«العدالة والتنمية» يشكل الحكومة المقبلة متحالفا مع «الكتلة الديمقراطية» محتفظا بنصف حقائبها

باحث مغربي: النتائج أفرزت قطبين.. محافظ بمرجعية إسلامية ويساري حداثي

TT

بات الطريق مفتوحا أمام حزب «العدالة والتنمية» لتولي رئاسة الحكومة المغربية الجديدة بعد أن حصل الحزب، وبفارق كبير، على المرتبة الأولى. وينص الدستور المغربي على أن الملك يعين رئيس الحكومة من الحزب الذي يحصل على المرتبة الأولى في الانتخابات، لكن الدستور لا ينص أن يتولى رئاسة الحكومة رئيس الحزب، بل يمكن لأي عضو في الحزب أن يكلف بتشكيل الحكومة.

بيد أن مصادر قيادية في حزب العدالة والتنمية رجحت أمس أن يختار الملك محمد السادس، عبد الإله بن كيران الأمين العام للحزب لرئاسة الحكومة المقبلة، وقالت هذه المصادر إن ذلك يتسق مع ما دأب عليه العاهل المغربي، الذي سبق له أن أبقى عبد الرحمن اليوسفي الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي، في منصب رئيس الحكومة، في حين عين العاهل المغربي عام 2007 عباس الفاسي الأمين العام لحزب الاستقلال في منصب رئيس الحكومة. وترى المصادر إن تعيين بن كيران رئيسا للحكومة يدخل في هذا السياق.

وعلى مستوى التحالفات، قالت مصادر «العدالة والتنمية» إن الحزب سيتحالف مع أحزاب «الكتلة الديمقراطية» وهي حزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي وحزب التقدم والاشتراكية، وطبقا لنتائج الانتخابات، فإن الأحزاب الأربعة قادرة أن توفر الأغلبية المطلوبة للحكومة في مجلس النواب. وقال مصدر قيادي في حزب العدالة والتنمية لـ«الشرق الأوسط» حول تركيبة الحكومة المقبلة: «المؤكد أنه ستتم مراعاة عدد المقاعد التي حصل عليها كل حزب في تشكيل الحكومة، وهو ما يعني أن حزب العدالة والتنمية سيحصل على نصف الحقائب الوزارية، في حين سيحصل حزب الاستقلال على ربع الحقائب، وحزبا الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية معا على ربع الحقائب»، لكن المصدر استدرك قائلا: «هذا مجرد اجتهاد، لأن الأمر سيتوقف على مشاورات رئيس الحومة المقبل».

وفي سياق متصل، علق محمد الطوزي، رئيس «المركز المغربي للأبحاث الاجتماعية» على نتائج الانتخابات، قائلا: «كنا نترقب اكتساح (العدالة والتنمية)، ولكن ليس بهذه الدرجة، وبهذا الفارق الشاسع في الأصوات والمقاعد»، وأضاف الطوزي يقول لـ«الشرق الأوسط» إن انتخابات الجمعة الماضي جرت في شفافية وفي ظروف جيدة، لكنه يرى أن نسبة المشاركة كانت ضعيفة. وقال الطوزي: «نسبة 45 في المائة تبقى ضعيفة نسبيا بالنظر إلى نوعية المحطة الانتخابية، التي تأتي بعد اعتماد دستور جديد وتعاقد مجتمعي جديد. وهي أيضا ضعيفة مقارنة بنسبة المشاركة في الاستفتاء على الدستور».

وعزا الطوزي ضعف المشاركة، من جهة، إلى ضعف العرض السياسي للأحزاب المغربية، الذي لم يكن في نظره في مستوى التطلعات، ومن جهة ثانية، إلى تأثير الدعوات إلى مقاطعة الانتخابات. وقال الطوزي إن نتائج الانتخابات الحالية تشكل فرصة لإعادة تشكيل المجال السياسي في المغرب حول قطبين كبيرين؛ الأول قطب محافظ يعتمد مرجعية إسلامية، ويتمحور حول حزب الاستقلال وحزب العدالة والتنمية، وهما الحزبان الأولان في الانتخابات الحالية واللذان يرتقب أن يشكلا النواة الصلبة للحكومة المقبلة. والثاني قطب يساري حداثي يدور حول حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وتلتف حوله فصائل اليسار، الذي يمكنه أن يستعد للمراحل المقبلة من موقع المعارضة، خاصة أن الدستور الجديد منح المعارضة البرلمانية صلاحيات كبيرة.

وأضاف الطوزي قائلا: «هناك ضرورة لتوضيح الصورة والوضوح في الاختيارات، خاصة أن الحكومة المقبلة سيكون عليها إعداد نحو 20 قانونا تنظيميا، تتعلق بهيكلة وسير المؤسسات التي أنشئت بموجب الدستور، كمجلس الأمن القومي والمجلس الدستوري، بالإضافة إلى تنظيم عمل الحكومة والعلاقات بين مجلس الحكومة ومجلس الوزراء، وسير البرلمان، وغيرها من المجالات الأساسية التي تتطلب تصورات وخيارات قوية وليس مجرد توافقات».