العاهل الأردني يبحث مع الرئيس الإسرائيلي سبل إحياء مفاوضات السلام

نتنياهو ينوي الإفراج عن أموال السلطة.. وفياض يتهمه بالعمل على تقويضها

العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني يستقبل الرئيس الاسرائيلي في عمان امس (رويترز)
TT

أجرى العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، في عمان، أمس، مباحثات مع الرئيس الإسرائيلي، شيمعون بيريس، تناولت سبل تجاوز العقبات التي تعترض إحياء مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وذكر بيان للديوان الملكي الأردني أن الملك عبد الله الثاني «بحث والرئيس الإسرائيلي، الذي غادر عمان بعد زيارة قصيرة، سبل تجاوز العقبات التي تعترض إحياء مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين على أساس حل الدولتين، وفي إطار قرارات الشرعية الدولية والمرجعيات المتفق عليها، خاصة مبادرة السلام العربية، بما يعيد الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني».

وأوضح البيان أن اجتماع الملك عبد الله الثاني مع بيريس يأتي متابعة لزيارة العاهل الأردني لرام الله، الأسبوع الماضي، وفي إطار الجهد الذي يقوده الملك عبد الله الثاني لمساندة الشعب الفلسطيني والتخفيف من المعاناة التي يواجهها.

وأضاف أن العاهل الأردني شدد، خلال اللقاء، على ضرورة وقف إسرائيل للإجراءات أحادية الجانب، خصوصا جميع أشكال الاستيطان، الذي يشكل عقبة حقيقية ورئيسية أمام مساعي تحقيق السلام، وعدم اتخاذ أي إجراءات لتغيير معالم القدس، أو المساس بالمقدسات الإسلامية والمسيحية في المدينة المقدسة.

كما أكد أن حل جميع قضايا الوضع النهائي، وفي مقدمتها اللاجئون والحدود والقدس، وصولا إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على أساس خطوط عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، التي تعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل، هي الأساس لإنهاء عقود طويلة من الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي.

وأشار إلى أن الرئيس الإسرائيلي استعرض، خلال اللقاء، الجهود التي يمكن أن تقوم بها إسرائيل في المرحلة المقبلة لبناء أجواء الثقة مع السلطة الوطنية الفلسطينية.

الأوساط الإسرائيلية وضعت الزيارة في إطار المخاوف الإسرائيلية من التطورات الجارية في المنطقة، وتفاعلات «الربيع العربي»، التي لن تكون إسرائيل بمنأى عن تأثيراته. وربطت ذلك بتصريحات رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، الذي أعلن أمام لجنة الخارجية والأمن في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، ظهر أمس، أن التغيرات في العالم العربي تحمل أخطارا كبيرة على إسرائيل، مدعيا أنه يدير «سياسة مسؤولة تهدف إلى تخفيض حجم الأخطار».

وكشف نتنياهو عن أنه قرر تحرير الدفعة الأخيرة من أموال الضرائب التي تجبيها إسرائيل لصالح السلطة الفلسطينية، ووقف هدم جسر باب المغاربة في القدس القديمة، الذي يؤدي إلى المسجد الأقصى المبارك. واعتبرت أوساط إسرائيلية هذه الإجراءات رسالة للفلسطينيين والأردنيين، بأن إسرائيل ساعية إلى تهدئة الأوضاع، ويهمها استمرار العلاقات مع الأردن والحفاظ على اتفاقية السلام مع عمان، خصوصا أن هذه التصريحات جاءت عشية زيارة الرئيس الإسرائيلي لعمان.

بعد عودته، كشفت مصادر إسرائيلية، أن بيريس طرح خلال لقائه بالعاهل الأردني، فكرة عقد لقاء ثلاثي، يضم كلا من نتنياهو والملك عبد الله الثاني ومحمود عباس، يكون مدخلا لاستئناف المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية. ولم تستبعد مصادر، أن يكون هذا العرض محور المحادثات التي يجريها العاهل الأردني في برلين، التي انتقل إليها بعد مغادرة الرئيس الإسرائيلي عمان، في زيارة تستمر يومين، يلتقي خلالها المستشارة الألمانية وعددا من كبار المسؤولين الألمان، بينهم وزير الخارجية غيدو فسترفيلي، لبحث «التطورات الراهنة التي تشهدها الساحة العربية، وجهود تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين على أساس حل الدولتين». حسب بيان للديوان الملكي.

ومن جهته حمل رئيس الوزراء الفلسطيني، سلام فياض، الحكومة الإسرائيلية مسؤولية العمل على تقويض السلطة الوطنية الفلسطينية، قائلا «إن الأزمة المالية التي تواجهها السلطة الوطنية الفلسطينية اليوم، والتي تعقدت وازدادت حدتها بشكل خطير، من جراء احتجاز حكومة إسرائيل لأموال العائدات الضريبية الفلسطينية، هي الأخطر والأكثر والأشد صعوبة منذ نشأة السلطة الوطنية، وهي تهدد وبشكل خطير، إمكانية السلطة الوطنية للاستمرار في التمكن من الوفاء بالتزاماتها، وبالتالي من تشغيل مرافقها المختلفة وتقديم الخدمات لمواطنيها».

وطالب فياض خلال توقيعه، والقنصل الفرنسي العام فريدريك ديسجانو، اتفاقية منحة بقيمة 10 ملايين يورو دعما لموازنة السلطة الوطنية، المجتمع الدولي بالتدخل، وقال «لا بد للمجتمع الدولي بكافة مكوناته من التساؤل بل وأن يُسأل، إذا كان هناك عجز في إلزام إسرائيل على الوفاء بالتزامات تحتمها اتفاقيات موقعة بين الجانبين بشأن واضح وصريح هو شأن تقني فني، ومالي اقتصادي، ووفقا لنصوص واضحة، وألا يعطي إسرائيل الحق إطلاقا في احتجاز هذه الأموال، فكيف يمكن أن يكون لنا توقع بأن تكون هناك إمكانية لإطلاق عملية سياسية جادة قادرة على إنهاء الاحتلال وتمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة؟».

جاء حديث فياض بعد ساعات من نشر أخبار في إسرائيل حول قرار نتنياهو الإفراج عن أموال السلطة التي تحتجزها إسرائيل منذ نحو شهرين.

وأعلنت مصادر سياسية إسرائيلية، أن الحكومة الإسرائيلية ستحول قريبا عائدات الضرائب للسلطة، بعد أن تم احتجازها بسبب توجه الفلسطينيين إلى الأمم المتحدة واليونيسكو. وذكر موقع صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أن نتنياهو سيعلن عن تحويل الأموال خلال جلسة لجنة الخارجية والأمن في الكنيست الإسرائيلي. وقال مصدر سياسي إن حكومة إسرائيل لا تريد انهيار السلطة وستقوم بتحويل الأموال.

وكان نتنياهو تعرض لضغوط شديدة من زعماء العالم، من أجل تحويل الأموال، محذرين من إمكانية انهيار السلطة.

ومن فيينا، أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن أمله في إجراء الانتخابات الفلسطينية في 4 مايو (أيار) المقبل. وبينما كان شهر مايو قد حُدد كموعد مرتقب للانتخابات، كانت هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تحديد يوم لإجراء الانتخابات. وكرر عباس تعهده بأن تكون الحكومة المقبلة حكومة «تكنوقراط» لا تتعارض مع جهود إحياء عملية السلام.