تحفظ العراق ونأي لبنان بنفسه، فيما دعا كل من الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي والشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري ورئيس اللجنة، النظام السوري للتجاوب مع الحل العربي والتوقيع على بروتوكول بعثة الجامعة بدلا من التدويل.

وأكد الشيخ حمد أن اللجنة السباعية ستكون مهمتها النظر في الاستثناءات المتعلقة بالأمور الإنسانية التي تخص الشعب السوري، التي قد تتعرض لأي تبعات بسبب فرض العقوبات بشكل مباشر أو غير مباشر، بينما أوضح العربي أن الهدف من إصدار قرار العقوبات على دمشق هو الضغط على الحكومة السورية لحقن الدماء.

وأوضح الشيخ حمد أن كل الدول العربية وافقت على قرار فرض العقوبات باستثناء دولتين هما العراق الذي تحفظ على القرار، ولبنان الذي نأى بنفسه. وأفاد أن يوم السبت المقبل سوف يشهد اجتماعا للجنة الوزارية في الدوحة للنظر في ما تتخذه اللجنة الفنية، مشيرا إلى أن تركيا سوف تنفذ القرارات نفسها.

وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» عما إذا كان الاجتماع قد أعطى مهلة جديدة للنظام السوري للتوقيع على بروتوكول بعثة الجامعة قبل فرض العقوبات، قال الشيخ حمد إن العقوبات سوف تنفذ من اليوم (أمس) وإذا تم توقيع سوريا سوف يعرض ذلك على اجتماع وزاري للنظر في الأمر.

وردا على سؤال حول اتباع سياسة الدبلوماسية الهادئة، قال الشيخ حمد: «المهم أن تستوعب الحكومة السورية وتحل الموضوع بشكل عاجل وأن تقوم بإطلاق سراح المعتقلين وتسحب كل المظاهر المسلحة». وأضاف أن المهم «الضمير، وضمير كل مسؤول، وعدم اتباع سياسة القتل لأي مواطن، لأن العالم كله لن يسكت أمام قتل الأبرياء»، مشيرا إلى أنه يجب أن «نغلب لغة العقل».

وردا على سؤال حول اتهام وزير الخارجية السوري وليد المعلم الجامعة العربية بتدويل الأزمة، قال بن جاسم: «كل ما قمنا به هو لتفادي حل أجنبي»، مضيفا: «إذا لم نتصرف بجدية، فأنا لا أستطيع أن أضمن أنه لن يكون هناك تدخل أجنبي»، وتابع: «نأمل أن يكون هناك وقف للقتل حتى لا يستمر تنفيذ هذا القرار»، معتبرا رغم ذلك أن «البوادر ليست إيجابية». وأكد أن «ما يهمنا هو أن تستوعب الحكومة السورية أن هناك موقفا عربيا يريد أن يحل الموضوع بشكل عاجل، خاصة وقف القتل وإطلاق سراح المعتقلين وسحب المدرعات». كما أكد أن العقوبات ستنفذ على الفور بدءا من أمس.

من جانبه، قال العربي: «أنا أشارك الشيخ حمد في توجيه نداء إلى الحكومة السورية للتوقيع»، وأضاف أننا نحرص على الحل العربي درءا للتدخل الخارجي، وأكد: «لقد حرصنا على اتخاذ تدابير تراعي مصالح الشعب السوري مثل المحاور الإنسانية والتعليم والصحة والغاز والكهرباء».

وعلق العربي قائلا: «لقد استمر الاتصال مع الخارجية السورية وأبلغوني بالموافقة على التوقيع وإيفاد نائب وزير الخارجية، ولكنه لم يصل». وأضاف: «يجب أن تلتزم سوريا بوقف العنف والقتل وحقن الدماء وإطلاق سراح المعتقلين»، وشدد قائلا إن «الهم الأكبر هو كيفية تجنيب الشعب السوري أية عقوبات تمسه».

وكانت دول جوار سوريا انضمت أمس إلى اجتماع اللجنة الوزارية العربية المعنية بسوريا برئاسة الشيخ حمد، للاستماع إلى تحفظات هذه الدول على بنود العقوبات. والدول هي الأردن ولبنان والعراق. وقالت مصادر قريبة من الاجتماع إن وزير الخارجية الأردني ناصر جودة أشار إلى أن معظم واردات الأردن من السلع تأتي من سوريا، وكذلك العراق الذي لديه مئات آلاف اللاجئين داخل سوريا ولهم تعاملات عبر البنوك من وإلى سوريا.

وقالت مصادر مطلعة إن الاجتماع الشامل لوزراء الخارجية العرب الذي كان مقررا له أن ينعقد بعد اللجنة الوزارية مباشرة في الساعة الواحدة ظهرا بتوقيت القاهرة، قد تأخر، نظرا لبحث عدة نقاط خلافية بشأن تضرر دول جوار سوريا، وإن الاجتماع التأم بعد ذلك للتصديق على فرض العقوبات ووضع آلية التنفيذ التي سوف تتم عبر الهيئة العربية للطيران المدني وصندوق النقد العربي.

يذكر أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي لجامعة الدول العربية قد أوصى في اجتماعه على مستوى وزراء المال والاقتصاد مجلس وزراء الخارجية العرب بفرض سلسلة من العقوبات الاقتصادية على الحكومة السورية تتضمن وقف سفر الشخصيات والمسؤولين السوريين إلى الدول العربية وعقوبات مالية واقتصادية؛ منها وقف التعامل مع البنك المركزي السوري، ووقف التبادلات التجارية الحكومية مع الحكومة السورية، وتجميد الأرصدة المالية للحكومة السورية، ووقف التعاملات المالية معها.

وبدأت اجتماعات الوزراء العرب بفندق «فيرمونت» المجاور لمطار القاهرة، بعيدا عن مقر الجامعة العربية، بسبب استمرار مظاهرات المصريين ضد السلطات في بلدهم في ميدان التحرير القريب من مبنى الجامعة. وقالت مصادر قريبة من الاجتماع إن خلافات نشبت بين أعضاء اللجنة بشأن العقوبات الاقتصادية والتجارية والمالية بحق سوريا، وقبيل انتهاء الاجتماع صرح مصدر عربي مسؤول لـ«وكالة أنباء الشرق الأوسط» أن دولتين على الأقل من بين الدول الأعضاء في اللجنة حذرتا من التعجل في إقرار هذه العقوبات، نظرا لأن تأثيرها السلبي سيكون كارثيا على الشعب قبل النظام في سوريا. وأوضح المصدر أن الدول المؤيدة للعقوبات التي تقودها دولة قطر ترى ضرورة تطبيقها ولو تدريجيا مع البحث عن وسائل وآليات تخفف من وقعها على الشعب السوري.