وفاة ابنة ستالين «أميرة الكرملين» في أميركا

شجبت ممارسات والدها ونظامه السياسي وحرقت جواز سفرها بعد هروبها بمساعدة «سي آي إيه»

كان والدها جوزيف ستالين يسميها العصفورة (أ.ب)
TT

سفيتلانا بيترز، الابنة الوحيدة للزعيم السوفياتي الراحل جوزيف ستالين، التي نبذت الشيوعية بعد هروبها إلى الغرب واستقرارها فيه، أُعلن عن وفاتها أول من أمس في ولاية ويسكونسن الأميركية عن عمر ناهز 85 عاما بعد صراع مع مرض سرطان القولون، وفقا لما قاله بنجامين ساوثويك، المدعي العام في مقاطعة ريتشلاند بالولاية.

استقرت سفيتلانا في وسط ويسكونسن بعد زواجها من المهندس المعماري ويليام بيترز وعاشت في أسبرنغ غرين قرب ماديسون وأنجبت الطفلة أولغا حين كانت مطلقة وقتها.

وشاركت وكالة المخابرات المركزية الأميركية في انشقاقها عن الاتحاد السوفياتي عام 1967 إبان فترة الحرب الباردة خلال وجودها في الهند. وقد ساعدت الوكالة سفيتلانا في الذهاب للولايات المتحدة عندما استقبلها صحافيون فور وصولها إلى هناك. وشجبت سفيتلانا الشيوعية ووالدها وسياساته ووصفته بأنه «وحش أخلاقي وروحي».

توفي جوزيف ستالين عام 1953 بعد 3 عقود من الحكم واتهم بالمسؤولية عن وفاة الملايين في معسكرات الاعتقال في سيبيريا.

وكتبت سفيتلانا بيترز مذكراتها في كتابين سجلا مبيعات كبيرة، منهما كتاب «عشرون رسالة لصديق» الذي أكسبها نحو مليون جنيه إسترليني، لكنها قالت في مقابلة نادرة عام 1990 مع صحيفة الـ«إندبندنت» إنها لا تملك أي أموال ولا دخل من مذكراتها وإنها تعيش مع أولغا في ذلك الوقت في منزل مستأجر تشاركه مع آخرين.

ووجدت لانا بارشينا، مخرجة الأفلام الوثائقية، سفيتلانا في دار للمسنين في ويسكونسن وأجرت معها مقابلة عن فيلم «سفيتلانا عن سفيتلانا» وهو فيلم عن حياتها المعقدة.

استخدمت سفيتلانا 3 أسماء في حياتها المضطربة، وكانت معروفة في الكرملين بالأميرة الصغيرة. بعد ولادتها في 28 فبراير (شباط) 1926 أطلق عليها اسم سفيتلانا ستالين، لكن بعد وفاة والدها، الذي حكم الاتحاد السوفياتي بقبضة حديدية، استخدمت اسم والدتها وأصبحت معروفة باسم سفيتلانا الليويفا. وفي عام 1970 بعد هروبها إلى الغرب وزواجها من رجل أميركي أصبح اسمها لانا بيترز.

وعلى الرغم من إعلان وفاتها أول من أمس، فإن هناك اعتقادا بسبب ما تسرب من داخل بيت العجزة الذي كانت تقطن فيه بأنها توفيت قبل عدة شهور. ورفضت الشركة التي قامت بمراسم الدفن تأكيد زمن الوفاة. كما حاولت صحيفة «نيويورك تايمز» الاتصال بابنتها أولغا بيترز، التي أصبح اسمها بعد الزواج تشريز إيفانز، إلا أنها رفضت الرد على المكالمات الهاتفية.

شهرة سفيتلانا العالمية كانت نتيجة أعمال ودور والدها في السياسة العالمية، وظل الاهتمام بها حيا لعدة عقود، على الرغم من أنها رفضت ماضيها وقالت إنها تكره هذا الجانب من حياتها، وإنها «أسيرة ظروفها» الخاصة، إلا أن كتب سيرتها الذاتية كانت الأكثر مبيعا بسبب اسمها وشهرة والدها وماضيها.

