«الشاي» و«آي باد» وسائل تسلية المصريين في طوابير الاقتراع

الانتخابات البرلمانية وحدت ما بين الضواحي الفقيرة والثرية

TT

وحدت الانتخابات البرلمانية التي بدأت مرحلتها الأولى أول من أمس بين سكان الأحياء الراقية والشعبية بالعاصمة المصرية، فرغم التباين الطبقي بين منطقة «زينهم» التي تعد من الأحياء الشعبية، وضاحية «الزمالك» التي تصنف كأرقى أحياء القاهرة، فإن الهدف كان مشتركا بين الجانبين، وهو المشاركة في صناعة مستقبل مصر.

«الشرق الأوسط» زارت الضاحيتين، ورصدت مظاهر الفرح بالانتخابات، وكيف يمضي الناخبون ساعات الوقوف الطويلة في طوابير الاقتراع، حيث يحرص كل ناخب على اصطحاب ما يشغله وربما ما يشغل أطفاله، إذا ما قرر اصطحابهم معه خلال ساعات الانتظار.

فعلى مقربة من طابور الناخبين في لجنة مدرسة «زين العابدين الميكانيكية» بمنطقة زينهم بالقاهرة، اتخذ أحد باعة الشاي مكانه مستغلا الزحام الشديد وطول فترة الانتظار - التي تمتد لساعات طويلة - لتحقيق مكاسب كبيرة.. وحوله انشغل عدد من الناخبين باحتساء أكواب الشاي، بعد أن توافدوا للإدلاء بأصواتهم في ساعة مبكرة من الصباح تفاديا للزحام. افترش كبار السن الذين أرهقهم الوقوف في الطوابير الأرصفة، وانخرطوا في التسلية في فترة الانتظار الطويلة بالأحاديث الجانبية وسؤال بعضهم بعضا عن الرموز الانتخابية التي سيختارونها.

إحدى الناخبات قالت: «لا أعرف أحدا من المرشحين، ولكني أتيت للإدلاء بصوتي. وأنا فرحانة، فهذه أول مرة أشارك في الانتخابات، كما أنني لا أريد أن أتعرض لغرامة عدم التصويت»، بينما تشهد اللجنة بعض الفوضى، نظرا لمحاولة بعض السيدات اختراق الطوابير سعيا للدخول أولا لرغبتهن في العودة سريعا لارتباطهن بأعمال منزلية أو بحجة أنهن يحملن أطفالا، وهو ما قوبل بالرفض من قبل المنتظرين في الطابور، حيث كان بعضهم يحمل أطفالا بدوره.

أما همت مصطفى (31 سنة) فخرجت بعد أن أدلت بصوتها وعلى وجهها علامات السعادة، وفسرتها لـ«الشرق الأوسط» بقولها: «جئت لأنتخب لأن صوتي أمانة، وقد اخترت حزب الحرية والعدالة لأنني أعرف الإخوان وأعرف مرشحيهم، فهم من أهل منطقتي، ويقدمون خدمات كثيرة لنا. أما المرشحون الآخرون فلا أعرفهم ولم أرَهم قبل ذلك». وتابعت: «أرفض مخاوف البعض من سيطرة الإسلاميين على الحكم، فأنا لا أخاف من الإخوان، رغم أن بعض الأشخاص قالوا لي إنهم سيفرضون على النساء لبس النقاب، ولكنني لا أصدق هذا الكلام».

مشهد الطوابير لا يختلف في حي الزمالك، لكن تختلف وسائل تمضية الوقت، التي تتنوع بين أجهزة الكومبيوتر المحمولة (اللاب توب) وأجهزة «آي باد» (I pad)، وربما الاستماع إلى الموسيقى من خلال أجهزة تشغيل الموسيقى الإلكترونية. وحرص كثيرون - خصوصا من الشباب - على نقل الأحداث أولا بأول إلى مواقع التواصل الاجتماعي مثل «توتير» و«فيس بوك»، وهو ما مثل نوعا من أنواع المراقبة المستقلة على العملية الانتخابية، بينما شهدت الكافيهات ومحلات التيك أواي في المنطقة رواجا كبيرا، مع حرص الناخبين على تناول بعض المشروبات والمأكولات الخفيفة، كما نشطت بشدة حركة بيع الكتب والصحف والمجلات في المنطقة مع تفضيل ناخبين آخرين اصطحاب كتاب أو جريدة لتمضية ساعات الانتظار.

وسط طابور من الناخبين، جلست أستاذة العلوم السياسية بالجامعة الأميركية، شيرين الغتيت، على مقعد صغير اصطحبته معها منهمكة في قراءة كتاب لقضاء ساعات الانتظار الطويلة. وتوضح أنها المرة الأولى التي تدلي فيها بصوتها في الانتخابات، لأنها قبل ذلك لم يكن الأمر يعنيها لوجود التزوير وعدم الثقة في نتائج الانتخابات، ولكن الآن الأمر اختلف تماما بعد الثورة.

وفي طابور آخر انهمكت أمينة دياب، طالبة الجامعة الأميركية، وهي تقرأ بعض الأوراق بتركيز شديد، وتقول: «أقف منذ أربع ساعات، لذا استذكر بعض الدروس لارتباطي باختبار في الصباح، ورغم ذلك لم أتخلف عن حضور الانتخابات، ورغم أنى في البداية كنت مقتنعة بمقاطعة هذه الانتخابات اعتراضا على ما حدث في ميدان التحرير مؤخرا، واعتراضا على نظام الانتخابات نفسه الذي يتسم بكثير من العشوائية، ولكني وجدت أن هذا القرار سيكون خاطئا، لأنه سيترك الفرصة الكبرى لمن لا نرغب فيهم من المرشحين».

وتتابع: «بالنسبة لي فضلت اختيار مرشحي الكتلة المصرية في القوائم والفردي، لأنني أرى أنها الأفضل بالنسبة لي، كما أنني لا أكتفي بالمشاركة ولكنى أراقب الانتخابات، فقد حصلنا على تدريب في الأيام الأخيرة في الجامعة عن كيفية المراقبة. وسنعد تقارير ستقدم لإحدى منظمات حقوق الإنسان».

أما شريفة وسارة وعالية فهن ثلاث طالبات يدرسن في الجامعتين الألمانية والأميركية بالقاهرة، حرصن على الوقوف لساعات في طابور طويل يمتد لمسافة ثلاثة شوارع للإدلاء بأصواتهن في الانتخابات. وأكدن على حرصهن على اختيار من يمثلهن في البرلمان، بعد أن قمن بدراسة البرامج المختلفة للأحزاب من خلال وسائل الإعلام، ومن خلال المناقشات مع الأسرة والأصدقاء للوصول إلى أفضل مرشح للتيار الذي يمثلهم في البرلمان القادم. وكان الاستقرار على اختيار «التيار الليبرالي» كونهن - حسب تعبيرهن - يتخوفن من سيطرة الإخوان المسلمين على البرلمان، «لأن لديهم طريقة فكر معينة يرغبون في فرضها على الجميع، ونحن نرفض فكرة خلط الدين والسياسة معا».