اليمن: احتفالات مزدوجة بعيد الاستقلال في الجنوب ومظاهرات للمطالبة بـ«فك الارتباط»

استمرار الحملات الإعلامية وأنباء عن «ثورة مضادة»

يمنيون يحملون لافتة خلال تظاهرة للمطالبة بحماية هوية جنوب اليمن في مدينة عدن يوم امس (أ .ف. ب)
TT

احتفل اليمن أمس، بالذكرى 44 للاستقلال عن الاستعمار البريطاني، للمرة الأولى منذ أن تنحى الرئيس علي عبد الله صالح عن السلطة وبات رئيسا شرفيا، وقد احتفل شباب الثورة في ساحات التغيير والحرية في عدد من المحافظات بالمناسبة، مؤكدين استمرار التصعيد الثوري حتى الإطاحة بـ«بقية رموز النظام»، وفي مدينة عدن أخذت الاحتفالات طابعين مختلفين، الأول لشباب الثورة، حيث شارك أكثر من 100 شاب وشابة في «كرنفال» احتفالي بذكرى الاستقلال، أما الطابع الآخر للاحتفال فشهدته معظم المحافظات الجنوبية وذلك من قبل أنصار «الحراك الجنوبي» الذي جدد، بالمناسبة، مطالبته بما يسميه «فك الارتباط» أو «الانفصال» عن شمال اليمن.

وخرجت مظاهرات حاشدة لقوى «الحراك الجنوبي» في عدن ولحج وحضرموت وغيرها من المحافظات الجنوبية وهي تهتف لموضوع «استعادة الدولة» وترفع أعلام «جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية» السابقة التي توحدت في 22 مايو (أيار) عام 1990، وصور زعماء اليمن السابقين كالرئيسين علي ناصر محمد وعلي سالم البيض.

وخفت نشاط النشطاء الجنوبيين خلال الأشهر الماضية التي سادت فيها الاحتجاجات المطالبة بالإطاحة بنظام الرئيس علي عبد الله صالح، غير أن الخفوت الميداني جرى تعويضه بنشاطات ومؤتمرات ولقاءات في الخارج للقوى والفصائل الجنوبية لتوحيد الموقف الجنوبي مما يجري في اليمن، حيث احتضنت العاصمة المصرية القاهرة سلسلة من الاجتماعات بهذا الخصوص في الآونة الأخيرة، آخرها الأسبوع الماضي.

إلى ذلك، ومنذ توقيع الرئيس علي عبد الله صالح على المبادرة الخليجية في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، في العاصمة السعودية الرياض، وما زالت الأوضاع الميدانية على الساحة اليمنية تراوح مكانها، وفي ضوء نص المبادرة فقد نقل صالح بتوقيعه صلاحياته كاملة إلى نائبه الفريق الركن عبد ربه منصور هادي، الذي أصبح رئيسا بالإنابة، إن جاز التعبير.

وقالت مصادر إعلامية في المعارضة اليمنية إن اجتماعا عقد، اليومين الماضيين، برئاسة العميد الركن طارق محمد عبد الله صالح، نجل شقيق الرئيس صالح، قائد الحرس الرئاسي الخاص، وإن الاجتماع، الذي شاركت فيه رموز النظام، خصص للتحضير لفعاليات ومظاهرات مناوئة لحكومة الوفاق الوطني التي كلف بتشكيلها القيادي المعارض، محمد سالم باسندوه، وإن الاجتماع خصص مليارات الريالات اليمنية لتلك المظاهرات التي وصفت بـ«ثورة مضادة»، تهدف إلى إجهاض مسألة تنحي الرئيس صالح وأركان نظامه، خاصة أن أفراد عائلة صالح هم من يمسكون بمفاصل الأجهزة العسكرية والأمنية في البلاد، واتهمت المصادر المعارضة من تصفهم بـ«بقايا النظام» بالتحضير لـ«أعمال بلطجة» بتلك الأموال «التي سحبت من الخزينة العامة للدولة».

غير أن مصدرا إعلاميا رسميا، سخر من تلك «المزاعم التي أوردتها الأبواق الإعلامية التابعة للقوى الظلامية والتي تحدثت عن اجتماع مزعوم قالت إنه تم خلاله إقرار خطة للقيام بثورة مضادة وأعمال شغب وحملة تحريضية على حكومة الوفاق». وقال المصدر، في بيان رسمي، إن «تلك الأنباء والمزاعم التي لا وجود لها مطلقا على أرض الواقع تندرج في إطار الممارسات التي اعتادت عليها تلك الأبواق المأجورة من خلال لجوئها وبصورة مستمرة إلى اختلاق الأكاذيب وترويج الشائعات المضللة وتزييف الحقائق بهدف تضليل الرأي العام والتغطية على الأعمال والممارسات التخريبية والإرهابية والجرائم المنكرة التي ترتكبها القوى الظلامية والتي تستهدف الوطن ومكتسباته ومنجزاته إلى جانب المواطنين الأبرياء وأبناء القوات المسلحة والأمن».

واتهم المصدر الرسمي ما تورده «تلك الأبواق» بأنه يندرج في إطار «النهج التصعيدي من جانب القوى الظلامية»، التي قال إنها تحاول «الالتفاف على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة التي أسقطت المخططات التآمرية التي تستهدف اليمن ووحدته وأمنه واستقراره».

ويرى نعمان قائد سيف، الكاتب والمحلل السياسي في عدن أن تبادل الاتهامات بين «طرفي المبادرة الخليجية»، كما وصفهما، أنه في «حكم الوارد منذ اللحظة الأولى للتوقيع». ويقول نعمان لـ«الشرق الأوسط» إن ما يجري الآن «ما هو إلا امتداد لما بدأه، وسيواصلان تبادل القذائف الإعلامية حتى بعد تشكيل حكومتهما الائتلافية المرتقبة». ويؤكد أن «الثقة بين الطرفين مهزوزة، بل تكاد أن تكون معدومة، على خلفية معرفتهما بعضهما ببعض منذ تقاسمهما/ حكمهما المشترك في سابق عهود تحالفاتهما سواء الثنائية (المؤتمر + الاشتراكي) (المؤتمر + الإصلاح) والثلاثية (المؤتمر + الاشتراكي + الإصلاح)، والحل مرهون في تنازل الطرفين عن متاريسهما، وإن كان الأمر صعبا عليهما».

أما وليد العماري، واحد من قيادات الثورة الشبابية في اليمن بساحة التغيير في صنعاء، فيعتقد أنه ليس مستغربا استمرار الحملات الإعلامية بين الأطراف اليمنية «بل المستغرب أن تتوقف بعد أن دشنها صالح لحظة التوقيع بوصف المعارضة بالعمالة والصهيوينة». ويقول العماري لـ«الشرق الأوسط» إنه «حتى اللحظة لم يتغير شيء على مستوى صناعة القرار في مؤسسات السلطة ولم نلمس نية صادقة لتنفيذ المبادرة ولعل كلمة صالح بأن العبرة في التنفيذ هي رسالة واضحة لأتباعه بأن يعملوا على إفشال المبادرة».