مظاهرات «مليونية» دعما للنظام.. وقواته تقتل عددا من مناوئي الأسد

بعد هجومه على العرب.. الإعلام الرسمي يدعو إلى رفع شعار «سوريا أولا» بدلا من «سوريا قلب العروبة»

TT

خرجت وسائل الإعلام السورية عن خطها السياسي المعروف بتمسكه بالهوية العربية والانتماء العربي، بوصف سوريا «قلب العروبة» ودعت صحيفة «الوطن» الخاصة المقربة من النظام إلى رفع شعار «سوريا أولا» في سابقة هي الأولى من نوعها في الإعلام السوري، أما الإعلام الرسمي فخرج عن خطه المهني وطعّم لغته المتجهمة الخالية من الأوصاف، بتعابير أدبية وشتائم تنال من الأنظمة العربية التي وافقت على العقوبات، وشنت هجوما عنيفا على الجامعة العربية ودول الخليج العربي واتهمتها بتنفيذ أجندة أميركية - إسرائيلية في المنطقة.

وكالة الأنباء السورية (سانا)، المعروفة بأخبارها المبسترة، خالفت خطها التقليدي في صياغة الأخبار الرسمية، وكما استخدمت الأوصاف الأدبية لتفخيم الكلام عن المدن والمناطق السورية، استعانت بقاموس تصغير الجامعة العربية للتعبير عن الموقف السياسي حيال فرض العقوبات الاقتصادية. وفي استهلال تقرير لها يوم أمس عن «المسيرات الشعبية المؤيدة» التي تخرج في البلاد لرفض قرارات الجامعة العربية، بدأت التقرير بجملة فيها الكثير من التوبيخ والشتم، وكانت عنوانا للتقرير، وهي: «عندما تتكلم الشعوب على العالم أن يسمع والصغار أن يصمتوا» وقالت «سانا» إن تلك كانت رسالة واضحة بعثت بها الحشود المليونية التي ملأت ساحات الوطن في دمشق، ووصفتها بأنها «أم العواصم»، وحلب ووصفتها بـ«مدينة سيف الدولة»، أما الحسكة فوصفتها بـ«أرض الخير»، ودير الزور والرقة بأنهما «درتا الفرات»، والسويداء «عاصمة جبل العرب»، و«أرض الفينيقيين»، وقالت «سانا» إنه في كل تلك المناطق «ارتفع فيها صوت الشعب فوق كل الأصوات ليقول لا لقرارات الجامعة العربية التآمرية على سوريا»، و«نحن على العهد باقون حماة عرين هذا الوطن وترابه الطاهر ونحرسه برموش العيون وفلذات الأكباد والدماء التي تجري في العروق».

صحيفة «الثورة» التي غابت افتتاحيتها يوم أمس عنونت صفحتها الأولى بمانشيت يصف العقوبات العربية بالسابقة الخطيرة والمخالفة للميثاق: «في سابقة خطيرة تستهدف سوريا ودورها.. تحفظ عليها العراق ونأى لبنان بنفسه عنها.. الجامعة العربية تخالف ميثاقها.. وتعاقب الشعب السوري!» وكتب المحرر السياسي في الصحيفة أن «العقوبات الباطلة لن تثني سوريا عن مواقفها»، واعتبر أن «المفارقة الصارخة، التي تدعو للسخرية والاستهزاء في آن معا، أن ما كانت تستنكره الجامعة بحق هذه الدولة العربية أو تلك تفعله بنفسها اليوم، وتحمل سيف التهديد والوعيد بفرض المزيد من العقوبات على الشعب السوري»، وأكد المحرر السياسي في صحيفة «الثورة» أن سوريا «ستخرج» من دائرة الأزمة والعقوبات «مهما اتسعت مؤامراتهم ومخططاتهم».

