صراع مبكر على دور البرلمان في طريقة تشكيل الحكومة المصرية المقبلة

«العسكري»: نحتفظ بحق تشكيلها.. الإخوان: الأغلبية تؤلفها أو تعطل أعمالها

المرشحة بهية محمد أول منتقبة في الانتخابات المصرية (أ.ب)
TT

بدأت معركة مبكرة بشأن طريقة تشكيل الحكومة المصرية عقب إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية التي يقترع فيها المصريون اليوم (الاثنين)، بينما لم يفرغ المجلس العسكري الحاكم في البلاد من أزمة تشكيل حكومة إنقاذ وطني، بعد قبوله استقالة حكومة الدكتور عصام شرف قبل أيام. وجدد عضو بالمجلس العسكري تصريحات بشأن طريقة تشكيل الحكومة، مؤكدا أنه لا دور للبرلمان المقبل في اختيارها.

وأثار تعليق عضو المجلس العسكري غضب قوى سياسية تطالب بأن يتم تمكين الأغلبية البرلمانية من تشكيل الحكومة، وردت أمس بقولها: «إن المجلس العسكري يجب أن يوكل للحزب الذي حصل على أكبر نسبة من الأصوات (في الانتخابات البرلمانية) مهمة تشكيل الحكومة المقبلة وإلا سيعطل البرلمان قرارات هذه الحكومة».

وقال اللواء ممدوح شاهين، مساعد وزير الدفاع للشؤون القانونية والدستورية، عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة، في حوار تلفزيوني: إنه لا يحق لمجلس الشعب المقبل سحب الثقة من الحكومة الحالية، أو إقالتها، أو اختيار أعضاء الحكومة المقبلة، وذلك طبقا للإعلان الدستوري الذي ينص على أن تشكيل الحكومة من سلطات رئيس الجمهورية؛ لأن النظام المصري رئاسي برلماني، دستوريا وقانونيا، وليس برلمانيا.

وينص الإعلان الدستوري، الذي صدر نهاية مارس (آذار) الماضي، في مادته السادسة والخمسين على السلطات الموكلة للمجلس العسكري الذي يقوم مقام رئيس الجمهورية، منذ تخلي الرئيس المصري السابق حسني مبارك عن السلطة في البلاد، ومن بين هذه السلطات: «تعيين رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم وإعفاؤهم من مناصبهم».

كانت الحكومات في عهد الرئيس السابق حسني مبارك تشكَّل بقرار رئاسي؛ حيث اعتاد مبارك تسمية رئيس مجلس الوزراء الذي يختار الوزراء الذين يعملون معه بعيدا عن البرلمان. وكانت حدود سلطة البرلمان على الحكومة تنحصر في الموافقة أو الرفض لبرنامج عملها الذي تقدمه للبرلمان، كما كان يحق للبرلمان سحب الثقة من وزير أو الوزارة كاملة، بناء على استجواب برلماني، لكن بإجراءات معقدة تجعل للسلطة التنفيذية، التي يرأسها رئيس الدولة، الكلمة العليا، إلا أن الإعلان الدستوري قلَّص سلطات البرلمان بالنسبة للحكومة في الرقابة على أعمالها فقط.

ولوَّح قيادي في جماعة الإخوان المسلمين، أمس، تعليقا على تصريحات شاهين، بتعطيل أعمال الحكومة داخل البرلمان إذا لم يتم تكليف حزب الأغلبية بتشكيلها. وقال إن جماعة الإخوان تفضل النظام البرلماني وليس النظام الرئاسي الذي ظل معمولا به في البلاد منذ هيمنة الجيش على الحكم عام 1952.

وتطمح جماعة الإخوان المسلمين، التي تخوض الانتخابات بأعضاء في حزبها (الحرية والعدالة)، ضمن تحالف يضم قوى ليبرالية ويسارية، إلى الفوز بأغلبية مريحة في البرلمان المقبل.

ويتولى البرلمان المقبل بغرفتيه (مجلسي الشعب والشورى)، اختيار الجمعية التأسيسية، لكتابة دستور البلاد الجديد، وهو ما يعطي فرصة أكبر للأغلبية البرلمانية في تحديد النظام السياسي الجديد للبلاد (رئاسي أو برلماني).

ومن المقرر أن يكمل البرلمان المزمع انتخابه دورته البرلمانية المحددة بـ5 سنوات، بعد استفتاء المصريين على الدستور الجديد.

من جانبه، قال الدكتور عصام العريان، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة: «إنه وفق القواعد الدستورية في العالم كله لا تستطيع أي حكومة العمل دون أن تحظى بثقة البرلمان، ودون أن يملك البرلمان صلاحيات حقيقية.. نسعى لتشكيل الحكومة بطبيعة الحال، وستكون حكومة وحدة وطنية عمادها الرئيسي من تحالفنا السياسي».

ويرى مراقبون أن الأحزاب الليبرالية واليسارية، سواء التقليدية أو الجديدة، ربما تفضل أن يتولى المجلس العسكري تشكيل الحكومة، خشية سيطرة الإسلاميين على البرلمان المقبل، حتى انتخاب رئيس جديد للبلاد منتصف العام المقبل.

وتتجنب الأحزاب والقوى الرئيسية، ذات التوجهات الداعمة للدولة المدنية، أي حديث عن النظام السياسي للبلاد في انتظار نتائج الانتخابات التي من المقرر إعلانها منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل. وطوال العقود الثلاثة الأخيرة شكلت تيارات يسارية وإسلامية القوى الرئيسية المناوئة لحكم مبارك.

وتعزز نتائج الانتخابات في المنطقة توقعات وصول الإسلاميين للحكم في مصر؛ حيث هيمن حزبان إسلاميان على الانتخابات المغربية والتونسية.