معتصمو التحرير منقسمون في أول أيام الانتخابات

بعضهم قام بالتصويت وآخرون اعتبروه خيانة لدم الشهداء

TT

لليوم العاشر على التوالي يواصل محمد إسلام، أحد طلاب جامعة القاهرة، بوسط ميدان التحرير اعتصامه اعتراضا على تأخر المجلس العسكري الحاكم في تلبية مطالب الثورة، مؤكدا رفضه أسلوب إدارة المجلس للمرحلة الانتقالية وتأييده انتخاب حكومة إنقاذ وطني من الميدان.

ويقف إسلام، 20 عاما، ناظرا إلى المتحف المصري الذي خلا من رواده أمس ويقول: «الانتخابات شيء مهم، بس أنا مش هقدر أروح أنتخب ودم أخويا اللي مات على أيدي في (محمد محمود) لسه ما بردش ولا أخذت بتاره»، قرار إسلام عدم المشاركة في الانتخابات التي بدأت أولى مراحلها أمس كان حوله انقسام حاد بين المعتصمين الموجودين بميدان التحرير الذين قل عددهم بشكل ملحوظ أمس حتى وصل لبضع مئات، وتغير منظر الميدان كثيرا بعد أن خلا تقريبا من معتصميه ولم يتبق فيه إلا المجموعات التي رفضت المشاركة في الانتخابات وقررت الاستمرار في الاعتصام وحماية الميدان أثناء توجه مجموعات أخرى للتصويت بلجانهم الانتخابية.

وقال أحمد برماوي، أحد الذين قرروا أن لا يصوتوا في الانتخابات: «أنا حزين ومضطر في آن واحد، قررت بلا أدنى تردد أن لا أشارك في العبث المسمى الانتخابات، ولكني سأحرص على فضح مخالفاتها وسأقف هنا كي أحمي الميدان».

المشهد في ميدان التحرير لم يقتصر فقط على ذلك، فزادت فيه أعداد الباعة الجائلين بشكل ملحوظ ربما لقلة أعداد المعتصمين، لكنه كان أمس ملاذا لكثير من الصحافيين الأجانب الذين جاءوا لتغطية الانتخابات المصرية وحرصوا على الذهاب إلى دائرة قصر النيل القريبة من الميدان وبعدها قام كثير منهم بزيارة الميدان والتحدث مع المعتصمين، وبينما لا تزال معظم المحال التجارية ومكاتب شركات السياحة الموجودة بالميدان مغلقة ولم يفتح منها إلا قليل على استحياء، تراص ناخبون مصريون أمس أمام مدرسة قصر الدوبارة التجريبية بشارع قصر العيني، في مواجهة مع معتصمين أمام مجلس الوزراء المصري تعبيرا عن رفض تولي الدكتور كمال الجنزوري منصب رئيس وزراء حكومة الإنقاذ، مطالبين بتكليف البرادعي بهذه الحكومة.

وبخلاف المعتصمين الذين قروا عدم المشاركة في الانتخابات، قرر أحمد سمير، أحد المعتصمين أمام مجلس الوزراء، أن يذهب للتصويت في الانتخابات ولكن ليبطل صوته، وقال سمير (24) عاما: «أنا صوت وكتبت لهم على ورقة الاقتراع لا أعرف أحدا.. دماء الشهداء أذكي من مكاسب الانتخابات». سمير الذي يعلم تماما أن أي كتابة على ورقة الاقتراع تبطل الصوت قال: «فعلت هذا بإرادتي لأني أريد أن أشارك في الحياة الديمقراطية، ولكن يجب أن لا يكون ذلك على جثث الشهداء».

ربما لا يقتنع كثيرون برأي سمير، خاصة دينا محمد التي كانت تقف منذ الساعة الثامنة أمام اللجنة الانتخابية من أجل أن تصوت لمن تريد وقالت: «أنا جئت لكي أنتخب من يمثلني في مجلس الشعب وأحترم رأي غيري، ولكني لن أترك مستقبل وطني كي يتحكم فيه (آخرون) لمجرد رفض التصويت».

وعلى الرغم من أن مخاوف دينا هي ذاتها المخاوف التي يعاني منها معتصمو التحرير خاصة هاجس سيطرة التيار الإسلامي بجناحيه (الإخوان والسلفيون) على هذه الانتخابات البرلمانية، فإن رد فعل كل منهما اختلف، فبينما أصرت دينا على الإدلاء بصوتها لأي فصيل آخر كتصويت احتجاجي في الانتخابات لتفويت الفرصة على هذه التيارات في كسب مقاعد البرلمان، انقسم شباب التحرير بين رافض ومؤيد ومعطل للتصويت، وبين هذين النقيضين تنتظر مصر ما ستسفر عنه هذه الانتخابات التي ستعتبر استحقاقا مفصليا في مصير الثورة المصرية.