فرق اغتيالات تابعة لشبكة حقاني وراء 250 عملية إعدام في منطقة القبائل الباكستانية

تعمل بالتعاون مع تنظيم القاعدة وأفرادها يرتدون ملابس سوداء وشارات خضراء

TT

فرق الموت في أفغانستان في الوقت الذي تزداد فيه وتيرة القتل الموجه في مختلف أنحاء أفغانستان، يعتقد مسؤولون أميركيون وأفغان أن وراءها وحدات مناهضة لأجهزة الاستخبارات تابعة لشبكة حقاني وتنظيم القاعدة المتهمين بقتل مخبرين، وإرهاب المواطنين على الجانب الباكستاني والأفغاني من الحدود. وتقول الاستخبارات العسكرية إن تلك الوحدات تعرف باسم فرق الموت، وإن من ضمنها مجموعة كبيرة تعرف باسم «خراسان»، ويتركز نشاطها في منطقة القبائل الباكستانية، ويشتبه في مسؤوليتها عن تنفيذ 250 عملية اغتيال وإعدام. وتعمل مجموعة أخرى مجهولة الاسم في أفغانستان، وربما تكون مسؤولة عن مقتل 20 شخصا في إقليم خوست خلال فصل الصيف فقط، وتضمنت تلك العمليات قطع رأس كشف عنها بعد العثور على مقطع مصور بحوزة أحد المتمردين الذين ألقي القبض عليهم، ويظهر في المقطع 10 جثث مقطوعة الرأس مصطفة على طول طريق مرصوف، في الوقت الذي يضعونها فيه في شكل شبه دائري دون أن تظهر ملامحهم بوضوح، ويعد هذا مؤشرا آخر على أن شبكة حقاني، التي يتركز نشاطها في باكستان، أخطر جماعة من الجماعات المتمردة التي تستغل عدم انضباط الحدود إلى أقصى حد، كما توضح الضربة الجوية لحلف شمال الأطلسي التي أسفرت عن مقتل 24 جنديا باكستانيا في نهاية الأسبوع، وعلى الرغم من أن ملابسات الضربة لا تزال غامضة، فإنها أثرت سلبا على العلاقات الباكستانية - الأميركية، حتى وإن كانت توضح استخدام باكستان كملاذ آمن كجزء من استراتيجية التمرد. وكانت عمليات الأميركيين تتمحور حول مهاجمة المتمردين عند دخولهم لأفغانستان. وتوضح موجة الاغتيالات الجديدة أنه على الرغم من تصوير قوات حلف شمال الأطلسي للمتمردين باعتبارهم قوة يزداد ضعفها يوما بعد يوم، فإنه لا يزال نفوذ شبكة حقاني واضحا ليس فقط من خلال التفجيرات الكبيرة، بل أيضا من خلال الإرهاب وهيمنة الأفكار. حدثت واحدة من الحالات المرعبة التي نسبت إلى فرقة الموت الثانية بعد إلقاء القوات الأميركية القبض على أحد قادة شبكة حقاني في أفغانستان، وهو حاج مالي خان، وقتل نائبه خلال فصل الصيف من العام الحالي. وبعد أيام من هذا عثر على جثتين لشخصين متهمين بمساعدة الأميركيين بالقرب من القرية التي ألقي القبض فيها على خان، ووجدت أسياخ حديدية مغروسة في رجليه، ونزعت أحشاء الضحية الأخرى وتم إطلاق الرصاص على رأسيهما وسحقوا بالجرافة، مما أثار الرعب في القرية بأكملها، وقال شاهد عيان: «لا يستطيع المرء أن يتعرف عليهما».

