المنتقبات يضفن أزمة جديدة بين إسلاميي الصعيد والليبراليين.. والناخبون ترفعوا عن التصنيف الديني

الإخوان والسلفيون والجماعة الإسلامية واجهوا أحزاب «الكتلة المصرية»

منتقبة مصرية تقف أمام أحد ملصقات حزب الحرية والعدالة الدعائية في ثاني أيام الانتخابات البرلمانية بمصر أمس (أ.ب)
TT

لم تكن المشادات بينهما بسبب محاولة كشف وجوه المنتقبات أثناء التصويت فقط، بل كانت مواجهة محمومة لحصد أصوات الناخبين جرت أمس على ضفاف النيل جنوب مصر في الدوائر الانتخابية لبرلمان الثورة.. وكان هناك فريقان: الأول هو حزب جماعة الإخوان المسلمين (الحرية والعدالة) وحزب السلفيين (النور) وحزب الجماعة الإسلامية (البناء والتنمية) من جانب. والثاني أحزاب الحركات الليبرالية واليسارية وعلى رأسها حزبا المصريين الأحرار والوفد. وقالت مصادر من مراقبي الانتخابات إنه لوحظ أن الناخبين في الصعيد رفضوا التصنيف الديني الذي حاول العديد من المرشحين الترويج له لكسب الأصوات.

ولليوم الثاني على التوالي شهدت انتخابات مجلس الشعب (الغرفة الأولى في البرلمان) في الدوائر الانتخابية بمحافظات الصعيد إقبالا كبيرا من الناخبين على عملية الاقتراع، ومنافسة شرسة بين مرشحي التيارات الإسلامية والليبرالية واليسارية لكسب أصوات الناخبين. وحرص مرشحو التيارات الإسلامية المتمثلة في جانبها الأكبر في حزبي الحرية والعدالة والنور، على حشد أكبر عدد من الناخبين وكسب تعاطفهم الديني معهم، وحرصوا في سبيل ذلك على توفير وسائل الراحة من مواصلات وإرشادات لتيسير عملية الاقتراع على الناخبين. كما حرص عدد من الإسلاميين على الترويج من أجل إبراز دور للكنيسة في حشد الناخبين المسحيين للتصويت لصالح حزب المصريين الأحرار الليبرالي، وهو من ضمن أحزاب الكتلة المصرية التي تخوض الانتخابات ويعول عليها كثير من طلاب الدولة المدنية في مصر لمواجهة احتمال فوز الإسلاميين بالأغلبية البرلمانية. وزعم عدد من مرشحي التيار الإسلامي أن الكنيسة قامت بتوجيه الناخبين المسيحيين للتصويت لمرشحي أحزاب الكتلة المصرية.

وأبدى عدد كبير من المواطنين تفاؤلهم باستمرار عمليات التصويت بسهولة ويسر وفى هدوء لم يحدث من قبل، رغم الانفلات الأمني الذي شهده الشارع المصري منذ اندلاع ثورة «25 يناير (كانون الثاني)» التي أسقطت حكم الرئيس السابق حسني مبارك.

وفي محافظة الأقصر تواصل إقبال المواطنين أمس من الرجال والسيدات على السواء على عملية الاقتراع بمختلف اللجان الانتخابية. وامتدت الطوابير الخاصة بلجان السيدات إلى مسافات طويلة، كما أدلى الآلاف من أقباط الأقصر بأصواتهم في سابقة من نوعها في الأقصر، بينما شهدت بعض اللجان توقف العملية الانتخابية لبعض الساعات؛ منها توقف العملية الانتخابية باللجنتين رقمي 270 و271 بمدرسة «القرنة» الابتدائية بمحافظ الأقصر لتعرض القاضي المشرف على اللجنة لحالة إعياء شديد.

وشهدت لجان دوائر البداري وأبنوب والقوصية والفتح غياب بعض مندوبي اللجان، مما أسفر عن ارتباك شديد داخل اللجان ومشادات بين القضاة والناخبين بعد رفض القضاة بدء عملية التصويت إلا بعد ورود خطابات رسمية بالفاكس من غرفة عمليات الانتخابات بالمحافظة، تتضمن الموافقة على اختيار مندوبين آخرين.

وتزاحم الناخبون في طوابير أمام اللجان في أبو تيج، خاصة الأقباط، في الوقت الذي لم تشهد فيه القرى إقبالا كبيرا من الأهالي بسبب تصويت أغلبهم أول من أمس. وفى السياق نفسه، شهدت لجان مدينة أسيوط والقوصية وديروط تزاحما شديدا أمام اللجان، خاصة لجان السيدات للإدلاء بأصواتهن في الانتخابات بمختلف انتماءاتهن السياسية، على عكس لجان قرى الغنايم وساحل سليم ومركز أسيوط التي شهدت إقبالا ضعيفا منذ الصباح.

وشهدت مدينة إسنا عملية انتخابية هادئة لم يعكر صفوها إلا موقف طريف لأحد المختلين عقليا بالمدينة عندما قام بالهتاف حول اللجان الانتخابية قائلا «أسامة بن لادن سيقذف اللجان بالصواريخ»، مما دفع برجال الشرطة القائمين على تأمين اللجنة للقبض عليه وتحرير محضر له حمل رقم «4176 إداري قسم شرطة إسنا». أما محافظة أسيوط، فقد شهدت حصار قوات الشرطة العسكرية للجنة مدرسة الثانوية الزخرفية بحي الأربعين، بعد وصول أنباء عن محاولة بعض البلطجية إثارة الشغب حول اللجنة وتوجههم إليها بسيارة محملة بالعصي والأسلحة.

وعلى صعيد التنافس بين التيارات، قامت الجماعة الإسلامية بأسيوط بتوزيع بيان استنكرت فيه ما وصفته بـ«تجاوزات الكنيسة» حول إعطائها تعليمات لأبنائها المسيحيين بالتصويت لصالح مرشحي الكتلة المصرية ومرشحي حزب المصريين الأحرار ضد المرشحين الإسلاميين.

كما شهدت لجنة مدرسة بني مجد الابتدائية بمركز منفلوط مشادات كلامية بين الأهالي ورئيس اللجنة المشرفة على الانتخابات لإصراره على منع المنتقبات من التصويت إلا بعد الكشف عن هويتهن؛ وهو ما اعتبره أهالي المنطقة إهانة لبناتهم ومخالف لعاداتهم وتقاليدهم، في الوقت نفسه الذي أصرت فيه الناخبات على التصويت دون كشف وجوههن.

وفى محافظة البحر الأحمر، كاد النقاب أن يتسبب في أزمة بمدرسة بلال بن رباح بمدينة الغردقة بين رئيس اللجنة وبعض السلفيين لمطالبة رئيس اللجنة إحدى المنتقبات برفع النقاب، وهو ما قابلته بالرفض، وتدخل على أثر ذلك بعض السلفيين لتعنيف المسؤولين عن اللجنة. فيما شهدت اللجان المختلفة إقبالا متوسطا على التصويت وسط جو مليء بالتفاؤل، خاصة أن الناخبين من غالبية المسلمين والمسيحيين حرصوا على النأي بأنفسهم عن التجاذب الديني الذي حاول العديد من المرشحين الترويج له لكسب الأصوات.