مجلس «صلاح الدين» يبدأ تنفيذ تهديداته ضد الحكومة المركزية.. ويطرق باب طالباني

أحد أعضائه المعارضين لإقامة إقليم: لا نملك مقومات الفيدرالية الآن

TT

بدأ مجلس محافظة صلاح الدين تنفيذ الخطوة الأولى من سلسلة خطوات من الممكن أن يتخذها على طريق تفعيل قراره القاضي بتحويل المحافظة إلى إقليم فيدرالي «مستقل إداريا واقتصاديا» في إطار الدولة العراقية، وهي الخطوة التي أثارت ولا تزال جدلا واسعا في مختلف الأوساط السياسية والعشائرية داخل المحافظة وخارجها.

وطبقا لما أعلنه نائب رئيس المجلس سبهان ملا جياد، فإن وفدا من المحافظة توجه أمس إلى بغداد للقاء رئيس الجمهورية جلال طالباني من أجل بحث قضية الإقليم وحث الرئيس على التدخل من أجل حماية الدستور، على حد قوله. وأضاف في تصريحات صحافية أن «وفدا رفيع المستوى من محافظة صلاح الدين برئاسة رئيس المجلس عمار يوسف حمود إلى العاصمة بغداد للقاء الرئيس جلال طالباني وبحث مسألة إقامة إقليم في المحافظة والاستماع إلى وجهة نظره في الموضوع». وأكد جياد أن «أهالي صلاح الدين يرغبون بولادة طبيعية لإقليمهم وليس بطريقة قيصرية، وهم مصممون على المضي في طريق إقامة الإقليم ولهذا فهم يسلكون كل الطرق السلمية الممكنة ويعتمدون مبدأ الحوار مع الرافضين والمؤيدين». وأوضح أن «الوفد سيركز على اللقاءات المباشرة مع المسؤولين في بغداد والبرلمان لشرح أسباب طلبنا ومخاوفنا على الدستور، ولا سيما أن كتابا طلب إقامة إقليم المحافظة ما زال حبيسا في أروقة مجلس الوزراء ولم يرسل إلى مفوضية الانتخابات على الرغم من انتهاء المدة القانونية».

من جهته، اعتبر عضو مجلس محافظة صلاح الدين رضي محمد، وهو من الجهة المعارضة لإقامة الإقليم، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الدستور العراقي أقر الفيدرالية ولكنه أولا لم يضع سقوفا زمنية لقيامها، وإنما تركها للظروف، وثانيا الدستور ليس كتابا منزلا حتى نتمسك به بصرف النظر عن طبيعة الظروف المحيطة». وأضاف أن «الظروف المحيطة بنا الآن في محافظة صلاح الدين وعلى كل المستويات ليست ملائمة لإقامة الفيدرالية حتى في إطار البعد الاقتصادي»، مشيرا إلى أن «المحافظة لا تملك سوى مصفاة بيجي ونفطها يأتي من كركوك، وبالتالي فإن أي متغير على صعيد كركوك يعني غلق المصفاة، ثم إن الحديث عن السياحة الدينية في المحافظة من خلال مرقدي الإمامين العسكريين فإن الجميع يعرف أن هناك جهة اتحادية تشرف على المراقد ولا علاقة للمحافظة بها». واعتبر محمد أن «القرار الذي اتخذه عدد من أعضاء المجلس كان قرارا متسرعا وانفعاليا وبدون تخطيط لأننا نعتبر أن الأقاليم وفي حال تمت إقامتها هنا أو هناك، فإن أي تطور سلبي مع المركز يعني استقلالها من حيث القرار، وهو ما يعني الانفصال، وهو أمر خطر على وحدة بلد مثل العراق». ولفت محمد الانتباه إلى أنه «لا توجد الآن حتى مقومات إقامة سلطة الإقليم الإدارية من حيث الأبنية والدرجات الوظيفية والحمايات والمقرات وغيرها، وهي أمور كلها ستواجه الإخوة الداعين إلى إقامة الإقليم في الوقت الحالي».

وفي سياق متصل، يرى المراقبون السياسيون أن الهدف الأساسي من لقاء وفد مجلس صلاح الدين بالرئيس طالباني هو توفير المزيد من الضغوط على رئيس الوزراء نوري المالكي الذي يحرص على عدم إغضاب طالباني الذي جدد في الآونة الأخيرة وقوفه معه عندما أعلن أن لا بديل للمالكي في حال سحب الثقة من الحكومة، وأن بديل المالكي هو المالكي نفسه. كما أن وفد المجلس يهدف أيضا إلى إحراج طالباني بوصفه ينتمي إلى إقليم كردستان الذي يتمتع بالحكم الذاتي في إطار النظام الفيدرالي، وبالتالي فإنه يصعب على طالباني رفض طلب محافظة صلاح الدين باعتباره (طالباني) حامي الدستور كرئيس للجمهورية. وكان مجلس محافظة صلاح الدين قد هدد في حال انتهت المهلة التي يتوجب على رئيس الوزراء البت فيها بطلب إقامة الفيدرالية باللجوء إلى رئاسة الجمهورية أو المحكمة الاتحادية لمقاضاة الحكومة بسبب تأخرها في إرسال الطلب إلى مفوضية الانتخابات. وكان المالكي قد وعد محافظ صلاح الدين بزيارة المحافظة وبحث مشاكلها مع المجلس لإيجاد حلول لما تعانيه بعد انتهاء عطلة العيد. لكن التطورات التي حصلت في غضون ذلك وفي المقدمة منها الانقسام داخل القائمة العراقية من موضوع الفيدرالية، قد صب في خانة الموقف الذي يتبناه المالكي وائتلاف دولة القانون الذي يميل إلى رفض الفيدراليات لكونها تسلب المركز المزيد من السلطات التي يسميها هو السلطات الحصرية للحكومة.