وارتفع عدد الاغتيالات في مختلف أنحاء أفغانستان بنسبة 61 في المائة، حيث وصل إلى 131 عملية قتل خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي مقارنة بالفترة نفسها من 2010، بحسب إحصاءات حلف شمال الأطلسي. ويقول مسؤولون في الأمم المتحدة إنهم بدأوا يلاحظون زيادة كبيرة في عمليات القتل عام 2010، حيث وصل عدد ضحايا الاغتيالات إلى 462، بحسب سجلات الأمم المتحدة، وهو ضعف العدد الذي سجل العام الذي يسبقه، ربما لا تشمل الإحصاءات الكثير من عمليات القتل التي حدثت في المناطق النائية، مثل عمليات قطع الرأس الجماعي، بسبب خوف أهل القرى من الإبلاغ عنها. ويقول مسؤولون في الاستخبارات الأميركية إن هذه الطريقة تشبه الطريقة التي تتبعها المجموعة مجهولة الاسم التي تتخذ من أفغانستان مقرا لها ومجموعة «خراسان». ويُعتقد أن مجموعة «خراسان» تأسست بداية عام 2009 في شمال وزيرستان، مقر شبكة حقاني، ردا على الهجمات الجوية الأميركية التي تتم بطائرات من دون طيار. ويقال إن المجموعة ترتدي ملابس سوداء وشارات خضراء تحمل اسم «اتحاد المجاهدين بخراسان»، وتعمل بالتنسيق مع تنظيم القاعدة في المنطقة، ويتراوح عدد أفرادها من 100 إلى 2000. وأشار خان أثناء التحقيق معه إلى أن هناك أسلحة أخرى مستخدمة في معركة بسط النفوذ، وأوضح أربعة مسؤولين مطلعين على التحقيق أن القيادي في شبكة حقاني أخبر المحققين بأن حركة طالبان تتواصل مع مسؤولين في الحكومة الأفغانية والجيش خلال الصيف، لإقناعهم بالتوقيع على وثيقة من أربع صفحات تتضمن تعهدا سريا منهم بالولاء لقيادة حركة طالبان. وأكد خان أنه حصل بنفسه على توقيع 20 مسؤولا. وقال أحد المسؤولين الأميركيين الذي رفض ذكر اسمه لسرية التحقيقات: «إنهم يخبرون المسؤولين أن طالبان سوف تعود إلى السلطة خلال 20 يوما من مغادرة قوات حلف شمال الأطلسي، لذا إذا أرادوا البقاء، فسيتعين عليهم التوقيع». وقول مسؤولون إنهم لم يجدوا ما يؤكد هذا الزعم. في أماكن مثل ساباري التي تقع في إقليم يبعد أميالا عن الحدود الباكستانية، تؤتي عمليات الاغتيال تأثيرها المنشود. وبعد تنفيذ إعدام ثلاثة رجال في بازار في قرية مكتب منذ أربعة أشهر مضت، أصيب أصحاب المتاجر برهبة منعتهم من إبلاغ السلطات بعمليات القتل. كانت معاملات الضحايا مع قوات التحالف محدودة في أغلب الحالات بحسب المسؤولين والشهود وأصدقاء وأقارب الضحايا، ولم يعرف الأميركيون والأفغان عن حالات القتل إلا بعد العثور على مقطع مصور على الهاتف المحمول الخاص بأحد المتمردين الذي تم إلقاء القبض عليه. واستطاع المسؤولون الأميركيون الذين عرضوا المقطع المصور على صحافيين من صحيفة «نيويورك تايمز»، التعرف على موقع الجريمة، لكنهم يعتقدون أن الجريمة تمت في أكتوبر (تشرين الأول)، أي بعد ثلاثة أشهر من الموعد الذي حدده شهود العيان. ويظهر في المقطع عدد من الرجال المسلحين الذين يطلقون النار على رجلين، بينما يركض أصحاب المحلات بحثا عن مكان ليحتموا به، وبعد ذلك قتل المسلحون رجلا ثالثا يجلس على كرسي أبيض من البلاستيك أمام متجره، ومع سقوط الرجل إلى الوراء، يطلق أحد الرجال المسلحين عشر طلقات على وجهه وصدره. بحسب أحمد الله، شاهد عيان وصاحب متجر يبلغ من العمر 25 عاما، صاح أحد المسلحين بعد القتل: «سوف يلقى أي شخص يحاول مساعدة الأميركيين ويعمل لحسابهم هذا المصير». وقال أحمد الله إن أحدا لم يجرؤ على الإبلاغ عن الحادثة حتى أسر الضحايا الذين حملوا الجثث. وأضاف: «علينا فقط أن نشاهد ونصمت ونشاهد ما يحدث لهؤلاء الفلاحين المساكين».