كانت الهند محطتها الأولى عندما غادرت الاتحاد السوفياتي عام 1967، ومن هناك اتجهت إلى أوروبا قبل أن تستقر نهائيا في الولايات المتحدة، إلا أنها عادت إلى الاتحاد السوفياتي ثانية عام 1984 واستقرت في جورجيا، البلد الذي انحدر منه والدها، قبل أن تغادرها إلى الغرب من خلال محطات أوروبية كثيرة قبل أن تستقر ثانية في الولايات المتحدة. إلا أنها خلال هذه الفترة اختفت عن الأنظار ولم يعد هناك أي اهتمام بها، وعاشت في بيوت بسيطة بعضها كان يفتقد أبسط الخدمات مثل الكهرباء والماء وكذلك في بيوت العجزة. «لا يمكنك أن تندم على قدرك» قالت سفيتلانا في إحدى المناسبات «لكن أتمنى لو تزوجت والدتي نجارا».

والدها جوزيف ستالين أطلق عليها لقب «العصفورة»، وكان يجلب لها الهدايا والأفلام الأميركية ويداعبها بحنان على الرغم ممَّا كان معروفا عنه من أنه الرجل الفولاذي، وهذا هو اسمه الذي اختاره في بداية عمله السياسي. اسمه الحقيقي هو أيوسيب بيساريونيس جوغاشفيلي. شهرتها وهي طفلة في الاتحاد السوفياتي جعل من اسمها موضة يحتذى بها وسمي آلاف المواليد سفيتلانا تيمنا بها، كما أُنتج عطر يحمل اسمها أيضا.

وعندما كانت في سن الـ18 وخلال تحضيرها طاولة العشاء في الكرملين دخل الغرفة عليها فجأة رئيس وزراء بريطانيا وينستون تشرشل، ويقال إنهما تجاذبا أطراف الحديث بإعجاب وتقدير، كما جاء في مذكراته. في تلك الفترة يقال إن والدها بدا بعيدا عن أجواء العائلة بسبب انشغاله بالحرب.

شقيقها ياكوف اعتقل من قبل القوات الألمانية، لكن والده ستالين رفض المبادلة، أي إطلاق سراحه مقابل إطلاق سراح أحد جنرالات الحرب الألمان المحتجزين لدى القوات السوفياتية، ولقي حتفه بعد ذلك.

لجوؤها إلى الاتحاد السوفياتي جاء بعد مغادرتها عام 1967 إلى الهند لتحمل رفات عشيقها الشيوعي الهندي برجيش سينغ، الذي مُنعت من الزواج منه من قبل سلطات بلدها. وخلال وجودها هناك تم تدبير هروبها إلى الولايات المتحدة من قبل «سي آي إيه» بعيدا عن أعين عملاء «كيه جي بي» الذين رافقوها في رحلتها إلى الهند. ولجأت أولا إلى السفارة الأميركية التي قدمت لها الحماية وسلطت أعين العالم عليها كونها ابنة ستالين. وتم ترتيب وصولها إلى الولايات المتحدة عن طريق بلدين أوروبيين، سويسرا وإيطاليا، حتى لا تسيء إلى العلاقات السوفياتية - الأميركية، التي تحسنت في تلك الفترة. واعترف بعض عملاء «كيه جي بي» عام 1992 في مقابلة مع «واشنطن بوست» بأنهم حاولوا في البداية اغتيالها إلا أنهم عدلوا عن ذلك.

لدى وصولها إلى الولايات المتحدة كانت وسائل الإعلام في انتظارها وعقدت مؤتمرا صحافيا شجبت فيه الاتحاد السوفياتي وممارسات والدها وشبهت «كيه جي بي» بالـ«غوستابو» كما قامت بعد ذلك بحرق جواز سفرها السوفياتي.