ملف المحكمة يهدد وحدة الحكومة اللبنانية.. وميقاتي يدعو الوزراء إلى تحمل مسؤولياتهم

وزير في «8 آذار» لـ«الشرق الأوسط»: إذا تفاهمنا على التمويل يقر.. وإلا يحال إلى التصويت وينتهي الأمر

TT

جدد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي من روما أمس تأكيده على أن «لبنان جزء من المجتمع الدولي ويلتزم بالقرارات الدولية، ولا يمكنه أن يكون انتقائيا في تطبيقها»، مؤكدا أننا «متمسكون بالعدالة، ولا يمكننا أن نتجاهل ما وقع من جرائم واغتيالات في لبنان».

وأوضح ميقاتي، عشية لقائه بابا روما اليوم، أن «العدالة هي وسيلة أساسية لمعرفة الحقيقة ووقف الجرائم»، آملا أن «يتحمل كل وزير مسؤوليته في مجلس الوزراء الأسبوع المقبل».

ومن المقرر أن يبحث مجلس الوزراء اللبناني، في جلسة يعقدها بعد غد (الأربعاء) بند تمويل المحكمة الدولية، بعد وضعه على جدول أعمال الجلسة، مما أثار حفيظة الوزراء المحسوبين على النائب ميشال عون، الذين حملوا بشدة على ربط ميقاتي بين استمراره في منصبه وتمويل المحكمة الدولية. وكان النائب عون، وفي كلمة له أمس، قال «إننا نعيش هذه الأيام واقعا تعيسا يتطلب تضامن الجهود من أجل تغييره، لأننا أصبحنا خاضعين لمزاج بعض الحاكمين». وأبدى أسفه لأنه «ليس هناك رجال تقف على أرجلها بل (رجال) تركع وتزحف ولا يستحقون لقب الرجال»، منتقدا المحكمة الدولية التي «يتاجرون بها». وقال: «لا يمكن لأحد أن يجعلنا ندفع قرشا لأن المحكمة أقرت في مجلس الأمن ولا يوجد اتفاقية تلزمنا بدفع المال».

وفي سياق متصل، أعربت مصادر وزارية في فريق «8 آذار» لـ«الشرق الأوسط»، عن قناعتها بأن «وزراء عون يعبرون عن حرصهم على تفعيل العمل الحكومي، ونحن نؤيدهم في ذلك لأننا لا يمكن أن نقبل بحكومة لا تنجز بما فيه الكفاية لصالح المواطن اللبناني، إن كان على مستوى الملف الاجتماعي أو الكهرباء وسواهما.. ». واستغربت «ربط الرئيس ميقاتي مصير حكومته بموضوع تمويل المحكمة الدولية، لأن مهام الحكومة تتخطى هذا الجانب»، متسائلة: «لماذا يتعاطى مع الحكومة وكأنه لا مهام لها إلا تمويل المحكمة؟!».

وأشارت المصادر عينها إلى أنه «كان يمكن لميقاتي أن يذهب باتجاه مغاير لذاك الذي ذهب إليه، فيؤكد قناعته بتمويل المحكمة الدولية ويترك القرار وفق الأصول الدستورية، أي للحكومة اللبنانية التي تمثل مجتمعة السلطة الإجرائية في لبنان»، مذكرة بأن «أكثر من حكومة سابقة كان لرئيسها وجهة نظر من ملف ما وفي النهاية تبنت الحكومة رأيا آخر، على غرار ما حصل في عام 2000 حين كان لرئيس الحكومة السابق سليم الحص تصوره الخاص لقانون الانتخاب، لكن وزير الداخلية كان له تصور آخر تم إقراره، فاكتفى الرئيس الحص بتسجيل تحفظه».

ودعت هذه المصادر ميقاتي إلى أن «يطرح وجهة نظره على النقاش على طاولة مجلس الوزراء، وليس عبر الإعلام، فإذا تفاهمنا نقر التمويل، وإلا يحال الملف إلى التصويت وينتهي الأمر».

في موازاة ذلك، أكد الوزير محمد الصفدي أنه «كوزير للمالية ملتزم بما تقرره الدولة اللبنانية في ما يخص تمويل المحكمة»، لافتا إلى أن «هذه الحكومة هي ائتلافية بين مستقلين وفريق (8 آذار)، والبعض من هؤلاء يعتبر أن لبنان ملتزم بقرارات يجب أن يفي بها، في مقابل آخرين يرفضون هذه الالتزامات مما قد يتسبب في عدم استمرار الحكومة، نظرا لتباين وجهات النظر»، آملا بـ«استمرارها ولكن شرط التزامها بكل التزامات الحكومات السابقة».

وشدد على أنه «لا تهديدات من المجتمع الدولي على الحكومة اللبنانية، لكن الانقسام إذا توسع فسيطير الحكومة». واعتبر أن «الدولة اللبنانية سلطة وشعبا التزمت بالمحكمة الدولية، والحكومة وضمن شبكة الأمان الاجتماعي تستطيع أن تقوم بواجباتها تجاه المحكمة وتجاه قضايا الناس المعيشية».

من جهة أخرى، انتقد زياد أسود، النائب في كتلة عون، الرئيس ميقاتي، بأنه «خرج منذ اليوم الأول عن مجلس الوزراء والتزم بالمحكمة الدولية من خارج مجلس الوزراء، رغم علمه أن الموضوع لا يخدم السلم الأهلي»، واصفا إعلان نيته بالاستقالة بأنه «مريب، فهو يعرف أن مجلس الوزراء يجب أن يكون مجتمعا في أي قرار، خصوصا في مثل هذا الملف لا اللبناني فحسب بل الإقليمي والدولي».

وقال أسود: «لا ننكر أن قرارنا باعتكاف وزرائنا له علاقة بملف المحكمة، لأن ميقاتي لم يراع مجلس الوزراء ولا رئاسة الجمهورية ولا مجلس النواب ولا حقنا في معرفة كيف تجري الأمور وأن تكون وفق الدستور، وعلى الأمم المتحدة بدورها أن تراعي القوانين اللبنانية ولا تقفز فوقها، لكن هناك أيضا أسباب أخرى، إذ لا يمكن لميقاتي القول إنه يعرف الوضع القائم في الإدارة ومؤسسات الدولة ثم يقول إنه مستمر فيه، فهذا يعني أنه امتداد لسياسة لا تخدم توجهات الحكومة المفترض أنها جديدة وتخالف السابقة».