وأوضح قائلا: «لقد كنت أعرف أولئك الضحايا.. واحد منهم كان صاحب متجر والآخران عاملان.. إنهم أبرياء». وقال مسؤول في الجيش الأميركي شاهد المقطع المصور إن عدم إبلاغ أهل القرية السلطات بالجريمة أمر غير مفاجئ بالنسبة إليه، وقال رافضا ذكر اسمه: «يعيش سكان ساباري في رعب طوال الوقت. عندما نشن هجوما على قيادي في شبكة حقاني» يرتكب 15 فردا من فرق الموت مذابح بين الناس.

وقد قتل المتمردون الشهر الماضي رجلا آخر في سوق، بعد يومين من غارة ليلية لقوات أميركية وأفغانية على قرية، هذه المرة كان الضحية تاجرا زائرا من خوست اسمه نصيب، وقد سحب من سيارته على مرأى من ابنه البالغ من العمر خمس سنوات، والذي شاهد الواقعة من المقعد الخلفي، حيث سحبه خاطفوه إلى السوق وقتلوه في رابعة النهار.

بيد أنه عندما سئل عن حوادث القتل أجاب حاكم المقاطعة ومسؤول الشرطة المحلية في ساباري بأنهما لا يعلمان شيئا عنها. وقال حاكم المقاطعة، دولت خان قيومي: «أنا أرفض هذه التقارير كلية، ويمكنني أن أقول لك إنه خلال الأشهر الخمسة الماضية لم نشاهد أيا من هذه الحوادث».

أحاطت الشكوك بأشرطة قطع الرؤوس، فيقول محمد زارين، قائد وحدة الشرطة السرية الخاصة التي تحقق في فرق الموت، إن الأشخاص كانوا من خوست وقتلوا قبل ثلاثة أشهر في منطقة مانغال في مقاطعة موسى خايل الجبلية، في المقاطعة التي ينشط فيها خان. ولا تملك قوات الناتو أو الأمم المتحدة التي تتعقب فرق الموت أي سجلات عن عمليات قطع رؤوس جماعية لعمليات قتل مكتب بازار، أو الشخصين اللذين قتلا في أعقاب اعتقال، وهو ما يعكس السرية الكبيرة التي يحيط بها القرويون عمليات القتل.

وبعد غارة سابقة فشلت في القبض على خان في منطقة موسى خايل، تلقت قوات التحالف تقريرا بأن ثلاثة من زعماء القرى اختطفوا وتم قطع رؤوس ثلاثة مراهقين.

وقال الكولونيل كريستوفر تونر، قائد فريق اللواء القتالي الثالث التابع لفرقة المشاة الأولى، والمتمركز في إقليمي خوست وباكتيا: «عندما ذهبنا إلى هناك للتحقيق في الواقعة لم نحصل على أي جثث أو أدلة، لكن كان هناك ما يكفي من الأحداث التي تجعلني أشكك في أن ذلك صحيح».

وبالمثل يروي مسؤولو الصحة العامة أنهم يسمعون عشرات الروايات عن عمليات القتل هذه، لكنهم نادرا ما يتمكنون من تأكيدها، فيقول الدكتور فاضل محمد مانغال، بمستشفى إقليم: «الأفراد لا يحضرون الجثث إلى المستشفى خشية طالبان».

وقد فقد زابيت أمين جان، المواطن السابق في موسى خايل، أربعة من أشقائه على يد المتمردين، بمن في ذلك طالبان في العشرينات من العمر، وقد عثر على جثثهم التي أمطرت بوابل من الرصاص في يونيو (حزيران). ووجدت رسالة في يد إحدى الجثث تقول إن الرجال تجاهلوا التحذيرات المتكررة بالتوقف عن العمل مع قوات التحالف، وقالت الرسالة: «لم يكن من سبيل آخر سوى القيام بذلك».

ويشير جان إلى أن أشقاءه الأصغر منه لم تكن لهم صلة بالتحالف، وأنهم قتلوا لأنه وأخا آخر له كانا يعملان بالسياسة.

وقال: «اعتادت الناس أن يأتوا إلى مقاطعتنا من أجل التنزه، لأن منطقتنا مليئة بالجبال وتنتشر فيها أشجار الصنوبر والجوز، لكن الأفراد يهربون الآن إلى مدينة خوست أو كابل أو باكستان، بسبب حوادث القتل الكثيرة، ولأنهم يعلمون أن الحكومة لن تستطيع حمايتهم».

*شارك راي ريفيرا من ساباري وشريف الله ساهاك من كابل وإيريك شميدت من واشنطن

*خدمة «نيويورك تايمز»