صحيفة «تشرين» الرسمية أفردت في صفحتها الأولى لاستطلاع رأي «للشارع السوري»، ونقلت عن مواطنين سوريين قولهم: «إن العقوبات استهداف مباشر لهم، وهي وصمة عار في تاريخ الجامعة، ورضوخ لأوامر البيت الأبيض»، كما نقلت عن سياسيين واقتصاديين عرب قولهم إن العقوبات «عمل استعماري واستكمال لحروب أميركا وإسرائيل»، وهاجم المحرر السياسي في الصحيفة «أمراء النفط العرب الذين يحملون راية الهجوم على سوريا» وقال إنه لا يمكنهم إقناع أحد أنهم يقومون بذلك بناء على إرادتهم وقرارهم المستقل، لأن كل ما يفعلونه تجاه سوريا يؤكد أنهم «ينفذون مخططا أميركيا أعد منذ عام 2006».

وفي مقال آخر على الصفحة الأولى كتبت «تشرين» عتابا فيه الكثير من المرارة على الدول العربية التي قالت إنها لم يكن من المتوقع أن ترفع يدها بالموافقة على العقوبات، كالكويت التي أسهمت سوريا في «عملية تحريرها من الغزو العراقي»، وأنه لولا «مساعدة سوريا لتأخرت كثيرا عملية تحريرها»، وأيضا مصر التي خاضت معها سوريا حرب أكتوبر (تشرين الأول).

وفي غضون ذلك، تجمع عشرات الآلاف من المتظاهرين، أمس، في دمشق لإدانة العقوبات التي فرضتها الجامعة العربية على نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

وفي ساحة السبع بحرات في قلب العاصمة، رفع المتظاهرون أعلاما سورية عملاقة وصور الرئيس الأسد وهم ينشدون الأغاني الوطنية، ويرددون هتافات «الشعب يريد بشار الأسد»، و«نحنا رجالك يا بشار».

وبث التلفزيون السوري لقطات للتجمع ووصف الجامعة العربية بأنها «أداة لتنفيذ المخطط الغربي والأميركي ضد سوريا». وأضاف أن «هذه القرارات تستهدف كل فئات الشعب السوري»، في إشارة إلى العقوبات الاقتصادية التي أقرتها الجامعة العربية.

وأغلقت مدارس كثيرة اليوم ليتاح للتلاميذ والطلاب المشاركة في التجمع، كما دعي الموظفون إلى المشاركة فيه. وقال ناشطون إن السلطات أشرفت على تنظيم تلك المظاهرات.

إلى ذلك، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن 8 أشخاص قتلوا، أمس، برصاص قوات الأمن والجيش السوريين.

وقال المرصد إن شخصين قتلا في حي جب الجندلي وحي النازحين في مدينة حمص برصاص قوات الأمن. وفي مدينة تلكلخ القريبة من الحدود مع سوريا والواقعة في محافظة حمص قتل شخص «برصاص قناص» بحسب المرصد، بينما «قتل مواطن في قرية البويضة الشرقية وآخر في قرية الزراعة التابعتين لمدينة القصير في محافظة حمص إثر إطلاق النار عليه من قبل (الشبيحة)»، حسب ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية. وأوضح المرصد أيضا أنه «عثر على جثماني مواطنين اثنين في حي دير بعلبة وفي شارع الزير» في مدينة حمص.

وفي محافظة حماه، أعلن المرصد أن «مواطنا في الخامسة والثلاثين قتل في قرية الطاقة في ريف حماه بعد أن تعرض لإطلاق الرصاص إثر مغادرته منزله صباح الاثنين مع رفيق له»، موضحا أن «جثمانه سلم لاحقا إلى ذويه، في حين أن مصير رفيقه لا يزال مجهولا».

وفي ريف دمشق أعلن المرصد أن «مواطنين اثنين قتلا في بلدة رنكوس إثر قصف منزلهما بالرشاشات الثقيلة صباح أمس، الاثنين، خلال عمليات عسكرية وأمنية نفذتها القوات السورية في البلدة».

وفي محافظة دير الزور «نفذت قوات الأمن السورية حملة مداهمات واعتقالات في قريتي الخريطة وعياش أسفرت عن اعتقال 9 مواطنين»، بحسب المرصد.