مصر تستأنف الجدل حول حكومة الجنزوري

يستعد لتسمية 32 وزيرا.. والإسلاميون يدعمون موقفه

TT

استأنفت مصر أمس جدل تشكيل حكومة الإنقاذ الوطني بعد هدنة دامت 48 ساعة، تحولت فيها الأنظار نحو المرحلة الأولى في الانتخابات البرلمانية. وفي حين يواجه الدكتور كمال الجنزوري (78 عاما)، رئيس الحكومة المكلف، رفضا من ثوار التحرير، يرى مراقبون أن اختيار أسماء مقبولة في وزارة الجنزوري قد ينقذ حكومته. كما يصب تقدم الإسلاميين في الانتخابات البرلمانية في صالحه، بعد إعلانهم دعمهم لحكومته، بينما لا يزال المجلس العسكري الحاكم في البلاد يراهن على تشكيل مجلس استشاري يقلل الضغط على حكومة الجنزوري المرتقبة.

وتتقلص خيارات الجنزوري أمام رفض عدد من القيادات القريبة من شباب التحرير الموافقة على الانضمام إلى حكومته، وإعلان قوى رئيسية تفضيلها الانضمام إلى حكومة منتخبة، على الرغم من أنه من المستبعد تكليف الأغلبية البرلمانية بتشكيل الحكومة وفقا لقيادات بالمجلس العسكري.

ويقترب الجنزوري، الذي شغل في التسعينات موقع رئيس الوزراء وكان مكروها من بعض رجال مبارك، من الإبقاء على سبعة وزراء من حكومة الدكتور عصام شرف المستقيلة، على رأسهم وزراء الكهرباء حسن يونس (تكنوقراط.. استمر في موقعه عبر أربع وزارات منذ عهد مبارك)، والصحة عمرو حلمي (عضو حركة كفاية)، والسياحة منير فخري عبد النور (الوفد الليبرالي)، والتضامن الاجتماعي جودة عبد الخالق (التجمع اليساري)، والإسكان محمد فتحي البرادعي (تكنوقراط)، والعدل المستشار محمد عبد العزيز الجندي (قاض سابق)، والتعاون الدولي فايزة أبو النجا (مستمرة منذ عهد الرئيس السابق).

واجتمع أمس المجلس العسكري بعدد من القيادات الحزبية ومرشحي الرئاسة المحتملين لمناقشة تشكيل المجلس الاستشاري، في محاولة لجسر الهوة بين ثوار التحرير الذين يطالبون بمجلس رئاسي مدني، أو حكومة برئاسة الدكتور محمد البرادعي المدير السابق لوكالة الطاقة الذرية، بعد أن أعلن استعداده للتخلي عن الترشح للرئاسة في البلاد.

وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن المشير محمد حسين طنطاوي، القائد العام للقوات المسلحة رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، اجتمع أمس مع عدد من رموز القوى السياسية، أبرزهم عمرو موسى ومحمد سليم العوا، موضحا أن اللقاء يأتي في إطار التشاور حول مستجدات الأحداث الجارية على الساحة الداخلية. وحضر اللقاء الفريق سامي عنان نائب رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، رئيس أركان حرب القوات المسلحة.

وتصب نتائج المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية الجارية في صالح حكومة الجنزوري، حيث عكس تقدم الإسلاميين في عدة محافظات ثقلهم الشعبي. وكانت معظم الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية (الحرية والعدالة وحزب النور السلفي) أعلنت دعمها لتولي الجنزوري الحكومة المقبلة، وهو ما قد يعطيه شرعية شعبية، وفقا للمراقبين.

ولا يزال الجنزوري يبحث عن دور لشباب الثورة في حكومته، وسط مطالبات من شخصيات عامة ومرشحين محتملين بضرورة الاستعانة بالشباب في الحكومة الانتقالية؛ لكن غياب ممثلين رئيسيين لشباب الميدان يطرح صعوبات متزايدة أمام رئيس الحكومة المكلف.

وتبرز حقيبة وزارة الداخلية كمأزق حقيقي أمام الجنزوري، فاللواء منصور العيسوي وزير الداخلية في الوزارة المستقيلة لم يعد وجها مقبولا لشباب الثورة الذين حملوه مسؤولية مقتل 41 ناشطا سياسيا في أحداث شارع محمد محمود بالقاهرة قبل نحو أسبوع.

وتتجاوز أزمة الجنزوري حدود تسمية وزير للداخلية، نحو الإجراءات التي يعتزم الإعلان عنها لهيكلة مؤسسة اعتمد عليها نظام الرئيس السابق في قمع معارضيه طوال ثلاثة عقود مضت، وتحقيق الأمن الذي غاب عن الشارع المصري منذ يناير (كانون الثاني) الماضي.

ويرى مراقبون أن أسماء التشكيل الوزاري لحكومة الجنزوري، التي تضم 32 وزيرا، قد تنقذ حكومته وتخفف من حدة الانتقادات التي يواجها «الرجل السبعيني» في ميدان التحرير الذي يطالب بتسمية البرادعي رئيسا للوزراء.

وقالت مصادر في ائتلاف شباب الثورة إن الدعوة لمظاهرة حاشدة الجمعة المقبلة، قد لا تحمل مطلب إقالة الجنزوري.. «هناك فرصة للتراجع.. هذا ما يكشف عنه على الأقل شعار المليونية المقبلة وهو رد الاعتبار لأبطال محمد محمود (وهو الشارع الذي شهد اشتباكات دامية بين المتظاهرين وقوات الشرطة). الجنزوري قد ينجح في مهمته إذا لبت أسماء وزرائه طموحات ميدان التحرير».