بغداد: مصالحنا التجارية تمنعنا من تطبيقها.. وقرارنا مستقل

التبادل التجاري بين البلدين أكثر من ملياري دولار

TT

تدفع مصالح العراق التجارية الحكومة إلى التحفظ على قرار جامعة الدول العربية بفرض عقوبات اقتصادية على سوريا، في موقف قد لا يخلو أيضا من الحسابات السياسية، وسط تقارير عن ضغوطات إيرانية لدعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

وأكد مصدر عراقي مسؤول أن «التحفظ العراقي حيال القرار الذي اتخذته الجامعة العربية بشأن فرض عقوبات اقتصادية على سوريا مبني على إرادة سياسية مستقلة ولا رجعة عنه». وأضاف المصدر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «أي قرار يتخذه العراق هو قرار مستقل نابع من رؤيته لمصالحه الوطنية والقومية بعيدا عن الاصطفافات السياسية هنا أو هناك»، مشيرا إلى أن «لدى العراق علاقات واسعة مع سوريا، كما أن لدينا التزامات حيال الجالية العراقية المقيمة في سوريا، وهي جالية نحن مسؤولون عن أوضاعها في ظل ظروف صعبة، وبالتالي، فإن أي قرار يتخذه العراق لا يمكن أن يتجاهل هذه الحقائق على الأرض».

وأوضح أن «التبادل التجاري والاقتصادي بكل أنواعه سيستمر ولن يتأثر بأية قرارات يمكن أن تتخذ من قبل الجامعة العربية». وردا على سؤال حول كون العراق عضوا في الجامعة العربية وأن مسألة التزامه بقراراتها أمر مهم بالنسبة له أيضا، قال المسؤول العراقي إن «الجامعة العربية إذا كانت تكيل في الماضي بمكيالين، فإنها الآن باتت تكيل بعدة مكاييل في آن واحد»، معتبرا أنه «في حال بدأت الجامعة العربية تكيل بمكيال واحد حيال كل القضايا المطروحة، فسوف يكون لنا موقف آخر مما يجري». يذكر أن العراق كان قد امتنع عن التصويت على القرار الذي سبق أن اتخذته الجامعة العربية بتعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية ما لم تنفذ بنود المبادرة العربية لإنهاء النزاع في سوريا وفتح حوار غير مشروط مع المعارضة السورية ووقف عمليات القتل.

وبرر كبار المسؤولين العراقيين موقفهم بأنه نابع من استقلالية القرار العراقي وأهمية ما يجري في سوريا على الأوضاع في العراق بالإضافة إلى وجود جالية عراقية في سوريا تعد بمئات الآلاف.

وكان الرئيس العراقي جلال طالباني قال في وقت سابق إن العراق يخشى فعلا من البديل عن نظام الرئيس السوري بشار الأسد، مبديا قلقه من قوى متطرفة تعادي العراق، ومشددا على أن بغداد ترفض التدخل العسكري الأجنبي أو التركي في سوريا.

من جانبه، برر وكيل وزارة الخارجية العراقية لبيد عباوي موقف العراق قائلا إن «موقفنا في الأساس اقتصادي. هناك تبادل تجاري مع سوريا وحدود مشتركة معها وهذا القرار على كل حال سيطال الشعب السوري أكثر من النظام». واعتبر أن «هذا القرار ستكون له تداعيات علينا كما على سوريا»، مشيرا إلى «وجود نحو مائتي ألف عراقي يعيشون في سوريا ويعملون فيها ويتسلمون رواتب، وهناك مصالح مشتركة كثيرة».

وأكد عباوي أن هذا القرار «سيؤثر بشكل كبير مباشرة على شعبنا، ونحن كحكومة عراقية نسعى لتطبيق القرارات التي لا تضر بشعبنا».

وحاول العراق في البداية تحقيق توازن بين قربه من إيران الداعمة لدمشق و«العمق العربي» الذي ترتفع فيه أصوات تضغط على نظام بشار الأسد باتجاه إنهاء العنف. غير أن بغداد انحازت إلى سوريا عندما تحول الضغط السياسي إلى ممارسة على الأرض من خلال تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية، وإقرار عقوبات اقتصادية بحقها، وهما خطوتان تحفظ العراق عليهما.

ونقلت صحيفة «الصباح» الحكومية عن ممثل العراق لدى الجامعة العربية قيس العزاوي في تصريحات نشرتها أمس قوله إن «العلاقات التجارية بين العراق وسوريا لا تتيح تطبيق توصيات الجامعة العربية بالنسبة للعراق»، حسب ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.

ويشترك العراق مع سوريا في حدود تمتد بطول 605 كيلومترات، حيث تقع محافظات عراقية ذات غالبية سنية كان ينظر إليها على أنها معاقل للتمرد ضد القوات الأميركية والحكومة العراقية.

وتشير أرقام رسمية عراقية وسورية إلى أن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ العام الماضي ملياري دولار، فيما من المتوقع أن يصل نهاية العام الحالي إلى ثلاثة مليارات دولار.

وكان المركز السوري للإحصاء أعلن في عام 2009 أن 52.5 في المائة من الصادرات السورية تجري مع الدول العربية، وأن 31.4 من هذه البضائع السورية تتجه نحو العراق.

وفي نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بحث الجانبان إقامة منطقتي تجارة حرة مشتركة في منطقتي اليعربية والبوكمال في الجانب السوري ومنطقتي ربيعة والقائم في الجانب العراقي. ووقعت سوريا والعراق العام الماضي مذكرة تفاهم تتناول مشروع إنشاء منظومة خطوط أنابيب النفط والغاز لنقل النفط الخام والغاز العراقيين عبر سوريا، على أن يتم البدء بضخ النفط العراقي نهاية العام الحالي.